قلعة حصينة لتأمين الرومان.. حصن بابليون شاهد على حضارات وممالك حكمت مصر
لا يزال المكان الذي يوجد فيه حصن بابليون حتى يومنا هذا شاهدًا على الحضارات والممالك التي حكمت مصر، ويعد معلمًا على أهمية المدينة موقعًا وتاريخًا، وهي التي كانت تشغل بال الملوك وأقضت مضاجع القادة من الغزاة والفاتحين منذ فجر التاريخ.
وزادت مكانة الموقع خاصة في التاريخ العربي الإسلامي عندما حاصره المسلمون بقيادة الصحابي عمرو بن العاص -رضي الله عنه- لعدة أشهر، قبل أن يفتحوه وتدين لهم جميع مصر من بعده.
موضوعات قد تهمك
عامود السواري.. من أشهر المعالم الأثرية في الإسكندرية لكنه غير معروف
من أهم الحصون على ساحل المتوسط.. قلعة قايتباي شاهدة على عظمة العصر المملوكي
وادي السبوع بمنطقة النوبة بأسوان.. شاهد على عظمة الدولة الفرعونية
الصدفة وحدها قادت إلى اكتشافه.. المسرح الروماني بالإسكندرية
أين يقع حصن بابليون
يقع حصن بابليون فى موقع إستراتيجي مهم ومميز، فهو يقع في مدينة القاهرة القديمة في حي الفسطاط، بجانب المتحف القبطي، وقد تم اختيار المكان نظراً لسيطرته على طريق الصحراء من جهة الشرق ولمناعته الحربية، كما أنه قريبٌ من النيل ويسيطر على طريقه المؤدي إلى الوجه القبلي والوجه البحري، فكان درعاً للحماية ضد أي احتجاجٍ أو ثورة.
تاريخ بناء الحصن وسبب البناء
أمر الإمبراطور الروماني تراجان، منذ ما يقرب من عشرين قرنًا مضت، وتحديدًا في منتصف القرن الثاني الميلادى، ببناء قلعة حصينة لتأمين الحماية العسكرية الرومانية، ويشكل خط الدفاع الأول من جهة بوابة مصر الشرقية، لذا تم اختيار موقعه المتوسط لمصر، بحيث يربط الجهة القبلية مع الجهة البحرية لها، مما يُسّهل من سيطرة الرومان على إخماد أية ثورات ضدهم من الجنوب أو الشمال وقام بترميمه وتوسيعه وتقويته الإمبراطور الرومانى أركاديوس في القرن الرابع حسب رأى العلامة القبطى مرقص سميكة باشا.
كان لحصن بابليون تاريخ مهمٌ امتد حتى الفتح الإسلامي، ففي عام 641 هـ توجه “عمرو ابن العاص” الى مصر، حيث سقط الحصن في يد عمرو بن العاص، بعد حصار دام نحو سبعة أشهر 18 ربيع الآخر 20 هـ وكان سقوطه إيذانًا بفتح مصر.
سبب تسمية الحصن بهذا الاسم
تقول بعض الروايات إن اسم الحصن مستوحى من العاصمة البابلية، وتعود قصة العاصمة عندما هزم الفرعون سنوسرت البابليين، ليجيء بالسجناء إلى مصر حتى يستعبدوهم ولكنهم تمردوا وبنوا حصناً للدفاع عن أنفسهم، ومنذ ذلك الوقت سُميت ببابل.
هناك اسمٌ آخر للحصن وهو “قصر الشمع” ويعود لعادةٍ قديمة، فعند بداية كل شهر يتم تزيين أبراج الحصن بالشموع، فيستطيع الناس أن يتابعوا حركة الشمس من برجٍ إلى آخر عندما يتم إيقادها.
مساحة الحصن
مساحة الحصن تصل إلى 500 مترٍ مربع، وقد تم استخدام أحجاراً في بنائه تعود لمعابد فرعونية، ليتم استكماله بالطوب الأحمر، لم يتبقَ من مباني الحصن القديم سوى الباب القبلي حالياً وله برجان كبيران، بُنيت الكنيسة المعلقة فوق أحدهما، وكنيسة مار جرجس فوق الآخر.
استعمل في بناء الحصن أحجار أخذت من معابد فرعونية وأكملت بالطوب الأحمر مقاسه 30*20*15 سم ولم يبق من مبانى الحصن سوى الباب القبلى يكتنفه برجان كبيران- وقد بنى فوق أحد البرجين (الجزء القبلى منه) الكنيسة المعلقة- كما بنى فوق البرج الموجود عند مدخل المتحف القبلى كنيسة مار جرجس الرومانى للروم الأرثوذكس (الملكيين) أما باقى الحصن من الجهة الشرقية والغربية بنيت الكنائس : أبو سرجة – ومار جرجس – والعذراء قصرية الريحان – ودير مار جرجس للراهبات – ومعبد لليهود.
الآثار المُحيطة بالحصن
عدة حضارت تركت بصمتها في الموقع، فمنطقة مصر القديمة، تُعدّ من أبرز المناطق التاريخية والحضارية في مصر، ولأهمّيتها أُدرِجَت في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979م، ويُحيط بحصن بابليون العديد من الآثار الهامّة، ومن أبرزها:
1 ـ أطلال مدينة الفسطاط:
بناها عمرو بن العاص عام 21هـ، وتُعدّ من أقدم المدن الإسلامية في مصر، وكانت عاصمة مصر الحضارية حتى عام 1169م، وتقع هذه الأطلال إلى الشمال من حصن بابليون، وخلف جامع عمرو بن العاص.
2 ـ قباب السبع بنات:
هي أقدم الأضرحة الفاطمية في مصر، وتقع في جنوب الفسطاط، وترجع لعام 1010م، سُميّت بقباب السبع بنات؛ لأنها تعود لبنات أبى سعيد المغربي، أحد وزراء الخليفة الحاكم، الذي انتقم منه من خلال قتله لعائلته في مذبحة حدثت في ذلك العام. جامع عمرو بن العاص: هو أوّل جامع بُنِيَ في مصر وأفريقيا على يد عمرو بن العاص عام 21هـ، وتُحيط به خطط الفسطاط من ثلاث جهات، ويُطلّ على نهر النيل، ويُشبِه في بنائه مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام؛ حيثُ يتكوّن من مستطيل مكشوف ويُحيط به أروقة من 4 جهات.
3 ـ مسجد محمد الصغير:
يرجِع هذا المسجد إلى محمد بن أبى بكر الصديق رضي الله عنهما، وهو من المساجد المُعلّقة التي يُصعَد إليها بِدَرَج، ويقع مدخله الرئيسي في الجهة الجنوبية الغربية. كنائس دير مار جرجس: تُسمّى بالكنيسة المُعلّقة، وهي أهمّ كنائس مصر، وترجِع إلى القرن التاسع الميلادي إلى ما بعد الفتح الإسلامي لمصر، وسُمّيت بهذا الاسم لبنائها على بُرجين من أبراج الحصن الروماني بابليون.
4 ـ كنيسة دير أبى سيفين:
تقع شمال حصن بابليون، وتمّ هدم الكنيسة في القرن الثامن الميلادي، وتبقّى كنيسة صغيرة باسم القديسين يوحنا المعمدان ويعقوب، وفي زمن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي، تم تجديد الكنيسة، ثم أُحرِقَت في عام 1868م.
5 ـ كنيسة الست بربارة:
يرجِع تاريخ هذه الكنسية إلى القرنين الرابع والخامس الميلادي، وتقع داخل دير مار جرجس،، وتُنسَب هذه الكنيسة إلى القدّيسة بربارة التي قُتِلَت على يدّ ابنها بعد اعتناقها للدّين المسيحي.