«القصير».. مدينة عشقها أولياء الله الصالحين

رضوان سلام
تتمتع مدينة القصير، جنوب البحر الأحمر، بموقعها الجغرافي الفريد، إلى جانب أهميتها التجارية، حيث تعد القصير من أكثر المدن التي تضم أضرحة ومقامات لأولياء الله الصالحين.
والغريب في مدينة القصير أن معظم أولياء الله الصالحين الذين بنيت لهم أضرحة بالمدينة، كانوا من بلاد أخرى غير مصر، فمنهم من جاء ضمن البحارة وأصحاب التجارة والمتجهين لأداء فريضة الحج حيث يوجد نحو 20 ضريحا ومقاما وبعض من هذه الأضرحة تضم رفات لهم وبعضها الآخر تذكاري.
وهذه الأضرحة والمقامات سجلها في خريطة مفصلة الدكتور «كارل بنيامين كلوسنجر» المانى الجنسية وكان طبيبًا بالحجر الصحي في عهد الخديو إسماعيل عام ١٨٧٥، حيث سجل فيها عددا من الأضرحة منها «ضريحا الشيخين عبدالقادر الجيلانى وأبوالحسن الشاذلي»، بموازاة ساحل البحر، والشيخ عبدالغفار اليمنى، وساحته تضم عدة قبور، وضريح الشيخ عبدالله الهندي، والشيخ أحمد السيسي، والشيخ سليم، والشيخ الفاسى في حارة فوق، والشيخ أبوريالات في مواجهة شارع أحمد عرابي، والشيخ فراج بجوار مخبز سعد جيلاني، وضريح الشيخ التكرورى وهو من بلاد التكرور من تمبكتو في مالي غرب أفريقيا، وضريح الشيخ سلمان خلف الشيخ عبدالغفار، والشيخ الزيلعى بن أحمد من بربرة في الصومال، والشيخ الطرمبى وكان شمال قسم الشرطة القديم.
ولكل ضريح قصة وعلى سبيل المثال، على الرغم من أن الشيخ عبدالقادر الجيلاني مدفون في الهند إلا أن مريديه بنوا له ضريحا بالقصير، أما ضريح عبدالغفار اليماني وهو يمني الأصل، حيث وافته المنية ودفن بالقصير وبنى له ضريح، كما دفن بجواره أحد محافظي القصير حين ذاك حسن أغا وهو تركي الجنسية، والشيخ عبدالله الهندي وهو من الهند، وضريح الشيخ الزيلعي من مدينة زيلع بالصومال، والشيخ الفاسي نسبة إلى مدينة فاس في مراكش، والشيخ التكروري من تكرور بمالي، والشيخ سليم وأحمد السيسي وجاد الله وسليمان والطربمبي وأبوريالات وأبوفراج وغيرهم.
ولهذه الأضرحة طقوس دينية لا تتكرر في أي مدينة، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، حيث يقوم أبناء المدينة بإحياء المناسبات الدينية وذلك منذ العصر الإسلامي على طريقتهم الخاصة التي مازالوا يحيونها في المناسبات الدينية الكبرى، مثل مجيء شهر رمضان، وعيدي الأضحي والفطر، والنصف من شعبان، والمولد النبوي الشريف، وذلك بتنظيم احتفالية باستخدام المحامل أو ما يسمونها «الهوادج»، حيث يصمم هودج لكل شيخ أو ولي من هؤلاء ويوضع على سنم الجمل وتخرج تلك الهوادج مجتمعة من أمام كل ضريح، لتطوف بالمدينة، بمشاركة الأطفال والسيدات وأبناء مدينة القصير وتستمر الاحتفالات حتى منتصف الليل.