[ الصفحة الأولى ]كتّاب وآراء

السيد الدمرداش يكتب: تطوير الهرم وعبثية الواقع

سابقاً كنا نحلم بتطوير المنطقة الآثرية بالهرم، أنا شخصياً تحدث معي كل رجال الأعمال السياحيين حول حلم تحسين التجربة السياحية، فرحنا جميعاً بفكرة تطوير هذة المنطقة الآثرية باعتبارها رمزاً تاريخياً يمثل إعجازاً بشرياً لأجدادنا.


كانت وزارة السياحة المصرية تأمل في ذلك، وعملت علي ذلك عندما كان المجلس الأعلى للآثار يتبع وزارة الثقافة، وعندما كانت وزارة الآثار قد قررت العمل على ذلك، وقتها أعلن الدكتور زاهي حواس وزير الآثار أنذاك ذلك.


فرحة عارمة عمت القطاع السياحي المصري لأهمية تحسين الزيارة الي هذة المنطقة الأثرية أولا: للاجانب، وعائداتها المجزية للشركات وللمرشدين، في غفلة من الزمن تولي الدكتور مصطفى وزيري رئاسة المجلس الأعلى للآثار بعد ضم الآثار لوزارة السياحة، وقبلها عُين الدكتور خالد العناني وزيراً للسياحة والآثار، والحق يقال أن خبراء السياحة- رفضوا ذلك – وبعضهم حذر من ” ضم الآثار للسياحة ” لم يبالي أحداً – ولم يهتم أحدا – بل أن رئيس لجنة السياحة والطيران المدني عمرو صدقي وقتها أبدي مخاوف لهذا الزواج بين السياحة والآثار، وتعجب آخرون من نتائج هذا الزواج الذى أسفر عن إجراءات كثيرة كانت بالنسبة للدكتور خالد العناني حلما أراد تحقيقه، كانت مصر وقتها تبحث عن حلما قوميا، استطاعت القيادة السياسية تحقيقه بجدارة وهو افتتاح المتحف القومي للحضارة، الذى أبهر الجميع، قبل هذه الأثناء كانت المفاوضات جارية والمناقشات حامية الوطيس حول تطوير منطقة الأهرام الأثرية.

بعيدا عن تلك الأحداث الكثيرة والتفاصيل المثيرة للأشمئزاز، ظهر المهندس نجيب ساويرس مع الوزير خالد العناني بعد توقيع العقد بين الشركة المنفذة للمشروع والمجلس الأعلي للآثار بدأ نجيب ساويرس يلتقي الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار.

المثير في الأمر أن المهندس نجيب ساويرس كان أكثر وضوحاً في مناقشة بعض ما جاء في بنود العقد المبرم والموقع بين مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ورئيس الشركة المنفذة إحدي شركات ” ساويرس “.

في تصريحات صحفية عبر منصات الكترونية شهيرة في الثاني من مارس ٢٠٢٠ “استقبل الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار المهندس نجيب ساويرس، رئيس مجلس الادارة التنفيذي لشركة أوراسكوم للاستثمار، لمناقشة تطوير الخدمات بمنطقة أهرامات الجيزة ” وكان الاهتمام الأكبر حسب ما جاء في الخبر – هو افتتاح اول مطعم بهضبة الاهرامات، والملفت في نفس الخبر ان المجلس الأعلى للآثار وحده دون غيره سيتولي إدارة المنطقة بالكامل، إذا كان الاتفاق علي أن تقوم اوراسكوم للاستثمار بتطوير ما تبقي في المنطقة الأثرية حيث كانت بعض مؤسسات الدولة بدأت تطوير المنطقة الآثرية في وقت سابق- وتقديم خدمات مثل المطاعم والنقل والمحلات ومثل هذة الامور التي تحقق ربحيه بدون التطرق لإدارة المنطقة ، فالمجلس الاعلي للآثار هو وحده من يديرها، وهذا عكس ماتم التعاقد عليه بين الطرفين- إذا ما الحكاية وتفاصيلها، أزعم أن لا أحداً يملك معلومات حول ما تم الاتفاق عليه شفهيا وما جاء في بنود العقد المبرم .

ساويرس رجل اعمال شاطر وهذا حق ويسعي لتحقيق مكاسب مالية فالرجل قرر أن يقدم خدمات “مطاعم ومحلات، ورسوم .. وأشياء كثيرة ” في أهم منطقة آثرية في العالم وبالتأكيد ستكون الربحية عالية القيمة والمقام ولا خلاف فقهي عند حنابلة الإقتصاد في ذلك، لكن بالتأكيد كانت هناك أمور آخري غير معلنة لا نعلم عنها شيء ، مثلا لماذا قرر يدير المنطقة الآثرية بالهرم بدون إدراك لأهمية المرشد السياحي ودوره الرئيسي في إنجاح منظومة التجربة السياحية..! إن كانت النوايا من أجل قومية المشروع.!

ستة أعوام مرت والشركة المنفذة تحقق إيراداً كبيراً من المطاعم والحفلات التي لا يعلم عنها أحدا- وأموراً كثيرة فهل حصل المجلس الأعلى للآثار علي حقوقه كما جاء في العقد المبرم ..! لا أحد يعلم – سرية التعاقد وظروفه وتوقيته، أمرا غير مفهوماً.

التشغيل التجريبي لمنطقة الأهرام الٱثرية بدأ في الثامن من أبريل الجاري الذي شارف علي المغادرة غير مآسوف عليه، فهو شهر الكذب الكبير- ومازال الخلاف حاداً رغم إهتمام مستشاري السيد رئيس الجمهورية بانجاح التجربة الذي يهتم لها شخصياً الرئيس عبدالفتاح السيسي في إطار جهوده لتنمية حركة السياحة الوافدة الي مصر، والحفاظ على المقصد السياحي المصري.

زيارات متكررة للوقوف علي الواقع الذي تعيشه المنطقة الآثرية بالهرم، بدأ لي وللعامة في مصر ان الشركة تناضل من أجل تنفيذ بنود العقد المبرم، وهذا يحقق أهدافاً لها بدون إدراك لأي أهداف آخري ولا أي إعتبارات لفئات مجتمعية متعددة منها المرشد السياحي، الذي يضع في إعتباراته المهنية أهمية الرسالة الإتصالية المقدمة للسائح أثناء زيارته للهرم.

الشركة المنفذة للمشروع في واد والجميع في وادي آخر ، لا أحد يرغب في التنازل عن وجهة نظره، والصورة الذهنية للزيارة في خطر بسبب السلبيات التي تؤثر على حركة السائح في المنطقة وخاصة كبار السن والمعاقين من الأجانب، المساحة بين الشركة المنفذة للمشروع والواقع شاسعة، والحفاظ على بنود العقد المبرم طوق لنجاة الشركة من أي مساءلة أو نقد، فلماذا لا أحد يهتم لبنود العقد المبرم ومراجعتها، ولماذا لا يستمع أحد لصوت المرشد السياحي وشركات السياحة وخبراء السياحة المصرية في ظل هذا العبث الذي أصبح حديث الإعلام الغربي ورواد التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا.

إستغاثات يومية من المرشدين الذين ينفذون برامج الزيارة وشكاوي كثيرة ونداءات ، فأين دور المجلس الأعلى للآثار صاحب الحق الأصيل في إدارة المناطق الأثرية في مصر.

هناك أكثر من واقع في الهرم، واقع يحرص العاملين في اوراسكوم علي تقديمه للمصريين والقيادة السياسية وواقع يقدمه لنا المرشدين السياحين من خلال تجربتهم في الهرم، الصراع بين واقع نجيب ساويرس الذي يجيد التجييش لمشروعاته وبين واقع المرشدين السياحيين الذين لا يملكون سوي وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا فمن يحسم هذا العبث في منطقة الاهرامات ومن المنتصر في معركة كل مفرداتها مطبوعة علي عقد مبرم بتوقيع مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى