شهادتي لراحل مقهور

في نهاية سبعينيات القرن الماضي قررت الحكومة المصرية العمل علي تنمية سياحية في مصر وخلق مدن سياحية تتناسب والمقصد السياحي المصري وقيمة ومكانة مصر التاريخية، فمصر بلداً عظيماً ، ولها مكانة كبيرة.
علي أرضها بدأت الحضارة الإنسانية واحتمت فيها السيدة العذراء ثلاث سنوات ونصف، وخرج من رحمها العلماء والأخيار ومصر كانت وستظل رغم فترات الاضمحلال عاصمة التنوير والثقافة في العالم ، الأنبياء والرسل والكتب السماوية ذكرتها ، والعالم يقدسها.
ومصر العظيمة الأبية بها خير أجناد الأرض ، وستظل المنارة التاريخية والمرجعية الحضارة الإنسانية، كانت وقتها الحكومة تبحث عن أليات جديدة، وتنوع جديد للأستثمار السياحي، قررت من خلال مبادرات عدة جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتشغيل العمالة وتقليل البطالة وضخ عملة صعبة في الموازنة العامة.
كانت الرؤى تتفق والنوايا حسنة، أقترح اللواء محمد نسيم وقتها عودة الطيور المهاجرة اي أبناء مصر الذين يعملون في الخارج ويملكون استثمارات، وكان منهم الراحل حسين سالم رجل الأعمال المصري الذي عمل في عدة دول عربية واجنبية وكان ذو شهرة في الإدارة الاقتصادية ودوائر المال والأعمال في العالم.
نجح المرحوم لواء محمد نسيم الوطني المخلص في عودة بعض الرموز المهاجرة إلي حضن الوطن وبدأت سيمفونية تعمير وإنشاء مدن سياحية، وكانت شرم الشيخ بعد تجربة الغردقة، وجنوب سيناء تمثل لمصر، والمصريين قيمة كبيرة لموقعها الجغرافي والانتصارات في حرب أكتوبر المجيد.
ونجحت مصر في معركة التعمير كما نجحت في تحقيق الانتصار الكبير في حربها ضد إسرائيل ، استطاعت بجهود بعض رجال الاعمال وعلي رأسهم حسين سالم خلق تنمية شاملة استثمارية سياحية ومجتمعية وكانت نموذجاً للمنتجعات السياحية وعقد فيها مؤتمر السلام الذي حضره زعماء وملوك ورؤساء العالم ونالت شهرة كبيرة بفضلها صنعت طفرة كبيرة في صناعة السياحة المصرية.
مات الرجل مقهوراً غير متوقع لما قيل عنه وما حدث له، رحمه الله- مرت الذكري الثالثة علي وفاته دون أن يذكره أحداً من الذين استفادوا من تعمير شرم الشيخ، ودون ان ينصفه أحداً ودون الاشارة الي وجوده اصلاً في الحياة، رحل عن هذا العالم الذي لا يعرف قيماً حقيقية للانسانية في ظل المتغيرات الدولية التي تفرض وجوداً فهمه عصي علي شعوبنا التي تتناسى، أن الله هو الذي يحاسب كل انسان علي أعماله.
ثلاث سنوات مرت علي رحيل حسين سالم ومازالت ذاكرتي تحن الي وجوده وامثاله من الذين عرفتهم عن قرب، رحم الله الوطني المخلص محمد نسيم قائد معركة التعمير السياحي والدكتور ممدوح البلتاجي الوزير الواعي والوطني الفريد، رحم الله رجالا عشقوا مصر وقدموا نجاحات وتضحيات نعيش علي ذكراها حتي يومنا هذا دون ان يتذكرهم أحداً.