[ الصفحة الأولى ]سفر وطيران

مرمال سوداء ومياه كبريتية.. السياحة العلاجية كنز المستقبل

زيزي عوض

تشهد مصر اهتماما غير مسبوق بالسياحة العلاجية، لتحسين مستوى الخدمات المقدمة على مدار فصول السنة، وتستهدف الوجود ضمن الدول الخمس الكبرى الأكثر استحواذا فى هذا المجال، وذلك ضمن خطة موسعة لزيادة أعداد السياحة الوافدة إلى البلاد إلى نحو 30 مليون زائر سنويا. ويقدر حجم سوق السياحة العلاجية فى العالم بنحو 130 مليار دولار بنهاية 2023، ومن المرجح ارتفاعها إلى 300 مليار دولار بنهاية 2030، وتستهدف مصر الاستحواذ على نسبة 10%، من هذا القطاع المتنامى.

ويعزز من فرص تحقيق ذلك ما تتمتع به مصر من مقومات طبيعية، ومناطق واعدة فى الغردقة وسفاجا وحلوان وسيوة والعين السخنة، وغيرها، إذ تلقى رواجا من الزائرين لغرض الاستشفاء، غالبيتها تخص العظام والروماتيزم والجهاز الهضمى والأمراض العصبية، من خلال الرمال السوداء والمياه الكبريتية، والشعب المرجانية وكهوف الملح.

تعد السياحة العلاجية، واحدة من أهم أنواع السياحة، وتأتى فى المرتبة الثالثة من حيث عدد الزوار على مستوى العالم، وتصنف مصر من الدول الرائدة فى هذا المجال، ولديها أماكن استشفائية ومستشفيات ذات جودة عالية، بالإضافة إلى بنية تحتية متميزة فى مجال الرعاية الصحية يؤهلها لتحتل مراكز متقدمة على مستوى العالم فى السياحة العلاجية خلال الفترة المقبلة، فى ظل توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعزيز الحضور المصرى على الساحة الدولية فى هذا القطاع المتنامى، وتقول يمنى البحار مستشار وزير السياحة والآثار: تعد السياحة العلاجية أحد الأنماط الحديثة فى السياحة، والتى تعتبر دخلا اقتصاديا مهما ورئيسيا فى بعض الدول، لذلك يجب علينا العمل من أجل إيجاد طرق تحسين السياحة العلاجية، ومع ارتفاع أسعار الأدوية والعلاجات الطبية، وقلة نتيجتها فى شفاء بعض الأمراض التى تتعلق بالأمراض الروماتزمية، والتى يعانى المريض من تأثير العلاج على جسمه بطرق مختلفة، وحدوث آثار جانبية لها أضرار هو فى غنى عنها، وتابعت يمنى البحار قائلة: تتميز السياحة العلاجية بعدة فوائد من أهمها تحسين الاقتصاد الوطنى والعلاقات الدولية، حيث تسهم فى تحقيق مردود مالى متميز مع توفير خدمات صحية عالية الجودة، حيث يأتى السياح للحصول على العلاج الطبيعى والرعاية الصحية ويقومون بزيارة المعالم السياحية والتسوق والتنزه والترفيه.
ونوهت مستشار وزير السياحة والآثار، إلى أن السياحة العلاجية توفر أيضا بديلاً للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، لم تستطع الأدوية التقليدية علاجها وأضافت قائلة: تقوم وزارة السياحة بتوفير قواعد صارمة بشأن التطعيم اللازم للسائحين، لمنع انتقال المرض من قبل الأفراد الذين يزورون البلاد مع تحسين البنية التحتية للرعاية الطبية من خلال توفير المعدات الطبية عالية الجودة، المهنيين المدربين تدريبا جيدا للقطاع الطبى بالتعاون مع وزارة الصحة.

منصة إلكترونية
اهتمام الحكومة المصرية بقيادة د. مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء بتعظيم عوائد السياحة العلاجية، يمتد من تطوير البنية التحتية فى المنتجعات والمزارات المختلفة، ليشمل تدشين منصة إلكترونية خصوصا بالسياحة الصحية، ووفقا للدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان، فإن المنصة ستكون شاملة وستقدم خدماتها لمن يرغب فى العلاج بمصر، بالإضافة إلى تقديم العلاج من خلال الجهات التى تعمل فى مجال السياحة، سواء كان القطاع الخاص أم العام، موضحًا أن الدولة تدعم المنصة بشكل كبير جدًا، كما نشجع السائحين الراغبين فى العلاج بتسهيل الإجراءات الخاصة بالتسجيل، بداية من المطار وحتى عودتهم إلى وطنهم، لافتا النظر إلى أن المنصة ستوفر خدمات الحجز لتمكين المرضى من البحث عن مقدمى الرعاية الصحية والمتخصصين والمراكز الطبية المختلفة بناءً على احتياجاتهم، وتوفير معلومات مفصلة عن المستشفيات والخدمات العلاجية، بالإضافة إلى تقديم خدمات تثقيفية للمرضى عن المعالم السياحية المتاحة فى مكان تلقيهم الخدمة الطبية.

عين حلوان
تذخر مصر بالعديد من مزارات السياحة العلاجية فى طليعتها منطقة عين حلوان، وتشتهر بتوافر عيون المياه الكبريتية التى تسهم فى شفاء العديد من الأمراض الجلدية وأمراض العظام وغيرها، ويقول مجدى شاكر الباحث الأثرى: عرفت “عين حلوان”، فى عصر المصريين القدماء فقد وجد اسمها فى حجر رشيد مكتوبا باللغة الهيروغليفية باسم “عين – آن” حيث اعتبرها المصريون القدماء نوعاً من الأعمال الخيرية الإلهية، واستطرد شاكر قائلا: “اهتم الخليفة عبد العزيز بن مروان بعين حلوان عندما انتشر مرض الطاعون عندما اجتاح مدينة الفسطاط فى عام 690م فأرسل الخليفة كشافين لاستكشاف مكان صحى لإقامته، فتوقفوا فى حلوان وفيها أسس حكومته وأقام ثكنات للجنود ونقل الدواوين إليها، ثم اندثرت بعد ذلك، لتظهر فى عهد الخديو عباس الأول من جديد ويتم الاهتمام بها وتطويرها، وأضاف مجدى شاكر قائلا: فى صيف عام 1868م أرسل الخديو إسماعيل لجنة لعمل دراسة عن هذه العيون وأصدر بعدها فرماناً ببناء منتجع تم الانتهاء منه عام 1871م وبنى فندق جراند أوتيل بالقرب منها، وقد عهد بإدارة المنتجع إلى الدكتور رايل، وهو أحد الباحثين الذين درسوا تأثيرات مياه حمامات حلوان الطبية.

سيوة
تمتاز محمية واحة سيوة، برمالها الصفراء الساخنة النظيفة الناعمة التى تستخدم فى العلاج الطبيعى، وقال إبراهيم باجى مدير عام محمية سيوة: لدينا ما يعرف بالطب البديل وهو عن طريق الدفن بالرمال وله مواعيد محددة تبدأ من شهر يونيو وحتى شهر سبتمر، فهذه الفترة هى ذروة السياحة العلاجية بالمحمية، وأضاف: يتوافد لدينا الكثير من السياح خاصة الإيطاليين، وتعتبر السياحة الإيطالية وهى الأكبر بالنسبة للدول الأوربية، لأنها تأتى مباشرة إلى سيوة ويكون هناك حجز كامل للفنادق، وتنتشر بسيوة الفنادق والمنتجعات بدءاً من فنادق الثلاث نجوم، وحتى منتجعات الخمس نجوم، التى تتسم مع الطابع البيئى للواحة، وتحرص على أن يكون أثاثها ومفروشات وتصاميم غرفها فى اتساق تام مع التراث السيوى.
وأشار إبراهيم باجى، إلى أن الحمام الرملى هو الطريقة المتبعة للاستشفاء فى وقت الضحى وقبل غروب الشمس، وقال: يتم عمل ثلاث جلسات وبعد ذلك يدخل الشخص الخيمة، ويتناول الكثير من السوائل مثل الحلبة والليمون نتيجة لفقد المياه، وعدم التعرض لأى هواء، ويرتدى الملابس الشتوية والالتزام بعدد الجلسات من 3 إلى 9 أيام، والممارسون هم من أهل سيوة ذوى الخبرة، ويتم عمل إشراف طبى من أعضاء بوزارة الصحة.
وعن التكلفة المادية قال إبراهيم باجى: يصل سعر الجلسة إلى 800 جنيه فى اليوم، ولكنها لا تصلح للشخص الذى قام بعمل عملية جراحية، فلابد من مرور عام كامل عليها، فقد مارسنا هذه المهنة بالوراثة من الأجداد، وهناك أطباء يعملون أبحاثا،8 ويكشف على الشخص قبل الجلسة وبعدة لمعرفة مدى تأثيرها، والعلاج فى الأساس هو الرملة، وأشار “باجى” إلى أن نتيجة الشفاء من مرض الروماتويد تحققت بنسبة 100 %، كما يتم علاج فيروس سى بكفاءة عالية، وقال: “الموضوع كله مرتبط بدرجة الحرارة واتباع النظام الذى يتم وضعه فى الجلسات، وقد قام بعض المتخصصين بتحليل التربة الرملية لمعرفة الخصائص المكونة منها والتى تساعد فى هذا العلاج. فهذه الرمال لديها القدرة على علاج أمراض الروماتيزم والتهاب المفاصل والشفاء من مرض الروماتويد بنسبة 100 % والتهاب المفاصل.
حمام كليوباترا
‎تعرف عين كليوباترا أيضًا باسم عين الشمس، وتعود تسميتها إلى القرن الخامس قبل الميلاد، حيث وصفها المؤرخ هيرودوت بهذا الاسم. وتعرف أيضاً باسم عين جوبا، والتى تعنى عين الملك، نسبة للاعتقاد أن الاسكندر الأكبر اغتسل فيها فى طريقه إلى معبد التنبؤات، ليتوج ابنًا للإله آمون. وقال إبراهيم باجى مدير عام محمية سيوة: تعد عين كليوباترا من أشهر المزارات السياحية فى واحة سيوة.. ومن الأماكن المحببة إلى قلب الزائرين.
‎وأضاف: تقع عين كليوباترا على بعد 10 دقائق من وسط واحة سيوة، بالقرب من معبد التنبؤات، الذى يُطلق عليه أيضاً معبد وحى آمون، أحد أهم المواقع الأثرية فى واحة سيوة..‎وتتميز عين كليوباترا بمياهها النقية. ويحكى”إبراهيم باجى” عن سرها الغريب الذى يجعل مياهها دافئة خلال الشتاء وباردة خلال الصيف..‎وتُعتبر العين مصدر المياه الرئيسى لأكثر من 840 كيلومترًا مربعًا من الأراضى الزراعية فى سيوة، وتحيط بها الأشجار والنخيل من جميع الاتجاهات.
ويؤكد إبراهيم باجى أن واحة سيوة، تشهد حالة من الرواج السياحى والعلاجى، خلال موسم الصيف وتحديدا منذ بداية شهر يوليو مع بداية موسم السياحة العلاجية، حيث يتوافد المرضى وزوار الواحة من كل مكان للاستمتاع بالهدوء والطبيعة البكر والنمط البيئى الفريد الذى تحافظ عليه واحة سيوة والحياة البدائية التى تميز الواحة ذات الطبيعة الخلابة والآثار المتنوعة.
وتابع قائلا: يوجد بمدينة سيوة عدد كبير من المنشآت السياحية لتكون منتجعا صحيا وترفيهيا، كما يأتى إلينا عدد من طلبة الجامعات لعمل السفارى والتمتع بالطبيعة خاصة وأن جو الشتاء مميز هنا ويذهبون إلى منطقة كامب على الذى يوفر لهم المبيت والغذاء فهو مكان ذو خمسة نجوم وبه بحيرة للمياه الدافئة تتجاوز درجة حرارتها إلى 55 درجة مئوية للنزول بها بأمان.
وأوضح “باجى” أن للجبل دورا مهما عند ‏‎‎عند الأهالى كما أن له أهمية علاجية أيضاً، خاصة وأن له نفس الخصائص التى تقوم بها الرمال وعلاج الأمراض الروماتزمية وآلام المفاصل والشعور العام بالضعف والوهن، ويقوم على العلاج شيوخ متخصصون فى طمر الجسم بالرمال عن طريق العلاج بالدفن لفترات تتراوح بين ربع الساعة ونصف الساعة يومياً على امتداد أسبوعين فى أشهر الصيف، خلال ساعات محددة من النهار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى