ميادة سيف تكتب: “حسم”.. دوافعها ,أهدافها وتأثيرها على المجتمع

يمثل الإرهاب الدولي تحديًا معقدًا ومتعدد الأوجه للدول والمجتمعات حيث تتعدد دوافعه وعوامله، ولتشمل أبعادًا نفسية واقتصادية واجتماعية وسياسية متداخلة
في الاونه الاخيره تبرز حركة “حسم” (سواعد مصر) كأحد التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري، مستندة في نشأتها وأهدافها إلى العديد من العوامل والدوافع التي تجعلها تشكل خطرًا حقيقيًا على استقرار البلاد وسلامة مواطنيه
لفهم طبيعة هذا التهديد، من الضروري أولًا استيعاب مفهوم الإرهاب ذاته فالإرهاب، كما تشير التعريفات الدوليه ، هو افعال معقدة تستخدم العنف لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو اجتماعية و السمة الأبرز للإرهاب استهداف المدنيين بهدف بث الرعب والتأثير على صانعي القرار و استخدام اسلوب الضغط بالتخويف و الترهيب
ورغم أن توصيف الإرهاب قد يكون نسبيًا ويختلف باختلاف السياقات والأجندات و بختلاف المفاهيم الدوليه و كذلك توصيفه ، إلا أن الأفعال التي تنطوي عليها حركة “حسم” تندرج بوضوح ضمن هذا التعريف، نظرًا لاستخدامها العنف لتحقيق أهداف تعتبرها الجماعة هي السبيل الوحيدللحصول علي مكاسبها تستمد حركة “حسم” خطرها من عدة جوانب رئيسية تتضح من خلال تحليل أهدافها المعلنة وأساليب عملها، و يمكن تلخيص هذه الجوانب في النقاط التالية:
إثارة الفتنة والعنف بين أفراد المجتمع:
تساهم أعمال العنف التي تقوم بها حركة “حسم” بشكل مباشر في نشر الخوف والقلق بين المواطنين هذا الخوف لا يقتصر على ضحايا العمليات الإرهابية بشكل مباشر، بل يمتد ليشمل جميع أفراد المجتمع الذين يشعرون بالتهديد وعدم الأمان بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي هذه الأعمال إلى مزيد من العنف والانقسام المجتمعي، حيث قد تدفع بعض الفئات إلى ردود فعل انتقامية أو إلى تبني وجهات نظر متطرفة خوفًا من المستقبل فهذا التصعيد في العنف يعيق جهود التنمية والتقدم
الارتباط بجماعة محظورة وأجندة سياسية أوسع:
إن اعتبار السلطات المصرية لحركة “حسم” كجناح عسكري لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة يثير مخاوف جدية بشأن وجود أجندة سياسية أوسع تسعى الحركة لتنفيذها بالقوة فجماعة الإخوان المسلمين لديها تاريخ طويل من العمل السياسي والتنظيمي، واتهام “حسم” بأنها ذراعها العسكري يعني أن الحركة قد لا تقتصر أهدافها على مجرد أعمال عنفية، بل قد يكون لديها طموحات لتغيير النظام السياسي في البلاد بالقوة هذا الارتباط يمثل تهديدًا مضاعفًا للأمن القومي، حيث يجمع بين العنف والإيديولوجية السياسية المتطرفة
تهديد الأمن الاقتصادي حتى في غياب الاستهداف المباشر:
على الرغم من عدم وجود معلومات محددة حول استهداف حركة “حسم” للمنشآت الاقتصادية في الماضي ، إلا أن أي حالة من عدم الاستقرار الأمني تؤثر سلبًا على الاقتصاد والاستثمار ، فالمستثمرون الأجانب والمحليون يفضلون بيئة آمنة ومستقرة لممارسة أعمالهم عندما يسود الخوف فإن ذلك يؤدي إلى تراجع الاستثمارات، وهروب رؤوس الأموال، وتضرر قطاعات حيوية مثل السياحة حتى لو لم تستهدف الحركة المنشآت الاقتصادية بشكل مباشر، فإن أنشطتها تساهم في خلق مناخ عام من عدم الثقة يعيق النمو الاقتصادي
محاولة إحياء نشاط إرهابي متضائل:
إن محاولات حركة “حسم” الأخيرة لإعادة التنظيم تشير إلى استمرار سعيها لتهديد الأمن القومي وتنفيذ عمليات عدائية هذا يدل على أن الحركة لم تتخل عن أهدافها وأنها تسعى جاهدة للتغلب على الضربات الأمنية التي تلقتها في الماضي و استمرار هذه المحاولات يفرض على الأجهزة الأمنية المصرية ضرورة البقاء في حالة تأهب دائم لمواجهة أي محاولات جديدة لزعزعة الاستقرار
بناءً على هذه النقاط، يتضح أن حركة “حسم” تمثل تهديدًا حقيقيًا ومباشرًا للأمن القومي المصري و سعيها لزعزعة الاستقرار، ونشر العنف، وارتباطها بجماعة محظورة ذات أجندة سياسية، بالإضافة إلى تأثيرها السلبي على الاقتصاد، يجعل منها خطرًا لا يمكن الاستهانة به
لمواجهة هذا التهديد، من الضروري تبني استراتيجية شاملة ومتكاملة تتضمن جوانب أمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية فكما يشير التحليل العام لظاهرة الإرهاب في البيانات المقدمة، فإن معالجة الأسباب العميقة للإرهاب
على الصعيد الأمني، يجب تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية والاستخباراتية لملاحقة عناصر حركة “حسم” وتفكيك خلاياها ومنعها من تنفيذ عمليات جديدة يجب أيضًا تعزيز الرقابة على الحدود لمنع تدفق الأسلحة والمقاتلين ومع ذلك، يجب أن يتم ذلك مع الالتزام الكامل بحقوق الإنسان وسيادة القانون
على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، يجب على الدولة أن تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص اقتصادية للشباب ومحاربة البطالة و تحسين منظومة التعليم ونشر قيم التسامح والاعتدال ومكافحة الفكر المتطرف في المناهج ووسائل الإعلام والمساجد
على الصعيد السياسي، يجب توسيع المشاركة السياسية وضمان احترام حقوق الإنسان وتفعيل القوانين التي تكفل العدالة والمساواة أمام القانون إن بناء مجتمع ديمقراطي شامل يوفر قنوات سلمية للتعبير عن الرأي والمشاركة في صنع القرار يمكن أن يساهم في تقليل دوافع العنف والتطرف
في الختام، يمكن القول إن حركة “حسم” (سواعد مصر) تشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن القومي المصري و مواجهة هذا الخطر تتطلب جهودًا متواصلة على مختلف الأصعدة، بدءًا من تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب بشكل فعال، ووصولًا إلى معالجة الأسباب الجذرية التي تدفع بعض الأفراد إلى تبني العنف والتطرف و الحفاظ على الأمن والاستقرار في مصر هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الدولة والمجتمع بأسره