[ الصفحة الأولى ]كتّاب وآراء

ميادة سيف تكتب: السياحة العربية البينية محفز للنمو الاقتصادي

يمثل العام الحالي منعطفاً هاماً في مسيرة قطاع السياحة العربي، خاصة فيما يتعلق بالتبادل السياحي البيني فبعد التعافي الملحوظ الذي شهده القطاع في عام 2024، من المتوقع أن يشهد هذا العام 2025 باستمرار مبادرات التكامل، والجهود المتزايدة لتذليل العقبات التي تعترض نمو هذا القطاع الحيوي حيث تُعد السياحة العربية البينية رافداً أساسياً لاقتصادات العديد من الدول العربية، ومحركاً قوياً للتكامل الإقليمي من خلال تعزيز الروابط الاقتصادية والثقافية بين الشعوب العربية ،وفقاً لأحدث بيانات منظمة السياحة العالمية والبنك الدولي.

فقد سجلت الدول العربية زيادة بنسبة 23% في عدد السياح المتبايين عام 2024 مقارنة بعام 2023، مع نمو ملحوظ في السياحة البينية العربية التي تشكل الآن 38% من إجمالي الحركة السياحية في منطقه الشرق الاوسط.

الأهمية الاقتصادية للسياحة العربية البينية:

المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي: يساهم القطاع السياحي بشكل عام بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي للعديد من الدول العربية ومع زيادة التبادل السياحي البيني، ستتعزز هذه المساهمة بشكل ملحوظ، حيث يتدفق الإنفاق السياحي بين الدول العربية، مما ينعكس إيجاباً على النمو الاقتصادي الشامل.

تحسين الميزان التجاري: يمثل إنفاق السياح العرب في الدول العربية الأخرى تدفقاً للعملات الأجنبية، مما يساهم في تحسين الميزان التجاري لهذه الدول فبدلاً من إنفاق هذه الأموال في وجهات دولية بعيدة، يتم إعادة تدويرها داخل المنطقة، مما يعزز الاقتصادات المحلية ويقلل من الاعتماد على العملات الأجنبية الصعبة.

خلق فرص العمل: يولد قطاع السياحة مجموعة واسعة من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مختلف القطاعات المرتبطة به، مثل الضيافة (الفنادق والمنتجعات)، والنقل (الطيران، الحافلات، تأجير السيارات)، والتجارة (المتاجر، الأسواق التقليدية)، والترفيه (المطاعم، المقاهي، الأنشطة الثقافية) ومع ازدهار السياحة العربية البينية، ستزداد هذه الفرص، مما يساهم في معالجة مشكلة البطالة وتعزيز التنمية الاجتماعية.

تنشيط القطاعات المرتبطة: لا يقتصر الأثر الاقتصادي للسياحة على القطاعات المباشرة فحسب، بل يمتد ليشمل قطاعات أخرى مرتبطة بها بشكل وثيق، مثل الحرف اليدوية، والصناعات التقليدية، والمطاعم المحلية، والخدمات الترفيهية فزيادة أعداد السياح ستؤدي إلى زيادة الطلب على هذه المنتجات والخدمات، مما يحفز نموها ويدعم رواد الأعمال المحليين.

دور سوق السفر العربي 2025 في تعزيز السياحة البينية

تسهيل حركة السفر: شكل المعرض فرصة لمناقشة وتفعيل مبادرات تهدف إلى تسهيل إجراءات السفر بين الدول العربية، مثل تعزيز فكرة التأشيرات الموحدة أو المخفضة لمواطني الدول العربية، وتبسيط الإجراءات الحدودية، وتحسين الربط الجوي والبري بين المدن العربية.

استعراض الفرص الاستثمارية: وفر المعرض منصة لعرض الفرص الاستثمارية الواعدة في البنية التحتية السياحية في مختلف الدول العربية، وجذب المستثمرين الإقليميين والدوليين لتطوير الفنادق والمنتجعات والمرافق السياحية الأخرى.

الترويج للوجهات غير التقليدية: سلط المعرض الضوء على الوجهات السياحية العربية الأقل شهرة والتي تتمتع بإمكانات سياحية هائلة، مثل سلطنة عمان بجمالها الطبيعي وتراثها الثقافي، بتاريخها العريق، والجزائر بتنوعها الجغرافي والثقافي يهدف ذلك إلى تنويع الخيارات السياحية المتاحة للسائح العربي وجذب شرائح جديدة من الزوار.

تبادل الخبرات وتحسين جودة الخدمات: اتاح المعرض فرصة للقاء بين خبراء السياحة وصناع القرار لتبادل المعرفة وأفضل الممارسات في إدارة الوجهات السياحية، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للسياح، وتطوير الكفاءات العاملة في القطاع.

التحديات وسبل التغلب عليها

على الرغم من الإمكانات الهائلة للسياحة العربية البينية، لا تزال هناك بعض التحديات التي تعيق تحقيق كامل إمكاناتها:

تعقيدات التأشيرات: لا تزال إجراءات الحصول على التأشيرات بين بعض الدول العربية معقدة وتستغرق وقتاً طويلاً، مما يثبط عزيمة بعض السياح

نقص الترويج الكافي للوجهات غير التقليدية: لا تحظى العديد من الوجهات السياحية العربية الواعدة بالترويج الكافي على المستوى الإقليمي، مما يحد من قدرتها على جذب السياح.

التباين في البنية التحتية: يوجد تفاوت كبير في مستوى تطور البنية التحتية السياحية بين الدول العربية، مما يؤثر على تجربة السائح.

يمكن معالجة هذه التحديات من خلال:

إطلاق حملات ترويجية موحدة: يمكن لمجلس السياحة العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى إطلاق حملات ترويجية مشتركة تحت مظلة الهوية السياحية العربية، لتسويق المنطقة كوجهة سياحية متكاملة ومتنوعة
تسهيل إجراءات السفر: يمكن للدول العربية عقد اتفاقيات ثنائية أو جماعية لتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات، وتبني فكرة التأشيرة العربية الموحدة أو المخفضة.

تبني التكنولوجيا: يمكن الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، مثل المنصات الرقمية وتطبيقات الهواتف الذكية، لتسهيل حجز الرحلات والإقامة والخدمات السياحية الأخرى، وتوفير معلومات شاملة ومحدثة عن الوجهات السياحية العربية.

و أخيرا يمثل عام 2025 فرصة ذهبية للدول العربية لتعزيز التكامل السياحي والاقتصادي من خلال الاستثمار الأمثل في إمكانات السياحة العربية البينية وتذليل العقبات التي تواجه نمو القطاع، وتبني استراتيجيات مبتكرة للترويج والتسويق، يمكن تحويل المنطقة إلى واحة سياحية متكاملة تجذب الملايين من الزوار سنوياً، وتحقق نمواً اقتصادياً مستداماً .
و حفظ الله مصر شعبا و جيشا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى