إيمان نجم تكتب: ٢٠٢٥ هل تضيء دروبنا؟
نستقبل عامًا جديدًا وقلوبنا مُثقلة بأخبار العالم؛ صور الحروب والدمار، وقصص النزوح واللجوء، وأنباء الأزمات الاقتصادية العالمية وتأثيرها على حياة الناس، كلها تُلقي بظلالها على أرواحنا، وتُثير فينا مشاعر القلق والخوف والحزن. لكن وسط هذه العواصف، يبقى في داخلنا نورٌ خافت، جذوةٌ من الأمل، وشوقٌ إلى الدفء الإنساني.
أوجّه بقلمي الآن رسالة من القلب إلى القلب، إلى كل مصري ومصرية يشعرون بثقل هذه الأيام. لنبحث سويًا عن الطريقة التي نحمي بها قلوبنا، ونُحافظ بها على إنسانيتنا في وجه عالم يشهد تحولات عميقة تُلقي بظلالها على كافة جوانب حياتنا، بما في ذلك علاقاتنا الإنسانية. فبين تحديات اقتصادية عالمية، وصراعات جيوسياسية مُستمرة، وتطورات تكنولوجية مُتسارعة، تبرز أهمية الوطن الآمن، والعائلة، والصداقة، والروابط الإنسانية، والتفاؤل كحصون منيعة تُعيننا على مواجهة هذه المُتغيرات. ونحمد الله على الأمن والأمان الذي يتمتع به وطننا الحبيب مصر، لنستلهم معًا قوة الروابط الإنسانية في عالم مُتغيّر، ونستقبل العام الجديد بطاقة إيجابية مُتجددة.
في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة عالميًا، يزداد الضغط على بعض الأُسر، ويُصبح الحفاظ على تماسكها وتوفير الدعم النفسي والمادي لأفرادها ضرورة ملحة. فالعائلة هي السند الأول في مواجهة صعوبات الحياة. في هذا العام الجديد، علينا أن نُعزّز التواصل داخل العائلة، وأن نُخصّص وقتًا للحوار والتفاهم، وأن نُقدّم الدعم المادي والمعنوي لأفرادها.
أما الصداقة، فسوف تظل أكثر أهمية كدعامة نفسية واجتماعية. فالصديق الوفيّ هو من يُشاركنا همومنا ويُخفّف عنا وطأة الأخبار المُقلقة. نحن نحتاج إلى من يُضيء لنا الطريق، إلى من يمسك بيدنا عندما نتعثّر، إلى من يُشاركنا فرحة الانتصار على الصعاب. هؤلاء هم الأصدقاء، هم شموع تُضيء عتمة الطريق، من يفهمنا دون أن نتكلّم، من يشعر بنا دون أن نُعبّر، من يبقى بجانبنا حتى في أحلك الظروف. في عالم مليء بالخداع والكذب، نحتاج إلى الصدق والوفاء الذي نجده في صداقاتنا الحقيقية. لنتذكر قول الشاعر: “رُبَّ أَخٍ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّكَ”. ويقول الفيلسوف شيشرون: “الصداقة هي الشيء الوحيد في العالم الذي لا يستطيع المال شراءه”. لنحرص على التواصل مع أصدقائنا، ولنُقدّم لهم الدعم النفسي والمعنوي، ولنجعل من علاقاتنا دروعًا واقية من السلبيات التي تطرأ علينا.
من السهل أن يستسلم الإنسان لليأس والإحباط إذا ترك نفسه للرياح كما تشتهي، لكن التفاؤل هو القوة التي تدفعنا إلى البحث عن حلول، وإلى التكيّف مع التغييرات، وإلى بناء مُستقبل أفضل. تقول الفيلسوفة هيلين كيلر: “التفاؤل هو الإيمان الذي يؤدي إلى الإنجاز. لا شيء يمكن أن يتم بدون أمل وثقة”. لنستقبل العام الجديد بتفاؤل وأمل، ولنُركّز على الجوانب الإيجابية، ونشارك في بناء مُجتمع أفضل. فعلى سبيل المثال، يجب متابعة الأخبار بوعي في ظل عصر السوشيال ميديا والإشاعات المُضللة، بل والأدهى أننا نقوم بمشاركتها بغير تفكير. فيجب أن نختار مصادرنا بعناية وأن نتجنّب الانغماس في الأخبار السلبية التي تُؤثّر علينا وعلى المجتمع.
يُمكن أن تُساعدنا التكنولوجيا على التواصل مع الآخرين وتبادل المعرفة، ولكن يجب أن نستخدمها باعتدال وحكمة. ففي خضمّ التطورات التكنولوجية المتسارعة، نجد أنفسنا محاطين بأحداث تُلقي بظلالها على حياتنا اليومية وعلاقاتنا الإنسانية. في هذا السياق، تبرز أهمية الحفاظ على روابطنا الأسرية، وقوة صداقاتنا، وقدرتنا على إيجاد السعادة كضرورة حتمية لمواجهة مُتطلبات الحياة المعاصرة. هذه الروابط هي الوقود الذي يحرك طاقتنا الإيجابية، هي سحر الصداقة، وإشراقة السعادة في وجه أي اضطرابات قد تحدث.
هنا يصبح دور أفراد العائلة كحصن منيع، نُخصّص لهم وقتًا لتبادل الحوار والتفاعل والتفاهم والأُنس والمرح. أما الصداقة الحقيقية، فهي نور يُضيء عتمة الأزمات، وملاذًا آمنًا ومصدرًا للدعم النفسي. الصديق الوفيّ هو من يُشاركنا همومنا ويُخفّف عنا وطأة المشاكل والأخبار السلبية. يُمكن للأصدقاء أن يُساعدوا بعضهم البعض في العديد من تحديات الحياة، حتى بمجرد الاستماع الجاد الذي يُشعرنا بالارتياح. وكما قال الفيلسوف شيشرون: “الصداقة هي الشيء الوحيد في العالم الذي لا يستطيع المال شراءه”. نحن جميعًا نحتاج إلى الدعم والمُساندة والحب. لنتمسّك ببعضنا البعض، لنُضيء شموع الأمل في قلوبنا، لنُحافظ على دفء إنسانيتنا.
ثم نأتي إلى معنى السعادة؛ هي زهرة تُزهر في قلب الشتاء، تُذكّرنا بأن الحياة ما زالت جميلة، وأن هناك دائمًا سببًا للتفاؤل. فبإمكاننا اختيارها بأيدينا كطريقة للتعامل مع متقلبات الحياة. السعادة ليست إنكارًا للواقع، بل هي قوة تُساعدنا على التكيّف والصمود. كيف نحافظ على هذه القوة بل ونجذب المزيد منها؟ كيف نجد هذه السعادة؟ وكيف نحققها؟ موضوع كبير يصعب وصفه بدقة، ربما بالنظر إلى الجمال حولنا: حتى في أحلك الظروف، هناك دائمًا جمالٌ يستحق أن نراه؛ ابتسامة طفل، منظر طبيعي خلاب، عمل فني مُلهم. التركيز على ما يُمكننا التحكم فيه، مثل ردود أفعالنا، والمحافظة على الثبات الانفعالي، وطريقة تعاملنا مع الصعوبات. النظر في النعم الموجودة في حياتنا، حتى الصغيرة منها. العطاء للآخرين وللأسرة وللأبناء، الابتسامة في وجوههم، يُساعدنا على الشعور بالسعادة والرضا.
وفي النهاية، وبالرجوع إلى الذات، الاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، مع ممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وممارسة التأمل والاسترخاء، تُساعدنا على تحسين مزاجنا وقدرتنا على مواجهة الضغوط. كما أن من المهم جدًا التواصل مع أرواحنا؛ من خلال التأمل والاسترخاء، نُعيد الاتصال بأنفسنا، نُهدّئ من روع قلوبنا، ونستمدّ القوة من داخلنا. أخذ نفس عميق وخروجه ببطء شديد يُكرر لمدة ثلاث دقائق يُعد تمرينًا بسيطًا وفعّالًا. ودائمًا نستمر في البحث عن الإيجابية حتى في أصعب أوقاتنا.
مع بداية هذا العام الجديد، لنجعل من روابطنا الإنسانية قوة تُعيننا على مواجهة تحديات العصر، ولنُحافظ على سعادتنا وتفاؤلنا. لنجعل عامنا هذا عامًا نُعيد فيه اكتشاف قيمة العلاقات الإنسانية الحقيقية، ونسعى فيه لنشر المحبة والسلام في محيطنا والعالم أجمع. لنتذكر دائمًا أن النور يشتدّ سطوعه كلما اشتدت الظلمة، وأن الأمل يولد من رحم المعاناة. فلنجعل من عام 2025 عامًا للإنسانية، عامًا للتواصل، عامًا للتفاؤل والأمل بغدٍ أفضل. وكل عام وانتم بخير