فاطمه الزهراء توفيق تكتب: تأثير السوشيال ميديا علي المجتمع والاسرة

هل السوشيال ميديا هي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي؟، أم السوشيال ميديا هي وسيلة للانفصال الاجتماعي؟، لاشك اننا نعيش في عصر السوشيال ميديا بكل اشكاله المعاصرة، ولكن هل استخدامنا للسوشيال ميديا هو الاستخدام السليم لها.
أرى أن المجتمعات المتحضرة أو الأشخاص التي تنجز في عملها تستخدم السوشيال ميديا بطريقة صحيحة عن طريق سرعة الحصول علي المعلومة، وتعتبر هذه من أهم مميزات السوشيال ميديا، حيث أصبح العالم كله في يد الشخص العادي بضغطة زر واحدة .
هناك من يستخدم السوشيال ميديا لتعلم لغة جديدة أو الإلتحاق بجامعة أجنبية عن طريق التعلم عن بعد أو مساعدة ربة المنزل في إقامة مشروع مربح بإمكانيات بسيطة أو حتي لتعلم فنون الطهي المختلفة، أو لتقريب المسافات في العلاقات الانسانية المختلفة، ايضا لتعلم جميع أنواع الفنون والرياضات المختلفة.
لم تترك السوشيال ميديا لنا باباً الإ وطرقته، وكل ما علينا هو التمني ، وطلب اي شئ وبأي وقت ولكن ليس هذا كل شيء.
وراء كل تطور تكنولوجي يكمن الخطر، اصبح هناك العديد من السلبيات نتيجة لوجود السوشيال ميديا كشريك اساسي في حياتنا اليومية سواء علي الفرد أو المجتمع بشكل عام، فأساس المجتمعات هي الاسرة ولابد لنا أن نعي جيداً كيف يتشكل وعي الأسر، الكبار و الصغار علي حد سواء، من أين يأخذون افكارهم ومن هم المؤثرون الحقيقيون بحياتهم.
أصبحنا كأفراد نعيش في عالمين موزايين، عالم افتراضي صنعته بنفسك من خلال مقاييسك انت الشخصية بداية من صورتك الخارجية وافكارك وميولك وحتي المحيطين لك كلهم باختيارك لكنه في النهاية يظل عالم افتراضي، وعالمك الواقعي بكل ما فيه شخصك ووضعك وافعالك الحقيقية ومعارفك واقاربك الحقيقيون.
وللاسف الشديد زاد الوضع انفصال وأبتعد الشخص عن ذاته، وعن اسرته، ومجتمعه الحقيقي، مما قد يؤدي الي الأغتراب عن الذات وعن المجتمع، وهنا يجب أن ننتبه جيداً لما قد حدث بالاسرة بدلا من زيادة التفاهم والتقارب نجد الأب والأم قد تباعدا شيئا فشيئا، وكلا منهما له حياته الخاصة، كذلك الأبناء لا يجدوا القدوة المناسبة، والمشاركة الفعالة كأسرة واحدة، وإنما يجدوا عالماً مزيفاً علي السوشيال ميديا يحقق سعادة وقتية لا علاقه لها بالحياة الحقيقية، نجد المغريات المادية والمعنوية في أبهى صورها وما هي الإ كمائن يسقط بها الأبناء دون ان ننتبه في لحظة غفلة.
كل مشاهد السعادة، والحياة السهلة المليئة بالترف هي غير حقيقية بالمرة، وهي كالسراب الكل يحلم بها ويسعي جاهداً بشتي الوسائل مضحي بكل المبادئ والقيم و احترامه لذاته لكي يحصل علي هذه الحياة الزائفة ولو للحظات، وبكل آسى يسقط أبناءنا في هذه الدوامة دون ان ندرك ذلك ونفقد اتصالنا بهم نحن الأهل ليتصلوا بعالم خارجي لانعلم عنه شيئا، نتيجة لغياب دورنا ومتابعة أبناءنا وفقد لغة حوار محترم مشترك لانشغالنا بأعباء الحياة، والتهاءنا نحن الآخرون بالسوشيال ميديا لتعويض وجودنا معا على أرض الواقع بمشاعر الدفء الاسري التي نفتقدها في عصر التكنولوجيا.
الربح السريع والشهرة هي مقصد شبابنا اليوم، ونجد بعض الآباء يسعون لذلك ويشجعون أبنائهم بل ويشتركون معهم وهم علي استعداد بالتضحية بجميع القيم التربوية من أجل تحقيق ذلك علي منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، دون وعي أو إدراك لحجم الجريمة التي ترتكب بحق أبنائهم، فالسعي وراء التريند اصبح غاية تبرر أي وسيلة لتحقيقها دون النظر لما سيحدث بعد ذلك من تهميش الشخصية، وتحويل الأنسان إلى مجرد سلعة تباع وتشترى بلا روح وبلا عقل، مما يؤدي لهدم القيم والاخلاق وبالتالي تدمير الأسر المصرية، ومسح هوية مجتمعاتنا العربية بشكل عام .
الاحظ اليوم انتقالنا من حريتنا في تقليد الغرب أو كما يقول أجدادنا وأباءنا قديماً انبهارنا بالغرب، وتقليده الي مجئ الغرب إلينا داخل بيوتنا وبعقول صغارنا والتحكم بمشاعرهم ايضا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التى أصبحت إجباراً علينا لا أختياراً كما سبق وحلت علينا افكار غريبة معينة لطمس الروح الاسلامية دون ان نشعر فهي حرب فكرية مجتمعية، علينا ان نعي ذلك ونعيد ترتيب أولوياتنا لمواجهتها عن طريق توعية أسرنا المصرية باهمية التصدي لها ودور كل فرد لا يقل اهمية أبداً عن دور المجتمع ككل والمؤسسات المختلفة بالدولة.
لابد من تكاتفنا جميعا للحفاظ علي هويتنا الثقافية وقيمنا المجتمعية، الإعلام له دور اساسي من خلال وجود برامج توعوية وتثقيفية واجتماعية، وايضا وزارة التربية والتعليم من خلال مدارسنا وأهميه الأنشطة بمختلف المجالات ..
علي ان تكون متاحه للجميع دون استثناء و وجود مشاريع طلابيه مشتركه فيما بينهم علي حسب الميول و حريه الاختيار لكي تتيح لهم فرصه اخراج كل طاقتهم بشكل منظم و تحت اشراف المختصين ..
ايضا لابد من وجود اعمال فنية هدفها المتعة والتسلية ولكن بشكل تربوي يحترم المشاهد بمختلف فئاته العمرية، تستطيع الأسرة المصرية ان تشاهده معا مثل مسلسل هند والدكتور نعمان، وغيره الكثير قديماً.
اليوم لا أرى أعمال مثل هذه وعلي العكس نحن في امس الحاجة اليها لتصحيح المسار ، و للحق مؤخرا شاهدت المسلسل العربي مدرسة الروابي انه يحاكي ما نتحدث عنه بشكل تربوي متميز، ولكننا في حاجة الي المزيد، ايضا لا نغفل دور الدولة ومؤسساتها من متابعة للتجاوزات، ووجود رقابة مفعلة وتطبيق القوانين بشكل عادل ومنجز.
نحن في أمس الحاجة الي تكاتف جميع المؤسسات والمجتمع المدني لإنقاذ الأسرة المصرية بشكل عاجل من الحرب الفكرية التي تهدف لتدمير مجتمعاتنا العربية و القضاء علي هويتنا الإسلامية و تشوي عقول أبناءنا.. فنحن جميعا شركاء في الوطن وسنحاسب عاجلاً ام أجلاً ماذا فعلنا بأبنائنا ولاجل ابنائنا .