السيد الدمرداش يكتب: مراسم الوداع قاسية

عادة “الوداع” يمثل نهاية علاقة لشخص وبداية لشخص آخر، ونهاية بين علاقتين بدون مستقبل، وقد تمثل مراسم تشييع نهاية أي علاقة بين محافظ وشعبه، تقليد جديد أن يتولي أحدهم منصب الوزير أو المحافظ ويقيم مراسم توديع لمن سبقه، بالزغاريد.
أصبح توديع الجماهير الغفيرة بعض المسؤولين، وأحيانا يكون الوداع بسرد “مصائب” أحدهم وتنتهي حفلة الوداع ” بتكسير ” مجموعة ” قلل ” خلفه، كان المحافظ الجديد قرر أن يبني مستقبله، بعد أن حلف اليمين أمام الرئيس، ذهب إلى مكتبه وبدون وعي قرر تقديم شكوي في المحافظ السابق للاجهزه المعنية، متهما إياه بالفساد، بدون أن يكلف خاطره ويجلس علي كرسي منصبه الجديد.
لم يكن يدرك أن زميله تم نقله إلي إحدى المحافظات الأخرى تكريماً له وعرفاناً بأدائه، وضع الأجهزة المعنية في حرج شديد أمام الرئيس، وتم مثول ” المنقول ” الي جهات التحقيق ولم يكن هناك موضوعاً هاماً ولا الرجل سرق شيء، ولكنه طموح حرامي ” أراري ” في السرقة مستقبلاً، وتدخل الرئيس واصلح ذات البين، لم تكن هناك وقتها حفلات وداع أو تكريم كانت حفلات كسر “القلل” منتشرة، لم يسلم الوزراء من التشكيك بعد ترك مناصبهم من صغار الموظفين، ضغائن نفسية خلف الأحداث، كانت تسعينيات.
مراسم الوداع قاسية
كان البيه المحافظ في زمن ” ولي ” لا يفعل شيء سوي إرضاء حاشية الرئيس وجهازه الإعلامي، أحد رؤساء تحرير الصحف القومية قرر إزاحة محافظ القليوبية المستشار عدلي حسين، والحق يقال كان الرجل شريفاً ونزيهاً وشهدت له كل الدوائر السياسية والاقتصادية والرقابية، إلا أن الصحفي الهمام كان يعمل لحساب فريق لا يرضى عن الرجل، كان القوم يريدون تشويه سمعته وازاحته، ساندته الصحف المعارضة وقتها، ولجأ الي الأحزاب السياسية التي تطلق على نفسها “المعارضة” ووقف الرئيس مبارك متابعاً ومشاهداً ” للخناقة ” بين الطرفين وكأن الأمر لا يعنيه، وأنتصر المستشار عدلي حسين علي ” صفاقة ” الصحفي غير مبررة.
مشهد الوداع
كانت حفلات كسر ” القلل ” تسيطر على مشهد الوداع ، اليوم هناك حفلات ومراسم تسلم وتسليم السلطة في بعض المحافظات وبعض الوزارات ، ولا أدري لماذا في بعضها، هل هناك خوفاً من شيء ما علي ” الكل ” لا أفهم، ربما هذه الفعاليات مجهود شخصي من الأهالي أرادت أن تفرض واقعاً جديداً ، وتسن سنه حسنه إكراما لمحافظ أستطاع أن يخلق تواصلا معهم، مازالت القبليه تحكم العلاقة بين الجماهير والمسئول، نفوذاً له أصول في مصر، نفوذ العائلة ، أحد المحافظين أقسم اليمين أمام الرئيس وقبل دخول مكتبه ذهب إلي إحدي العائلات في المحافظة التي تولي أمورها ، لكي يقدم حسن النوايا، وتفادي فاتورة خلافهم مع المحافظ السابق، وقتها كان سعد ابو ريده أحد المقربين من الرئيس مبارك ومع ذلك لم يستطيع أن يحقق أي فوزا علي عائلة ساويرس بسبب بعض الخلافات حول ” الجونة ” وقتها، قديما كانت العائلات تحكم ، حكي لي الصديق محمد عثمان ابن محافظة الأقصر أن عمدة الاقصر كان مسيحي ولم تكن هناك اي مشكلات.
الرجل كان من عائلة وتحكم ولا بأس، كمال الجنزوري قبل أن يتولي اي منصب وزاري كان عمدة الوادي الجديد، تم تعيينه محافظا وعندما ذهب إلي هناك لم يجد شيء، وجد مواطنين مسالمين ووجد نفسه بمثابة “عمدة” عاد إلي الرئيس وقال له: ” البلد محتاجة عمدة وليس محافظ ” بعدها تم تعيينه وزيرا، كان عبد الرحيم شحاته محافظ القاهرة عمدة.
كان في الشارع وسط الجماهير، وايضا كان خالد فوده محافظ جنوب سيناء” عمدة ” كان لا يجلس في مكتبه، ولا تستطيع أن تحدد مكان تواجده في اي مدينه او شارع، حفلات تسليم وتسلم المناصب لم تكن شائعة في عصراً مضى، ظاهرة نعيشها في عصرنا هذا، ربما تكون ايجابية وربما العكس، نتائجها غير محمودة في كل الأحوال من وجهة نظر الجماهير الغفيره، رفضها بعض الوزراء الراحلين عن منصبهم.
حكي لي أحدهم أن بعض صغار الموظفين “تشفي” فيه بكلمات لا تجوز، البعض يحاول تصفية حساباته الشخصية من خلالها، كنت أتصور أن تكون هناك مراسم لوضع رؤي دون الحاجة إلى حفلات وداع، في بعض المحافظات كانت الجماهير تنتظر تغيير المحافظ ولم يحدث فكانت النتيجة أن وسائل التواصل الاجتماعي “ضجت ” ببعض التكهنات حول سبب بقاؤه بدون توضيح .
في ظني أن العائلات في مصر تستمر في الحفاظ على نفوذها بصرف النظر عن المسؤول، وان القبلية تحكم بعيداً عن نفوذه ، واقعة محافظ الدقهليه الذي طارد مواطنه فقيرة لمجرد أن سيادته اشتبه في حيازتها لعدد من أرغفة الخبز بدون وجه حق وقرر إقتحام منزلها ومصادرة الخبز، فهل سينسى شعب الدقهلية هذا المشهد يوم خروجه من منصبه – في ظني أن تدريب الفريق علي تولي المناصب العليا أمرا لابد منه.