السيد الدمرداش يكتب: مات عنان الجلالي
رحل عن عالمنا صديقاً وحبيباً، أحتسبه عند الله من الأبرار والمخلصين والصديقين، مات عنان الجلالي منذ شهر تقريباً، ويزيد قليلاً، مواطن مصري عظيم ، مناضل من الطراز الأول، عاش حياته مكافحاً من أجل لقمة العيش، ما أعلنه عن حياته في كافة وسائل الإعلام والتواصل المجتمعي، لا يزيد من حجم معاناته عن ١٠% ، كان كتوماً عكس ما يبدو للناس ، كان يخفي أكثر مما يعلن، كان عاشقاً ومحباً للحياة رغم قسوتها عليه.
بداياته كانت صعبه، رجلاً عصامي بدأ حياته من الشارع، ورغم ثرائه الفاحش بعد أن أسس ” هلنان العالمية ” إلا أنه كان يعيش حياة الفقراء ، في ملبسه وفي مأكله وفي كل مظاهر الحياة، لم تكن هناك مغريات تستطيع أن تضعفه أو تؤثر علي قراراته.
الصدمة كانت قاسية عندما جائني خبر رحيله لم أستطيع أن أنعيه ،عجزت عن ذلك ، بوضوح شديد كنت سلبي في التعامل مع خبر فقدانه، لم أدرك وقتها ذلك ، كانت صدمة الرحيل والفقدان ، كانت صدمة الفراق ، صديقي مات، لم أتعجب ولم أندهش، كنت بليداً في كل مفردات التعامل مع الخبر، ربما لأسباب هو يعلمها وكذلك أنا، ثلاث أيام قبل وفاته حدثني من الدنمارك، يناقشني في قضية عمالية ، يطلب مني الدفاع عن حقوق العمالة في الفنادق المصرية.
عنان الجلالي ، كان عصبياً، حاداً، متعصبا لطبقه مجتمعية تعاني قسوة الحياة، مهموماً، عاش فقيراً رغم إمبراطورية عظيمة يمتلكها، ومات مدافعاً عن الفقراء والبسطاء والكادحين ، لم أعهده سلبياً ولا كسولاً، مات صديقي دون أن نلتقي كما وعدني، لم أودعه في المقابل، مات الشهم ابن حي مصر الجديدة، الذي كان لا يعرف وطناً آخر سواه ، رغم الغربة التي عاشها في بلاد الفرنجة حسب تعبيره لي .
أتوسل إليك يا آلهي أن ترحم عبداً من عبادك الذين كانوا يسعون في الحياة لتعميرها
رحل عنان الجلالي في صمت
في صمت تام ولم يخبر أحداً رحل عن عالمنا المجنون رجل الاعمال المعروف عنان الجلالي، دون أن يهتم بوداع أحد كما كان يعيش لا يهتم سوي بعمله ومهنته، عاش كريما ومات كريما ، كان طموحا رغم سنه المتقدم ، وكان يعمل على تحقيق طموحاته بصرف النظر عن التحديات التي تعوق ذلك ، كان لا يعرف لليأس طريقاً، ولا يعرف لغة المحبطين ، قال لي ذات مره” لا أملك رفاهية الحزن واليأس والاحباط ” ، مازالت كلماته ترن في أذني.
مات صديقي عنان الجلالي.