جبر الخواطر”..حكاية فيلم لم يكتمل للمخرج الراحل عاطف الطيب

في عالم السينما، يظل حلم إكمال العمل الفني والتعبير عن الأفكار هو الدافع الأساسي لكل مخرج. إلا أن القدر قد يتدخل أحيانًا ليضع حدًا لأحلام البعض قبل أن تتحقق بالكامل. هذا هو الحال مع المخرج المصري الكبير عاطف الطيب وفيلمه الذي لم ير النور، “جبر الخواطر”.
عاطف الطيب، الذي يعتبر أحد أعمدة السينما المصرية في الثمانينيات والتسعينيات، كان يستعد لإخراج فيلمه الجديد “جبر الخواطر” عندما باغته المرض. قبل أيام قليلة من وفاته، كان الطيب يناقش تفاصيل الفيلم بحماس مع النجمة شيريهان، ولم يظهر عليه أي علامات تدهور صحي، بل كان يضحك ويدخن في الخفاء، ويبدو مستعدا تماما لمغامرته السينمائية الجديدة.
من المثير للسخرية، أن الطيب كان يخفي خبر جراحة القلب المؤجلة عن الجميع، بما في ذلك صديقه المقرب ومدير التصوير الشهير، سعيد شيمي، إذ لم يرغب في إزعاج أحبائه وكان مصمما على الاستمرار في العمل حتى النهاية.
بعد أيام قليلة من تلك النقاشات، جاء الخبر الصادم: عاطف الطيب رحل عن عالمنا. الخبر نزل كالصاعقة على أصدقائه ومحبيه، اجتمع الجميع في المستشفى، حيث كانت السيدة أشرف، زوجة الطيب، تقف صامتة وصابرة في وسط هذا الحزن العميق.
رغم الألم، قررت المجموعة المخلصة من أصدقاء الطيب تكريم ذكراه، وأنجزوا كتابا عن حياته ومسيرته الفنية، شارك فيه العديد من الأصدقاء والمحبين، وكتب له نجيب محفوظ مقدمة عبر فيها عن عبقرية الطيب.
السيدة أشرف، التي كانت تعتبر الطيب طفلها الأجمل بعد أن حرمتها الحياة من الإنجاب، لم تكتف بحبها له خلال حياته، بل واصلت الحفاظ على إرثه الفني بعد رحيله، وخصصت جدارا في منزلهما لعرض جميع جوائزه وتكريماته، وكانت تراجع ألبومات صوره يوميا.
لكن مع مرور الوقت، غلبها الحزن، واستسلمت للألم بفراق زوجها، حتى توفيت بعده بمدة قصيرة، لتلحق بحبيبها الذي لم تستطع الحياة من دونه.
هكذا، بقى “جبر الخواطر” حلما سينمائيا لم يكتمل، شاهدا على موهبة وإبداع عاطف الطيب الذي رحل قبل أن يحقق كل أحلامه، لكن ذكراه ستظل حية في قلوب محبيه وكل من عرفوه عن قرب.