تاريخ وحضارة

“درب سيناء”.. الحياة على الطريقة البدوية

راندا سالم

“درب سيناء”.. ربما يعتبرها البعض رحلة شاقة لما فيها من اختراق الصحراء والجبال والمناطق الوعرة؛ حيث تستغرق 14 يومًا، ويقطع روادها مسافة 280 كيلو مترا بدءًا من خليج العقبة منتهيًا بخليج السويس، لكنها الحياة على الطريقة البدوية، والعودة إلى الوراء ما يزيد على 140 عامًا حيث الحياة البدائية.
يقول اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء إن فكرة إحياء طريق “درب سيناء” أسهمت فى إيجاد تنوع كبير فى المنتج السياحى الذى يقدم للسياح ليضاف إلى كل أنواع السياحة الموجودة بسيناء.
وأشار إلى أن جنوب سيناء تمتاز بوجود تنوع حقيقى للسياحة، ومنها ” المؤتمرات الدينية، الشاطئية، التسوق خاصة بعد افتتاح شارع مصر بهضبة أم السيد فى شرم الشيخ، الترفيهية، سياحة الألعاب المائية، السفارى”، لذلك تم تكريم شيخ قبيلة الجبالية فى لندن من قبل الرابطة العالمية للسياحة والسفر عام 2016، ما يدل على وجود اهتمام عالمى كبير بنجاح إحياء الفكرة والتى من المتوقع أن تسهم في زيادة أعداد السياح رواد هذا النوع من السياحة بعد تطوير منطقة سرابيط الخادم الأثرية الفرعونية.
رحلة شيقة
يقول أحمد أبوراشد الجبالى شيخ قبيلة الجبالية بجنوب سيناء وأحد المشاركين فى مشروع إحياء “درب سيناء” إن طريق أو درب سيناء هو إحياء لطريق الحج القديم الذى كان يرتاده الحجاج المسلمون والمسيحيون، ويمرون بأغلب محطاته التى يمر منها الطريق.
ويضيف أن “درب سيناء” يبدأ من خليج العقبة، وتحديدًا من أمام جزيرة فرعون بمدينة طابا، مرورًا بمنطقة كلور كانيون فى نويبع أو ما يطلق عليه الجبل الملون وعين حضرة ومنطقة النواميس، ثم الجبل الأزرق، وصولا إلى سانت كاترين، حيث يصعد السياح قمة جبل موسى فى 6 ساعات صعودا وهبوطًا لمشاهدة شروق وغروب الشمس من أعلاه، ثم يتجه الطريق بالسياح إلى جنوب غرب، وصولا إلى جبل سربال فى منطقة وادى فيران بأبورديس، قبل أن يتجه من وادى فيران شمال غرب ليصل إلى منطقة سرابيط الخادم فى أبوزنيمة، حيث تنتهى الرحلة فى منطقة حمام فرعون؛ حيث المغارة الجبلية التى ينبع منها بخار الماء ليشفى مرضى الروماتيزم والروماتويد ويعد “ساونا” طبيعية.
ويوضح أن الطريق يبلغ طوله 280 كيلو مترًا، وتستغرق الرحلة 14 يومًا، ويخدم هذا الطريق 8 قبائل بدوية هى ” الجبالية، الترابين، المزينة، القرارشة، الحماضة، الصوالح، أولاد سعيد، العليقات “.
إقامة وإعاشة
وأشار أبو راشد إلى أن هذه القبائل تحرص على توفير وإقامة بيوت الشعر أو المعروفة بـ “الخيام البدوية”، كما تحرص على طهى وتقديم أشهى وأشهر الأكلات البدوية، وأبرزها ” الفراشيح”، جبن الماعز مع الزعتر وزيت الزيتون، كما تقدم شوربة العدس للسياح فى فصل الشتاء.
وأكد شيخ قبيلة الجبالية أنه خلال هذه الرحلة الشيقة والشاقة يمر السياح على أودية ومحطات بها واحات تشتهر بمحاصيل العنب والمشمش والتين واللوز وعين الجمل مثل وادى الأربعين والرصيص فى سانت كاترين، بخلاف عيون المياه العذبة والمالحة كوادى الواشواشى.
إحياء طريق الحج القديم
وأضاف أن”درب سيناء” هو إحياء لطريق الحج القديم الذى كان يربط سانت كاترين بمنطقة العقبة الأردنية، كما يربطها بالميناء البحرى فى السويس، فضلا عن ربطها بميناء الطور البحرى، مشيرا إلى أنه تم الحرص على قيام ذات القبائل البدوية التى كانت تؤمن طريق الحج القديم بالعمل فى محطاته كما كانت تعمل عليه منذ 140 عامًا.
ولفت أبو راشد إلى أن الفكرة بدأت بمشاركة 3 قبائل بدوية منذ 2015، وبعد مرور عام واحد شارك فى الطريق5 قبائل أخرى تعمل فى قطاع السياحة بمنطقتى خليج السويس والعقبة.
تكريم عالمى للقبائل
ونظرًا لأهمية هذا الطريق تم تكريم شيخ قبيلة الجبالية كممثل عن القبائل البدوية أصحاب فكرة إحياء “درب سيناء” من قبل الرابطة العالمية للسياحة والسفر فى لندن فى عام 2016 بحضور اللواء خالد فودة محافظ جنوب سيناء، كما حصلت القبائل البدوية على مستوى العالم على وسام أفضل مناطق سياحية مؤمنة.
سفارى طويل المدى
من جانبه، أكد حميد أبو غلبة الجبالى ـ دليل بدوى ـ أن رحلات “درب سيناء” المخصصة للسفارى طويل المدى تشبه زيارات الغابات فى جنوب سيناء، ومناطق المحميات الطبيعية على مستوى العالم، مشيرًا إلى أنه سيحقق عائدا ماديا مناسبا، والأهم من ذلك أن هذه الرحلات أعادت ثقة السياح فى الحالة الأمنية التى تشهدها جنوب سيناء، خاصة بعد أن تأثر قطاع السياحة بشكل ملحوظ عقب ثورة 25 يناير بسبب ما شهدته البلاد من حالات انفلات أمنى تناولتها بعض وسائل الإعلام بطريقة أثرت سلبا على قطاع السياحة.
وأضاف أن الهدف من هذه الرحلات هو استعادة رحلات السياحة طويلة المدى فى الدروب والأودية الجبلية، وتعريف السياح بثقافات البدو وحياتهم، وكيفية الحفاظ على المرأة فى الجبال أثناء ممارسة نشاطها فى الرعى، وكيفية إقامة بيت الشعر أو ما يطلق عليه “الخيمة البدوية “، وكيف أنها تقى قاطنيها من مياه الأمطار فى فصل الشتاء، وكيف تكون رطبة فى فصل الصيف، فضلا عن كيفية تصنيع الفراشيح وطهى الطعام فى الصحراء وسط الرمال.
تأمين الرحلة
وأوضح أبو غلبة أن هذه الرحلات تتم باستخدام أفضل الطرق العلمية من خلال الاستعانة بالخرائط التى تؤمن خط سير الرحلة وتضمن عودة السياح آمنين، فضلا عن مشاهدة السياح للعديد من المناظر الطبيعية الخلابة التى لا مثيل لها على مستوى العالم، وكيف يداوى البدو أنفسهم من لدغات الزواحف دون الرجوع للطبيب من خلال الطب البديل وهى الأعشاب.

ثقافة البدو
وقال سليمان محمود ـ دليل بدوى ـ إن رحلات السفارى طويلة المدى تمتاز بتعريف السياح على ثقافات البدو، وأعمال السيدات فى الرعي، وتصنيع المشغولات البدوية، واستخدام خامات بيئية تمثل الألوان البيئية التى تبرز حياة البدو.
وأوضح أن السير فى الصحراء وسط الجبال يجعل السياح يحاكون الطبيعة، خاصة وأن بعض الجبال وبفضل عوامل التعرية والنحت تحول شكلها إلى لوحات جمالية، وقد يشعر بعض السياح أن الصخور تحاكيهم، فمثلا فى طريق وادى الأربعين نجد أن الجبال بها بعض التكوينات على أشكال طيور، أو فى مدخل مدينة دهب أمام الكمين تحول الجبل على شكل جمل بارك على أرجله، لذلك فإن هذا النوع من السياحة له رواده، ولكن فى حالة إذا ما تم التسويق الجيد له أملا فى زيادة أعداد الأفواج السياحية.

درب سيناء
درب سيناء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى