فن الإعلان في مصر
درسنا في كلية الإعلام بأن الإعلان هو فن وعلم يستهدف بالأساس التسويق للمنتج أو الخدمة التي يتم الإعلان عنها، وأن الإعلان لابد وأن يتمتع بمجموعة من الخصائص التي تضمن نجاحه، سواء من حيث المضمون أو الشكل، بما يعني من حيث استخدام الرسالة الإعلانية الناجعة، مع التركيز في الشكل على عناصر الجاذبية والحداثة والوضوح والتكرار غير الممل.
ولا أحد ينكر أن فن الإعلان تطور بشكل مذهل خلال العقود الأخيرة، وصار فعلا أداة قوية في التسويق لأى منتج أو خدمة، بل وفي التسويق لسياسيين وفنانين ورياضيين، وفي رسم صور ذهنية معينة عن أكبر المؤسسات والمنظمات في العالم، بمعنى آخر اخترق فن الإعلان العالم غير التجاري إلى قطاعات السياسة والاقتصاد والسياحة والتنمية والفن والرياضة.
ولكن خلال السنوات الأخيرة ورغم التطور في تقنيات الإعلان، إلا الواقع يشير إلى أن الإعلان انحرف في طريقة استخدامه، فلو نظرنا – على سبيل المثال – إلى أضخم الحملات الإعلانية خلال شهر رمضان المبارك سنجد مثلا أن شركات الاتصالات الأربعة قد تنافست في الصرف واستقطاب أشهر الفنانين مع استخدام ديكورات عالية التكلفة، دون النظر إلى مستوى الخدمة أو المزايا التنافسية لهم… فكانت النتيجة إعلانات عائدها الوحيد هو الاستمتاع بالشكل وحفظ الأغاني من قبل الجمهور المتلقي، خاصة اذا ما كان الفنان محبوبا أو اللحن جميلا، دون أى عائد يذكر على الخدمة ذاتها.
ونمط آخر من الإعلانات التي تستحق التوقف مجددا وهو إعلانات التبرع، رغم كل الدعوات بوقف هذا النوع من الإعلانات التي لا تحترم الإنسانية وتنتهك الحقوق، بل تهين وتذل أصحاب العوز من المرضى والبسطاء، هل يعقل أن يخرج علينا أثرى أثرياء مصر واشهر الفنانين والرياضيين ويدعون إلى التبرع لصالح مستشفى أو جمعية خيرية، أو يطل علينا رجل دين يحثنا للتبرع لهذه الجمعية بعينها حتى نضمن الثواب عند الله.
الحل هو سرعة إصدار كود إعلاني ملزم يكون واضحا ومحددا ويلتزم به كل القائمين على صناعة الإعلان في مصر، واختراقه يعني وقف الإعلان والجهة القائمة على إنتاجه، ودعوة أيضا إلى كل أساتذة الإعلان في كليات ومعاهد الإعلام بمراجعة ما يدرس في هذا المجال وإعادة النظر فيما يطرح من نظريات، فنحن في حاجة إلى إعلان يعتمد على العلم ويقدم رسالة فنية تستهدف التسويق الإيجابي للخدمة أو المنتج أو الصور الذهنية المرجوة.