مساجد لها تاريخ.. مسجد أحمد بن طولون

راندا سالم
أسس الطولونيون أول دولة مستقلة في مصر خلال العصر العباسي ، حيث تمكنت مصر خلالها من الاحتفاظ بكل ثرواتها. قام أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية بالعديد من الإصلاحات الاقتصادية والثقافية, حيث بدأ بإنشاء عاصمة إدارية جديد تسمى القطائع، و بنى فيها مسجده المعروف حاليا بمسجد ابن طولون.
وقد امتد حكم الطولونيون حوالي خمس وثلاثين سنة ، وبعدها جاء الإخشيديون.
مسجد أحمد بن طولون
شيده أحمد بن طولون (323-358 هـ / 935-969 م) الوالي العباسي على مصر، بدأ البناء في عام 263هـ/ 876 م وانتهت عمارته فى عام 266هـ/ 879 م، يقع على قمة جبل يَشكر، ويعتبر الجامع الرئيسي لمدينة القطائع العاصمة الجديدة التي أتخذها أحمد بن طولون مقراً للحكم، والذى يعد خطوة أخرى لتأكيد إستقلالية أحمد بن طولون بمصر عن الخلافة العباسية.
وأهم مايميز الجامع مئذنته التي تعكس طراز مسجد العبّاس في سامراء(العراق)، على الرغم من أن تاريخ بنائها محل خلاف حيث يشير البعض أنها أضيفت إلى البناء فى وقت لاحق، كما تحتوي العقود والنوافذ المطلة على صحن الجامع على زخارف جصية هندسية ونباتية، تقع النافورة (الميضأه) المخصصة للوضوء في منتصف صحن الجامع وتعلوها قبة مرتكزة على أعمدة رخامية، وبداخل الجامع يوجد ستة محاريب ” مكان بجدار الجامع يميز إتجاه القبلة وهو موجه للكعبه المشرفة بمكة وجهة المسلمون أثناء الصلاة”، ويتميز المحراب الرئيسي للمسجد بأنه مجوف ذو زخارف غاية في الروعة.
أضيفت العديد من المنازل في فترة العصور الوسطي إلى خارج الجامع بعضها ملاصق لجدران الجامع مباشرة، وقد تم إزالتها في القرن العشرين فيما عدا بيت الكريتلية وآمنة بنت سالم(متحف جاير أندرسون حالياً)، ولذلك تم بناء مساحة محاطة بسور تفصل الجامع عن العالم الخارجي، ويطلق عليها “زيادة”. وحالياً يحتفظ الجامع بتخطيطه الأصلي ولكن نادراً ما يستخدم في صلاة الجماعة.
وللجامعِ ستة محاريب، خمسة منها غير مجوفةٍ، أما المحراب الأصليّ فإنه منحرفٌ عن القبلة ذلك أنَّه يميل جنوبًا عن محراب الصحابة الموجود في جامع عمرو بن العاص؛ حيث يقول المقريزيّ في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخِططِ والآثار: “وأنت إنْ صَعِدَتَ إلى سطح جامع ابن طولون، رأيت مِحْرَابَه مائلًا عن محراب جامع عمرو بن العاص إلى الجنوب، وقد عُقِدَ مجلس بجامع ابن طولون في ولاية قاضي القضاة عزّ الدين عبدالعزيز بن جَماعَة، حضره علماء الميقات، ونظروا في محرابه، فأجمعوا على أنَّه منحرفٌ عن خطّ سَمْت القبلة إلى جهة الجنوب، مُغَرِّبًا بِقَدْرِ أربع عشرة درجة، وكُتِبَ بذلك محضرٌ، وأُثْبِتَ على ابن جَماعَة.
أما باقي المحاريب، فإنها بُنيتْ بعد ذلك في عصور تالية للعصر الطولوني، أبرزها: محراب الخليفة الفاطميّ المستنصر، ويتبين من النقوش الكتابية أن الذي أمرَّ بإنشائه هو فتى المستنصر الأفضل بن بَدْرٍ الْجَمَالِيُّ سنة 487هـ، ومحراب السلطان حسام الدين لاجين الذي أنشأه سنة 696هـ؛ لورود اسمه وألقابه في نقش على المحراب.