“ناني” صاحب أقدم شكوى بشرية.. عميل خُدع بالعراق قبل 4 آلاف عام

نشر موقع “ساينس أليرت” صورة للشكوى المحفورة على لوح طيني، وتعود الى العصر البرونزي، ويؤكد العلماء أنها أقدم شكوى مسجلة من عميل في تاريخ البشرية
اكتشف العلماء مؤخراً الشكوى الأقدم في تاريخ البشرية والتي تبين بأنها تعود إلى ما قبل 4 آلاف سنة من الآن، وهي موجودة في العراق، أو ما كان يُسمى آنذاك “بلاد ما بين النهرين”، وتمكن العلماء أخيراً من تفكيك رموزها ومعرفة مضمونها.
وبحسب التقرير الذي نشره موقع “ساينس أليرت” Science Alert، المتخصص بأخبار العلوم والتكنولوجيا، واطلعت عليه “العربية.نت”، فإن الشكوى أعرب فيها أحد الزبائن عن خيبة أمله الشديدة من تعامله مع أحد التجار بسبب أنه لم يحصل على الخدمة التي كان يرغب بها، حيث اشترى من ذلك التاجر كمية من النحاس ويبدو أن تعامل التاجر لم يرق له فكتب تلك الشكوى التي خلدها التاريخ ووصلت إلى البشرية بعد أكثر من 4 آلاف عام.
ونشر موقع “ساينس أليرت” صورة للشكوى المحفورة على لوح طيني، وتعود إلى العصر البرونزي، ويؤكد العلماء أنها أقدم شكوى مسجلة من عميل في تاريخ البشرية.
وبحسب التفاصيل، قبل حوالي 4000 عام، شعر رجل من “بلاد ما بين النهرين” يُدعى “ناني” بخيبة أمل شديدة من النحاس الذي اشتراه من تاجر يُدعى “إيانصر”، فقرر كتابة شكوى رسمية، وهي طويلة جداً ومحفورة على لوح من الطين منذ ذلك الحين.
ويقول العلماء إن للكتابة والتجارة تاريخا لا ينفصل، ومن أقدم الأمثلة الباقية على اللغة المكتوبة جرد المخزونات ودفاتر الحسابات المسجلة بالخط المسماري القديم لبلاد ما بين النهرين.
وبما أن النحاس كان عنصرا أساسيا في البرونز الذي سُمي العصر باسمه، فليس من المستغرب أن تشتعل الخلافات التجارية المتعلقة بهذا المورد أحياناً، بحسب تحليل العلماء.
ولم يكن من السهل في تلك الأيام إخبار أي شركة بعدم رضاك عن طلبك، وفي غياب خط مساعدة العملاء اضطر العميل الغاضب ناني إلى نقش شكواه في التراب، ثم إرسالها إلى إياناصر عبر رسول (أي شخص ينقل الرسائل بين الناس، وليس تطبيقاً يرسلها عبر الإنترنت).
ولم يُهدر ناني شبراً واحداً من طينه، حيث غطت شكواه وجهي وظهر لوح صغير أبعاده 11.6 × 5 سنتيمترات.
وكتب ناني: “وضعتَ سبائك من النحاس غير صالحة أمام رسولي، وقلتَ: إن أردتَ أخذها، فخذها، وإن لم تُرد أخذها، فاذهب بعيداً”.
ويقول العلماء إنه على الرغم من كون “إيانصر” يبدو تاجر نحاس فاشلا بكل المقاييس، إلا أنه كان دقيقاً في حفظ السجلات، وخلال حفريات القرن العشرين في مدينة أور (العراق)، عُثر على هذا اللوح الطيني إلى جانب العديد من اللوحات الأخرى الموجهة إلى التاجر نفسه، فيما يُفترض أنه مسكنه.
ولم تكن شكوى ناني الوحيدة بين هذه السجلات، حيث يبدو أن “إيانصر” قد أغضب الكثيرين، لكن هذه الشكوى هي الأقدم والأكثر انتقاداً له.
وتابع ناني: “لقد أرسلتُ رسلاً، من السادة مثلنا، لاستلام الحقيبة التي تحتوي على نقودي (المودعة لديك)، لكنك عاملتني بازدراء بإعادتها إليّ خالية الوفاض عدة مرات”.
ويُقدر العلماء بأن هذه الشكوى التي عثروا عليها في العراق تعود الى العام 1750 قبل الميلاد.