مال وأعمال

خبير اقتصادي: أسعار النفط العالمية لن تتراجع خلال 2022

الألمانية

لا يبدو أن أسواق النفط العالمية ستستقر خلال العام الحالي في ظل استمرار الغموض المحيط بالاقتصاد العالمي نتيجة جائحة فيروس كورونا المستجد من ناحية، والمشكلات التي تحيط بالقدرات الإنتاجية للعديد من الدول النفطية من ناحية أخرى.

ويقول المحلل الاقتصادي المتخصص في أسواق النفط جوليان لي إن هناك مدرستين مختلفتين بشأن تطورات أسواق النفط العالمية خلال العام الحالي، لكنهما تتفقان على أمر واحد وهو أن هذه الأسواق لن تكون هادئة.

ترى المدرسة الأولى أن السوق العالمية ستشهد نمو المعروض والإمدادات بوتيرة أسرع من وتيرة نمو الطلب، لترتفع المخزونات، وقد يضطر تجمع أوبك بلس للدول المصدرة للنفط إلى التفكير في خفض جديد للإنتاج.

في المقابل تركز المدرسة الثانية على تراجع مستويات المخزون النفطي للدول للمستهلكة في الوقت الحالي، مع انكماش القدرات الانتاجية الاحتياطية لدى الدول المنتجة في ظل تراجع الاستثمارات الجديدة في مجال التنقيب عن النفط واستخراجه.

لذلك تتوقع هذه المدرسة وصول أسعار النفط العالمية إلى 100 دولار للبرميل أو أكثر قبل نهاية العام الحالي، ما لم يشهد الطلب العالمي تراجعا حادا، وهي الرؤية التي يميل إليها جوليان لي كبير المحللين في مركز دراسات الطاقة العالمية سابقا، بحسب تحليل نشرته وكالة بلومبرج للأنباء.

وبحسب التحليلات التي تم تقديمها للدول الأعضاء في تجمع أوبك بلس قبل اجتماعها في الأسبوع الماضي، سيشهد العام الحالي إعادة تكوين مخزونات النفط لدى الدول المستهلة، لتعويض النقص الذي شهده العام الماضي. ولن تكون زيادة المخزونات نتيجة لتراجع الاستهلاك أو الطلب.

بالعكس فالتوقعات تشير إلى نمو الطلب العالمي على النفط خلال العام الحالي ليتجاوز مستويات ما قبل جائحة فيروس كورونا المستجد ويصل إلى 101 مليون برميل يوميا في المتوسط، ويزيد على 103 ملايين برميل يوميا في ديسمبر المقبل.

في الوقت نفسه هناك قدر كبير من الغموض المحيط بآفاق الطلب في ظل انتشار المتحور الجديد من فيروس كورونا المستجد أوميكرون، لكن ما حدث في الشهر الماضي يشير إلى أنه في حين ينتشر المتحور أوميكرون بسرعة كبيرة، فإن أغلب المصابين به لا يحتاجون إلى تلقي العلاج في المستشفيات، وبخاصة بين هؤلاء الحاصلين على التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد.

لذلك فقد تراجع العديد من دول العالم عن القيود التي أعادت فرضها لاحتواء تفشي هذا المتحور، مما يزيد احتمالات تعافي سوق الطيران العالمية وبالتالي نمو الطلب العالمي على النفط خلال الشهور المقبلة.

وسيكون السبب وراء الضعف المحتمل لأسواق النفط هو زيادة الإمدادات، حيث يتوقع تجمع أوبك بلس وصول الإمدادات العالمية إلى أكثر من 104 ملايين برميل يوميا قبل نهاية العام الحالي.

ولكن جوليان لي يرى أن هناك مشكلات في هذه التوقعات أبرزها افتراض أن الدول الـ 19 من أعضاء تجمع أوبك بلس المكون من 23 دولة، والتي لها حصص إنتاجية محددة ستتمكن من الوصول بإنتاجها إلى المستويات المستهدفة، لكن الواقع عكس ذلك، فهناك دول لن تصل إلى المستوى المستهدف ودول لا تستطيع الوصول إليه.

ففي ديسمبر الماضي كان إنتاج تجمع أوبك بلس أقل من سقف الإنتاج المتفق عليه بمقدار 625 ألف برميل يوميا. وفي نوفمبر الماضي كان الإنتاج أقل من المستوى المستهدف بمقدار 655 ألف برميل يوميا، ليستمر إنتاج التجمع أقل من المستوى المستهدف للشهر السابع على التوالي.

ومن المنتظر ارتفاع هذا الفارق بين الإنتاج والمستوى المستهدف مع قرار التجمع في الأسبوع الماضي زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا اعتبارا من أول شباط/فبراير الماضي. معنى هذا أن إمدادات النفط لن تكون كبيرة بالدرجة المأمولة أو التي يخشى منها بحسب منظور كل طرف ينظر إلى مستويات الإنتاج.

وكما ترى المدرسة التي تتوقع استمرار ارتفاع أسعار النفط، فإن المخزون العالمي من الخام منخفض بالفعل.

فبحسب بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الصادرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، فإن المخزونات التجارية لدى دول المنظمة تبلغ حاليا 174 مليون برميل وهو ما يقل بنسبة 6% عن متوسط المخزون خلال الفترة من 2015 إلى 2019.

وفي حين يمكن أن تؤدي زيادة إنتاج أوبك بلس إلى تقليص الفجوة في المخزون، فإن هذه الزيادة ستأتي بالتزامن مع تراجع فوائض الطاقة الإنتاجية التي يمكن استخدامها في حال حدوث اضطراب غير متوقع في الإمدادات. وهذه الاضطرابات تلوح في الأفق بالفعل.

فليبيا التي نجحت في المحافظة عى مستوى إنتاج فوق مليون برميل يوميا خلال العام الحلي، تعاني من قيام المجموعات المسلحة التي تحرس خط أنابيب نقل النفط الخام من أكبر حقولها بإغلاق الخط، والحاجة الملحة إلى صيانة أحد الخطوط التي تخدم أكبر ميناء نفطي ليبي. ورغم إنجاز عملية الإصلاح بسرعة، فإن إنتاج ليبيا الآن مازال أقل بنسبة 25% من مستوياته في العام الماضي.

وفي حين اعتادت الإمارات العربية المتحدة والسعودية والعراق زيادة إنتاجها عن خط الأساس المستخدم في حساب كمية الخفض في إنتاجها، فإن الدول الثلاث هي فقط التي تستطيع عمل ذلك من بين كل دول أوبك بلس.

وبمرور الوقت ومع عودة الإنتاج إلى مستويات ما قبل الخفض الكبير الذي تم إقراره في أبريل الماضي، لن يكون لدى العالم أي طاقات إنتاجية احتياطية أكثر من 5ر2 مليون برميل يوميا بما يعادل 5ر2% من إجمالي الطلب العالمي، وهو رقم ضئيل جدا بالمعايير التاريخية، ولا يمكن أن يضمن استقرار السوق العالمية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى