[ الصفحة الأولى ]كتّاب وآراء

عهدات موسى تكتب: أيقونةُ الصّدقِ

اخترتُ (ثقافةُ الصّدقِ) لأنّ هذه الثّقافة نحتاجُها اليوم أكثر من ذي قبل، نعم نحتاج نشرها وبقوّةٍ في زمنٍ كثُرَ فيه الكذبُ والخداع، والمراوغة والنفاق، فالغالبيّة تسعى للكذب لتُحقّقَ ماتريد، وللأسف الشديد.  

أمّا الصّدقُ، فهو مطابقةُ القولِ للواقعِ والحقيقة، وهو نقيضُ الكذب، وهوَ فضيلةٌ أخلاقيّةٌ إيجابيّةٌ ورثناها معَ جملةٍ من مكارمِ الأخلاقِ العربيّةِ النّبيلةِ الأصيلةِ الّتي نعتزُّ بها، وخيرُ شاهدٍ على ماهيّةِالصّدقِ قولهُ تعالى: “ليجزيَ الّلهُ الصّادقين بصدقِهم ويُعذِّبُ المنافقين”، وقولُ رسولِ الّله (ص): زينةُ الحديثِ الصّدقُ. 

وهناكَ معانٍ جميلةٍللصّدقِ تتجلّى في القولِ والفعلِ، وصدقِ النيّةِ في الحبِّ والإرادةِ، والعزمِ ونشرِ الخيرِ، وكذلك الصّدقُ في الوفاءِ بالعهدِ والوعدِ والتّضحيةِ، وأيضاً الصّدقُ في العملِ بجميعِ أشكالهِ وأنواعهِ وهذا الأخير يُعطينا مردوداً معنويّاً وماديّاً، وبفضلهِ تزدهر المجتمعات وتتقدّمُ، حيثُ يُصنّفُ إنتاجها من خلالِ عرقَ الجباهِ الذي يحكي ويترجمُ صدقَ العملِ في الإنجازِ، وهنا أقولُ: من يعمل بصدقٍ يُنجزُ بصمتٍ.

ولماذا لاتكونُ معانيَ الصّدقِ جميلةً ورائعة، فالجذرُ الّلغوي للمصدر (الصّدق) هو (صَدَقَ) وصيَغُ المبالغة من اسم الفاعل (الصّادقُ) هو (صديق،صدوق،صدّاق،صدّاقة،مِصداق)
فهذه المبالغة تحملُ الكثير من فضائل المعنى السّامي والجميل للصّدقِ وحاملُ هذه الصّفة.

كما أن جماليّةُ الصّدقِ ياأصدقائي تكمنُ في قيمتِهِ الخالدة، سواء كانت في حياتنا اليوميّة أم في الحلمِ المتوقعِ المبني على مصداقيّةِ العقل الباطن الّذي يتلقى أوامرَهُ من مصداقيّةِ العقلِ الظّاهر، فالصّدقُ لانخترعُهُ، بعكسِ الكذبِ الّذي قدْ يُبدِعُهُ البعضُ، ويسيرُ وراءَهُ من أجلِ شرورٍ بحدِّ ذاتِهِ، وتأتي جماليّةُ الصّدقِ منَ العفويّةِ المكتسبة، ومنَ التّربيّةِ المتأصّلة والمتجذّرة في النّفوسِ والضّمائر.

وصفوةُ القولِ: إنّ واجبَنا الأخلاقيّ هو نشرُ ثقافة الصّدقِ في جميعِ المحاضرِ والمحافلِ، لأنّنا نعيشُ في زمانٍ يُزيّنُهُ البعضُ بحفاوةِ الكذب، بينما في الزّمنِ الماضي لم نكنْ بحاجةٍ إلى هذه الثّقافة، لأنّها كانتْ مُكتسبة تلقائياً من البيئةِ السّليمةِ المتعافية المُشبعة بشمائلِ الأخلاقِ الكريمة التي حرصَ أجدادُنا العرب على نشرِها والتّمسكِ بها، وإهدائها من جيلٍ إلى آخر للحفاظِ عليها وعلى هذا الإرث الثّابتِ بلونهِ وبريقِهِ.

فيَاصاحِ
كنْ لي صديقاً
كنْ معي صدوقاً
وحذارِ منَالكَذِبِ
فما اعتادتْ روحي
إلّا أن تَهدي وتُهدى
أيقونةَ الصّدقِ.

Related Articles

Back to top button