ميادة سيف تكتب: هل أصبحت هاريس رمزًا للقيادة النسائية؟
يشهد التاريخ أن المرأة الأمريكية قامت بالعديد من المحاولات على مر العصور للوصول إلى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة فكانت فيكتوريا وودهال – عام 1872 – أول امرأة ترشحت عن حزب الحقوق المتساوية، وهي ناشطة على الرغم من أنها لم تحقق نجاحًا في الانتخابات إلا أن ترشحها شكل خطوة مهمة في التاريخ السياسي الأمريكي تلتها بيرل ب. كايزر – عام 1884 – التي ترشحت عن حزب حقوق المرأة فكانت محامية وناشطة في مجال حقوق المرأة، ورغم أنها حصلت على دعم محدود، إلا أنها ساهمت في تعزيز موقف النساء في السياسة الأمريكية.
بعدها جاءت كلارا لويز لوس – عام 1912 – التي ترشحت عن الحزب الاشتراكي فكانت ناشطة اجتماعية وقائدة في مجال حقوق المرأة، ولم تحقق فوزًا، لكن ترشحها ألقى الضوء على القضايا الاجتماعية والسياسية التي كانت تهم النساء في ذلك الوقت وفي عام 1984، أصبحت جيرالدين فيريرو أول امرأة تُنتخب كمرشحة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الديمقراطي بجانب والتر مونديل تلاها ترشح هيلاري كلينتون في عام 2008، حيث كانت مرشحة قوية عن الحزب الديمقراطي لكنها خسرت الترشيح لصالح باراك أوباما ثم ترشحت مرة أخرى في عام 2016 كأول امرأة تصل إلى هذا المنصب من حزب رئيسي خاضت الانتخابات ضد دونالد ترامب، لكنها لم تفز بالرئاسة كما ترشحت جوانا سكلين في عام 2020 كمستقلة، ورغم أنها لم تحقق فوزًا، إلا أنها ساهمت في زيادة الوعي بأهمية مشاركة النساء في الانتخابات الرئاسية.
وأخيرًا، جاءت كاميلا هاريس من منصب المدعية العامة لتصبح نائبة الرئيس الأمريكي، حيث تعد واحدة من أبرز الشخصيات السياسية في الولايات المتحدة اليوم ،لعبت هاريس دورًا محوريًا كأول امرأة ذات أصول أفريقية وآسيوية تشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي .
بدأت هاريس مسيرتها المهنية في مجال القانون، حيث عملت كمدعية عامة في مكتب المدعي العام لمقاطعة سان فرانسيسكو، واكتسبت سمعة قوية كمدافعة عن العدالة، خاصةً في قضايا حقوق الإنسان و ساهمت في تطوير سياسات جديدة لمكافحة الجريمة، ومنذ عام 2010 وحتى 2016، أظهرت التزامًا قويًا بقضايا العدالة الاجتماعية والإصلاح القضائي وركزت جهودها على مكافحة الجرائم الإلكترونية، والتحقيق في قضايا الشرطة واستخدام القوة المفرطة، ودعمت حقوق المرأة والأقليات.
في عام 2016 اختارها الناخبون لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا فقدمت هاريس نفسها كمشرعة قوية ومبدعة، مع التركيز على قضايا الرعاية الصحية، وحماية حقوق المهاجرين، وإصلاح نظام العدالة الجنائية وفي عام 2020 اختارها الرئيس جو بايدن كمرشحة لمنصب نائبة الرئيس في الانتخابات الرئاسية فكانت هذه الخطوة تاريخية، إذ أصبحت هاريس أول امرأة من أصول أفريقية وآسيوية تُنتخب نائبة للرئيس في تاريخ الولايات المتحدة.
لعبت هاريس دورًا بارزًا في عدة قضايا وطنية رئيسية، من بينها التعامل مع أزمة الجائحة كرونا ، وتعزيز المساواة الاجتماعية، وإصلاح نظام الهجرة كما ساهمت في تعزيز العلاقات الدولية للولايات المتحدة ودعمت الجهود المبذولة لمواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية..
لكن هل تعلمت كامالا هاريس من تاريخ المرشحات السابقات للرئاسة الأمريكية وأسباب عدم نجاحهن، وتغلبت عليها من خلال استراتيجيات محكمه في العديد من الحالات، لم تتمكن المرشحات من الحصول على دعم كافٍ من الأحزاب أو الناخبين لمنافسة المرشحين الذكور بشكل فعال، كما حدث مع فيكتوريا وودهل وبيرل ب. كايزر. بالإضافة إلى ذلك، واجهت النساء تحديات كبيرة تتعلق بالتحيزات الاجتماعية والسياسية التي تفضل الرجال، وهو ما كان واضحًا في الانتخابات التي خاضتها هيلاري كلينتون.
و ايضا كان تمويل الحملات والدعاية دائمًا من العوامل الحاسمة في الانتخابات فغالبًا ما واجهت المرشحات صعوبات في جمع الأموال بشكل يعادل المرشحين الذكور الرئيسيين، كما حدث مع هيلاري كلينتون في بعض الحالات.
كذلك، كانت هناك حاجة لبناء تحالفات واسعة داخل الأحزاب السياسية وبين الناخبين المستقلين، وهو أمر قد يكون معقدًا في بيئة سياسية موجهة نحو النمط التقليدي للمرشحين الذكو و أحيانًا كان المرشحون المنافسون يتمتعون بقاعدة دعم قوية وخبرة سياسية تؤهلهم للفوز، كما حدث مع باراك أوباما في مواجهته لهيلاري كلينتون عام 2008، ومع دونالد ترامب في انتخابات 2016.
كل هذه العوامل مجتمعة أثرت على نتائج الانتخابات وساهمت في عدم فوز النساء بالرئاسة حتى الآن.
إذن، نرجع للسؤال الاساسي للمقال هل يمكن أن تصبح كامالا هاريس رمزًا للقيادة النسائية والتنوع العرقي في تاريخ السياسة الأمريكية، حتى لو لم تفز في الانتخابات؟