سور مجرى العيون.. حكاية لها تاريخ

لا تزال دفاتر التاريخ تكشف لنا يومًا بعد يوم سرًا من الأسرار التى تبوح بها منطقة من المناطق، لحضارة ما، حلت فى تلك البقعة ثم ارتحلت، بفعل التاريخ أيضَا، فكم من أقوام فى عصور ما، ذهبوا وتركوا خلفهم عمارة لها أسرار، تحاول عقول المختصين تغوص فيه وتبحر فى تجلياتها لتكشف لنا السر وراء ذلك العمار، ورغم الكثير من النقوش التى تركها أصحاب الحضارات لتشير إليهم ولتكشف الغطاء عنهم، إلا أن هناك الكثير والكثير الذي اندثرت نقوشه التى تنبئ عن صاحبه..
موضوعات قد تهمك
اكتشاف مثير للاهتمام.. أسرار 3 قبور فى فرنسا متجهة نحو مكة
كوم الشقافة.. مقابر الرومان العامة المنسية
الذكرى 17 لإعلانها من عجائب الدنيا، البترا ..مملكة الأنباط
مصر من الإسكندرية حتى أسوان، بصفة عامة والقاهرة الفاطمية بصفة خاصة تزخر بالأسرار التي ترنو قلوب العاشقين للتراث وعيون المحبين لمطالعة الأسرار، لتشم رائحة عبق التاريخ، وتستلهم مقومات حضارات من خلال الغوص فى خيالات تتجسم كأنها تعيش بيننا..
«بوابة أخبار السياحة».. تصحبنا فى جولة من خلال دروب القاهرة التاريخية، لتلقى الضوء على معلم من معالمها القديمة هو سور مجرى العيون..
حكاية سور مجرى العيون
تم تشييد سور مجرى العيون بغرض تزويد القلعة التى بناها صلاح الدين الأيوبي، بالماء، فرغم، أن السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب “صلاح الدين الأيوبي” مؤسس الدولة الأيوبية بمصر، قام بحفر بئر عرفت باسم “بئر يوسف” نسبةً له، لتوصيل المياه للقلعة، لكن تلك البئر لم توفِ بجميع احتياجات القلعة من الماء، مما، أرق فكر السلاطين، وأقض مضجعهم.. ومن هنا بدأ التفكير فى وسيلة أخرى لنقل مياه النيل إلى القلعة.

قاد التفكير فى العصر المملوكي، وبالتحديد فى عصر السلطان محمد بن قلاوون، عام 1312م، المهندسين، لحل تلك المشكلة من خلال بناء سور ضخم، وأربعة سواقي على ضفاف النيل، لرفع ونقل المياه من منخفض نهر النيل غرب شارع فم الخليج إلى مرتفع قلعة صلاح الدين الأيوبي شرق الشارع.
وقد خضع السور لأول عملية تجديد في عصر السلطان قنصوه الغوري، الذي أمر ببناء ست سواقي بالقرب من السيدة نفسية، حتي تعمل تلك السواقي على تقوية تيار المياه الني تصل إلي آبار القلعة، ولذلك كان يعرف السور قديماً باسم “السبع سواقي” نظرًا للست سواقي الموجودين ببرج المأخذ والساقية السابعة الموجودة خلف السور.
ولكن لم يتبق من السور اليوم سوى الجزء الممتد من فم الخليج حتى ميدان السيدة عائشة، والذي يشير ملامح الصمود والثبات والعزيمة التى ورثها عن الدولة المملوكية.
وصف سور مجرى العيون
يتكون السور من “برج المآخذ” وهو المبنى الذي يوجد به ست سواقي لرفع المياه إلى القناة الصغيرة الموجودة أعلى السور والمحمولة على مجموعة ضخمه من القناطر (العقود المدببة) تنتهى بصب مياهها في مجموعة من الآبار الضخمة داخل القلعة لتزويد القلعة بالمياه الكافية، فكان سور مجرى العيون هو الساقي الرئيسي للمنطقة آنذاك وكلما جرت به المياه ازدهرت الحدائق المحيطة بالقلعة، وروى الناس عطشهم، ونمت الأشجار وترعرعت بالقلعة.
