ميرنا القاضي تكتب: سانت كاترين حينما تتجلى الروح في أحضان الجبال المقدسة
عندما نتحدث عن مدينة تجمع بين التاريخ والقداسة والجمال الطبيعي، فإن الحديث حتمًا سيقودنا إلى سانت كاترين، جوهرة سيناء وواحدة من أكثر البقاع تفردًا على وجه الأرض. تلك المدينة التي شهدت على مر العصور تجليات إلهية وأحداث تاريخية خالدة، أصبحت اليوم رمزًا للسلام والتعايش بين الثقافات والأديان. بموقعها الفريد، وسط جبال سيناء الشاهقة حيث تروي الصخور قصص الأنبياء، إنها المدينة التي تتحدث عنها السماء والأرض معًا، وتُخاطب زائريها بلغة تجمع بين الصمت والجلال. هنا، حيث ارتفعت الدعوات، وتجلت الأنوار الإلهية، تفتح سانت كاترين أبوابها للعالم بمشروع “التجلي الأعظم”، لتُعيد تعريف السياحة الروحية والبيئية على خريطة العالم.
المقومات السياحية في سانت كاترين
1- الأهمية التاريخية والدينية
سانت كاترين ليست مجرد مدينة، بل هي متحف مفتوح يُجسد عبق التاريخ.
دير سانت كاترين: هو الأقدم في العالم، يحتضن مكتبة تُعد الثانية عالميًا بعد مكتبة الفاتيكان من حيث أهمية مخطوطاتها التي تزيد عن 4500 مخطوط نادر. يُمثل الدير رمزًا للتسامح والسلام، ويحتوي على كنائس عريقة مثل كنيسة القديسين اسطفانوس ويوحنا التي خضعت لعمليات ترميم للحفاظ على جمالها الأثري.
جبل موسى: الموقع الذي تجلى فيه الله سبحانه وتعالى للنبي موسى عليه السلام، وهو أحد أهم المزارات المقدسة في الأديان السماوية، حيث يشعر الزائرون بروحانية نادرة بين صخور هذا الجبل.
مقام النبي هارون: يضيف بُعدًا آخر للطابع الديني الذي تتمتع به المنطقة، حيث يُعتبر مزارًا يربط بين الماضي الروحي والحاضر.
2- السياحة البيئية والطبيعية
محمية طبيعية فريدة: تُعد سانت كاترين أكبر محمية طبيعية في مصر، وتُحيطها مجموعة من أعلى الجبال في البلاد مثل جبل كاترين (أعلى قمة في مصر) وجبل الصفصافة.
المناظر الطبيعية الخلابة: بجوها الأوروبي المميز، خاصة في الشتاء عندما تُغطي الثلوج قمم الجبال، تُصبح المنطقة وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والهدوء.
التنوع البيولوجي: تُعتبر موطنًا لأنواع نادرة من النباتات والحيوانات، مما يجعلها مقصدًا لعشاق البيئة والمغامرات.
3- الأنشطة السياحية
رياضة تسلق الجبال: تجذب سانت كاترين عشاق المغامرة، حيث يُمكنهم تسلق قممها الشاهقة والاستمتاع بالمناظر البانورامية.
رحلات السفاري: تُتيح فرصة استكشاف جمال الصحراء وسحر الطبيعة في سيناء.
السياحة الروحانية والاستشفائية: تُعد ملاذًا للباحثين عن الصفاء الروحي والسلام النفسي وسط الوديان والجبال المقدسة.
مشروع التجلي الأعظم فوق أرض السلام
في ضوء أهمية سانت كاترين الدينية والبيئية، يأتي مشروع “التجلي الأعظم” ليُبرز هذه المدينة كمزار روحاني عالمي ووجهة سياحية من الطراز الأول.
أهداف المشروع
تنمية البنية التحتية: إنشاء مدينة سانت كاترين الجديدة، وتطوير منطقة وادي الدير لتواكب المعايير العالمية للسياحة.
الحفاظ على التراث: ترميم مكتبة دير سانت كاترين، التي تحتضن كنوزًا معرفية ودينية لا تُقدر بثمن، بالإضافة إلى ترميم الكنائس الأثرية داخل الدير.
الترويج للسياحة الروحية: إنشاء مزار روحاني عالمي يستقطب الزوار من جميع أنحاء العالم للتمتع بجمال الوادي المقدس وروحانيته.
الاستدامة البيئية: تعزيز مكانة سانت كاترين كأكبر محمية طبيعية في مصر، وضمان حماية النظام البيئي الفريد للمنطقة.
سانت كاترين على خريطة السياحة العالمية
تمثل سانت كاترين نقطة تحول في السياحة المصرية، حيث تُبرز التنوع الذي تتميز به مصر. من الآثار الفرعونية إلى المعابد اليونانية والرومانية، ومن شواطئ البحر الأحمر إلى جبال سيناء المقدسة، تُضيف سانت كاترين بُعدًا جديدًا يتمثل في السياحة الروحية التي تجذب الزوار الباحثين عن تجربة تجمع بين السلام النفسي والتاريخ العريق.
بفضل مشروع “التجلي الأعظم”، ستتحول سانت كاترين إلى وجهة سياحية عالمية تلبي احتياجات الزوار من مختلف الثقافات والأديان. إنها ليست مجرد مدينة، بل هي رمز للسلام والتعايش وروحانية لا مثيل لها، ما يجعلها جسرًا بين الماضي والحاضر، وبين الإنسان والطبيعة.
سانت كاترين.. حيث تتجلى السماء على الأرض، ليُصبح كل زائر جزءًا من حكاية خالدة في واحدة من أعظم بقاع الأرض قداسة وجمالًا.