“سعر بلد المنشأ” يضيّع على مصر ملايين الدولارات من عوائد تصدير الدواء
رغم تخطي صادرات مصر الدوائية حاجز المليار دولار لأول مرة في تاريخها خلال عام 2023، إلا أن أسعار الدواء لا تزال تمثل عائقا رئيسيا أمام تحقيق عوائد تصدير قياسية تلبي جزءا من الاحتياجات الدولارية للدولة الأكبر في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان.
قال رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية المصرية، علي عوف، إن أسعار الأدوية المتداولة في السوق المصرية تمثل مُعضِلة أمام زيادة عوائد البلاد من صادرات الأدوية للخارج، خاصة أن الأسواق الخارجية تلزم الشركات المصرية بتصدير منتجاتها بنفس أسعار تداولها في البلاد (سعر بلد المنشأ).
وأضاف عوف أن صادرات الأدوية المصرية للخارج مرتفعة من حيث الوحدات (UNITS)، لكنها منخفضة جداً من حيث القيمة (Value)، نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بالمنتجات المثيلة المُصنعة في دول أخرى.
“يعد الدواء إحدى السلع المسعرة جبرياً في مصر، لذا فإن أسعاره تراعي البعد الاجتماعي للمواطنين في الداخل، لكن الأمر يصبح أزمة عند التصدير للخارج بالأسعار نفسها”، بحسب عوف، الذي قال “إحدى الدول في المنطقة تستورد الدواء المصري منخفض الثمن لمواطنيها وتقوم بتصدير الدواء المنتج داخلها للخارج لتحقيق عوائد دولارية كبيرة”.
وأوضح عوف أن إحدى الدول في المنطقة التي تستورد الدواء المصري لا تلزم شركاتها بتسعيرة جبرية مثل مصر، لذا يكون التصدير مصدرا مهما جداً لها لتحقيق عوائد دولارية كبيرة سنوياً، خاصة أن الدواء الخاص بها يشبه تماماً الدواء المصري من حيث الجودة لكن يختلف عنه في السعر بفارق كبير.
ويرى عوف أن حل أزمة سعر بلد المنشأ عبر اعتماد أسعار خاصة للأدوية التي يتم تصديرها للخارج، يساعد مصر على مضاعفة صادرات الصناعات الدوائية من مليار دولار إلى ملياري دولار سنوياً على أقل تقدير.
وتسعى شركات الأدوية العاملة في السوق المصرية منذ تحرير سعر الصرف مطلع مارس الماضي، لزيادة أسعار عدد كبير من مستحضراتها، خاصة أن 90% من مدخلات إنتاج الدواء مستوردة من الخارج.
وقبل أسبوعين، نقلت “العربية Business” عن رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية تصريحات تفيد بتقدم شركات الأدوية بطلبات لهيئة الدواء المصرية لتحريك أسعار نحو 700 مستحضر دوائي بنسب تتراوح بين 15 و25%.
قال رئيس شركة أدوية كبرى في مصر، إن شركات الأدوية تتطلع لاعتماد الحكومة أسعار خاصة للأدوية المصرية المصدّرة للخارج، لمساعدة الشركات على تعزيز صادراتها من جهة، وزيادة عوائد الدولة من النقد الأجنبي من جهة أخرى.
وطالب المصدر، الذي فضّل عدم ذكر إسمه، بضرورة رفع السعر المحلي للأدوية المصدرة فعلياً بالقيمة المطلوبة من الشركات المصدّرة مع استمرار تداول المنتج في السوق المحلي بالسعر الجديد وذلك بالنسبة للمستحضرات التي يتم تصديرها بالفعل والتي تقوم الدول المستوردة بطلب شهادة حرية التداول بعملة بلد المنشأ.
ودعا المصدر إلى إعادة النظر في منظومة التسعير مع بعض الدول للمستحضرات التي لم يتم تصديرها حتى الآن، بحيث يمكن إصدار شهادة حرية التداول في بلد المنشأ وذلك حسب القيمة الدولارية عند تسعير المستحضر في تاريخ تسجيله.
يأتي ذلك فيما قال مصدر بسوق الدواء لـ “العربية Business”، إن هناك مخطط حكومي لاعتماد أسعار خاصة لتصدير بعض المنتجات خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى وجود بعض التجارب الجيدة في هذا الصدد.
“هيئة الدواء المصرية تتحرك في هذا الاتجاه منذ فترة وسمحت لبعض المصانع بتسجيل منتجات بغرض التصدير فقط ونجحت في هذا الأمر الذي أعتقد أنه انعكس على عوائد تصدير الدواء”، بحسب المصدر.
وفي نهاية 2020، أعلنت هيئة الدواء المصرية، عن تفعيل نظام التصنيع بغرض التصدير فقط، والمعروف باسم نظام السماح المؤقت الخاص بالمستحضرات الدوائية والمستلزمات الطبية، والذي يستهدف دعم عملية فتح أسواق جديدة لزيادة القيمة التصديرية للمنتجات الدوائية المصرية، وزيادة حوافز تشجيع الاستثمار الدوائي.
وأشارت الهيئة حينها إلى تقدم 4 شركات أدوية بطلبات للتصنيع بهدف التصدير، وتمت الموافقة على تصنيع 57 مستحضرا بغرض التصدير لكل من السودان، والسعودية، وإنجلترا، وكندا، وقبرص واليمن.