تاريخ وحضارة

من هو فاسيل دوبريف مكتشف آثار مقبرة هاو نفر وأبلغ عن سرقتها

عمر عبدالستار

ولد فاسيل دوبريف Vassil Dobrev في مدينة بلوفديف البلغارية Plovdiv en Bulgarie في 30 يوليو 1961، وهو عالم آثار فرنسي وعالم مصريات من أصل بلغاري، ومدير البعثة الأثرية للمعهد الفرنسي للآثار الشرقية (IFAO) في القاهرة. دراساته واكتشافاته تتعلق بشكل خاص بهضبة الجيزة ومجمع الأهرامات ومقابر سقارة.

قام دوبريف بدور كبير فى التبليغ عن السرقة عن القطعتين الحجرتين من مقبرة “هاو نفر” من موقع “تبة الجيش” واستردادها ، ويقول الدكتور والخبير الأثري  محمود الحصرى، إنه تم اكتشاف المقبرة عام 2001م، وبعد توقف موسم الحفائر لعدة أشهر وعودتها للعمل مرة أخرى في أكتوبر ٢٠٠٢ تبينت بعثة المعهد الفرنسي للآثار الشرقية برئاسة عالم الآثار المصرية الفرنسي فاسييل دوبرييف،  فقد الحجارة المزخرفة لواجهة مقصورة الكاهن “هاو نفر”، ورأت كسورا حديثة بإطار بابها، وفقدا في أحجار واجهتي مقصورتين أخريين مما يؤكد انتزاعها جميعا ونهبها خلال الفترة التي توقفت فيها البعثة عن أعمالها، وقد تم عمل محضر بالسرقة في ذلك الوقت ولكن لم يتم التوصل لأي نتيجة، وأكملت البعثة الأثرية أعمالها بعد ذلك.

ويوضح الحصري، أنه بعد مرور نحو عشر سنوات على عملية السرقة شاهد العالم الفرنسي فاسييل دوبرييف ، رئيس البعثة خلال زيارته لمتحف الفنون الجميلة بمدينة بودابيست بدولة “المجر” (Museum of Fine Arts (Budapest عرض ثلاث قطع حجرية من المفقودة من المقبرة التي اكتشفها تحمل جميعها تصويرا منقوشا للكاهن «هاو نفر»، وبالنسبة لمتحف الفنون الجميلة بمدينة بودابيست يحتوي المعرض على ثاني أكبر مجموعة فنية مصرية في وسط أوروبا. وهي تتألف من عدد من المجموعات التي اشتراها عالم المصريات المجري إدوارد ماهلر ، في ثلاثينيات القرن الماضي. أدت الحفريات اللاحقة في مصر إلى توسيع المجموعة. ومن أهم القطع الأكثر إثارة للاهتمام هي توابيت مومياء مرسومة.

كما شاهد فاسييل دوبرييف في توقيت مقارب بيع حجارة أخرى مماثلة في صالة للمزادات بالعاصمة الفرنسية، ثم في العام التالي شاهد مجموعة أخرى كذلك معروضة للبيع بذات الصالة، فأبلغ النيابة العامة المصرية وسلطات التحقيق الفرنسية بالواقعة اللتين اتخذتا إجراءات التحقيق الموازية فيها.

وأكد العالم الفرنسي في شهادته أمام الجهتين أن القطع المنهوبة التي شاهدها في المجر وباريس من نتاج الاكتشاف الذي توصلت إليه البعثة التي كان يرأسها، وأودع تقريرا مفصلا أثبت فيه أنه بإعادته بناء الأحجار التي شاهدها -افتراضيا باستخدام تقنية حديثة- على واجهة مقصورة مقبرة الكاهن تبين تطابقها تماما، وتوافق الكسور فيها مع نظيرتها بباب المقبرة، فضلا عن مشابهة التطور الخطي للعلامات الهيروغليفية على الأحجار المباعة في باريس لمثيلتها المنقوشة داخل فناء مقصورة الكاهن.

يضيف محمود حامد الحصري، أنه  كشفت التحقيقات المجراة في الواقعة أن أحد المتهمين هو تاجر آثار ومدير أحد المعارض الشهيرة بباريس، وسبق له العمل خبيرا في هذا المجال لدى عدد من هيئات الجمارك، وأنه تمكن من تهريب القطع جميعها التي في المجر وباريس، وادعى على خلاف الحقيقة شراءها من أحد الأشخاص في سويسرا، الذي اشتراها بدوره من سيدة فرنسية في السبعينيات، إذ أكدت التحقيقات كذب أقواله لثبوت تزوير وثيقة البيع التي تحمل إمضاء منسوبا للسيدة المذكورة، حيث تبين بمضاهاته بإمضائها الحقيقي على وصية تركتها لأحد ذويها أنه توقيع مزور غير منسوب لها، كما تبين كذلك أن قسيمة شراء المتهم للقطع المنهوبة من سويسرا تحمل خطأ في اسم البائع. ومما يؤكد كذلك تزوير مستندات الملكية المدعى بها تلك ما أكده العالم الفرنسي فاسييل دوبرييف  في شهادته أمام جهات التحقيق من عدم توافق تلك المستندات مع حقيقة ما عثرت عليه البعثة التي كان يرأسها بموقع «تبة الجيش» الأثري، إذ كان يتحتم على من حصل على تلك القطع في السبعينيات أن يحفر حفرة ضخمة على خلاف ما أكدته البعثة من عدم إجراء أي أعمال حفر شرعية أو غير شرعية قبل عام ألفين الذي اكتشفت الموقع فيه، فضلا عن عثورها في بدايات الحفر على هيكل عظمي بحالة جيدة فوق واجهات المقصورتين المنهوبتين، وهو ما يتنافى مطلقا مع ادعاء الحصول على تلك القطع في السبعينيات، إذ كان يتحتم على من حفر بالموقع وقتئذ تحطيم هذا الهيكل العظمي لا محالة، وعلى ضوء نتائج التحقيق تلك احتجزت سلطات التحقيق الفرنسية المتهم، وتحفظت على عدد من المعلومات والبيانات والوثائق ضده تمهيدا لتقديمه للمحاكمة.

وفي إطار التعاون الدولي القضائي بين مصر وفرنسا تلقت السفارة المصرية لدى فرنسا استدعاء من محكمة باريس لحضور جلسات نظر القضية بعد إحالة المتهم فيها للمحاكمة، باعتبار أن مصر من المتضررين فيها، فوكلت الدولة المصرية محاميا فرنسيا ممثلا عنها في الدعوى للادعاء بالحق المدني فيها، وقد تبين بجلسات المحاكمة اتهام المتهم بإخفائه عمدا القطع الأثرية المنهوبة على الأراضي الفرنسية مع علمه بأنها جاءت من سرقة تم ارتكابها في مصر، واستخدام مهنته كتاجر للتحف ومدير لمعرض الآثار بباريس لتسهيل عملية الإخفاء، وتزويره مستندا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى