[ الصفحة الأولى ]مال وأعمال

توقعات عام 2023: نظرة مستقبلية على قطاع التكنولوجيا

لا يتطلب الأمر الكثير من الجهد لتوقع ما يخبؤه لنا عام 2023 في ضوء التداعيات المستمرة لجائحة كوفيد-19،والتبعات الاقتصادية للغزو الروسي لأوكرانيا، والتحديات المرتبطة بارتفاع أسعار الطاقة.

بيد أنّه من الحقائق الجلية التي لا جدال فيها أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد تحولاً رقمياً واسع النطاق  وجهوداً حثيثة  لحفز مسار التنويع الاقتصادي بعيداً عن صادرات النفط والغاز، الأمر الذي يدفع بدوره لحدوث تحولاتٍ تكنولوجية جذرية.وقد كان ذلك من الموضوعات الرئيسية التي تناولها مؤتمرLEAP22 في الرياض مطلع عام 2022، حيث تم استعراض توجهات عدة مثل الاستثمارات الضخمة للتحول الرقمي، والخدمات الحكومية الإلكترونية الموجهة للمواطنين، واستراتيجيات السحابة المتعددة،وتجارب الميتافيرس وغيرها. من ناحية أخرى، كان معرض إكسبو الدوحة للمدن الذكية 2022 بمثابة منصة إقليمية رفيعة المستوى لمناقشة كيفية تهيئة مستقبلٍ أفضل وأكثر استدامة وتحقيق الازدهار للمدن والمواطنين. وقدمت كلتا الفعاليتين لمحة واضحة عن مستقبل رقمي ديناميكي واعد في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.

ثمة توجه واضح أيضاً لزيادة الاستثمار في التعلم الإلكتروني لتدارك مشكلة نقص المواهب الرقمية في المنطقة. ومن المتوقع أن ينمو سوق التعلم الإلكتروني في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي بمقدار 569.04 مليون دولار بين عامي 2020 و2025،خصوصاً وأنه يساعد على سد الفجوة التعليمية الراهنة من خلال توفير التدريب القائم على المهارات،والارتقاء  بكفاءة القوى العاملة المحلية لتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة،عدا عن مساهمته في الحدّ من انعدام تكافؤ الفرص التعليمية.

ولتلبية متطلبات التحول الرقمي في المنطقة، تحرص المؤسسات على زيادة الاستثمار في التقنيات الأساسية مثل:

  • تقنية 5G: بذلت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر استثماراتٍ ضخمة في شبكات الهاتف المحمول المدعومة بتقنية 5Gخلال السنوات الأخيرة، وذلك بهدف تحسين خدمات العملاء، وأتمتة العمليات في قطاعات النفط والغاز والرعاية الصحية والسيارات،ورفد المدن الذكية بتقنيات الاتصال المتطورة.
  • الحوسبة السحابية: بالرغم من المخاوف الأمنية التي حالت دون لجوء الشركات إلى ترحيل بنيتها التحتية وتطبيقاتها إلى المنصات السحابية، إلا أنّه تم التغلب على تلك المخاوف بدرجة كبيرة. ووفقاً لموقعArabian Reseller، قال 77% من مديري تقنية المعلومات في الإمارات العربية المتحدة إن شركاتهم تستثمر في التكنولوجيا السحابية، بينما قال 44% إنهم يستثمرون مبالغ ضخمة فيها.
  • الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة: يتجه الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لأن يصبح أحد أبرز التوجهات التكنولوجية في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي ولا سيما في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث ازدادت كفاءة خدمات القطاع الحكومي بفضل أتمتة العمليات الروتينية المرتبطة بالترخيص والتسجيل والسجلات الضريبية وما إلى ذلك. ووفقاً لكتاب “الذكاء الاصطناعي في الخليج: التحديات والفرص”، يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي توفير ما يزيد على 300 مليار دولار في الأجور بين عامي 2018 – 2028 من خلال أتمتة المهام الروتينية.
  • الأمن السيبراني: إن التوجه القوي نحو التحول الرقمي يزيد الحاجة إلى اتخاذ تدابير فعالة للحماية من التهديدات السيبرانية، وإنشاء مؤسسات أمن إلكتروني تدعم استعداد الشركات لمواجهة الخروقات المحتملة، بالإضافة إلى ضرورة وضع استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني. وبينما تسعى المؤسسات الكبيرة لزيادة تدابيرها الأمنية، كشف استطلاع أجرته “دينابوك”  أن 46٪ فقط من الشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا تعتبر تحسين البنية التحتية للأمن السيبراني أولوية استثمارية في الأشهر الـ 12 المقبلة. وهذا يعني أن نسبة كبيرة من الشركات لا تركز جهودها على النواحي الأمنية، وبالتالي لا يتم بذل جهود كافية على مستوى القطاع  لمنع الهجمات الإلكترونية على البيانات الحساسة للشركات.

وتحتاج الشركات الصغيرة والمتوسطة في عام 2023 إلى إدراج الأمن السيبراني ضمن أولوياتها الاستراتيجية والعمل على تشديد إجراءاتها الأمنية، مما يتيح لموظفيها العاملين عن بعد استخدام الحلول السحابية لحفظ البيانات. ويمكن كذلك الحد من المخاطر السيبرانية عبر تزويد الموظفين بأجهزة آمنة تعتمد مزايا المصادقة الثنائية وتستخدم نظام التشغيل Windows 11.

الاستدامة: مع تصدّر الاستدامة أجندة الأعمال العالمية والالتزام الإقليمي بهذه القضية–عبر استضافة مؤتمر الأطراف الأخير COP27 في مصر واستعداد الإمارات لاستضافة دورته القادمة COP28 – أصبحت قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية و حوكمة الشركات أكثر أهمية من أي وقت مضى. وفيما نقترب من دخول عام 2023، تتطلع الشركات إلى تبني خيارات أكثر استدامة ومنها التوجه لاستخدام أحدث التقنيات بهدف توفير الطاقة والحفاظ على البيئة.

وكشف استطلاعنا أن 64٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا تعتبر قرارات الشراء المتعلقة بأجهزة الكمبيوتر المحمولة أكثر أهميةً الآن مما كانت عليه قبل الجائحة في ضوء استمرار الكثير من الشركات باعتماد أسلوب العمل الهجين.فمع تدهور عمر البطاريات في الطرازات القديمة للأجهزة المحمولة، بات المستخدمون يستهلكون الطاقة بشكل أكبر لتشغيل أجهزتهم؛ وهذا يستدعي من الشركات – في ضوء ارتفاع تكاليف الطاقة – التوجه إلى التقنيات الأحدث التي توفر أداءً محسناً للبطارية.ومع تركيز المزيد من الشركات على أهداف الاستدامة ضمن أولوياتها الرئيسية، فإن التكنولوجيا التي يتم توريدها بتأثير بيئي واجتماعي أقل ستكون عاملاً حاسماً في اتخاذ قرارات الشراء لهذه الشركات.

تحديات سلاسل التوريد: لا تزال تحديات سلاسل التوريد مستمرةً في أعقاب الجائحة وستبقى كذلك خلال العام المقبل. وتتوقع ربع الشركات (23٪)المشاركة في الاستطلاع تقريباً أن تستمر هذه التحديات حتى الصيف المقبل على الأقل. وقد ساهمت المشكلات الاقتصادية العالمية في تفاقم الوضع مؤخراً،حيث أدت إلى انخفاض شحنات الأجهزة التكنولوجية على مستوى العالم. وبطبيعة الحال،قد تلجأ المزيد من شركات التكنولوجيا إلى افتتاح منشآت تصنيع جديدة في مواقع مختلفة يسهل الوصول إليها لزيادة الإنتاج ومنع المشكلات العالمية من التأثير عليها بشكل حاد مرةً أخرى.

خلاصة:  مع اقترابنا من عام 2023 وسعي الشركات إلى ترسيخ مكانتها في خضم التحول الرقمي السريع ومشهد العمل الهجين، من المهم جداً للشركات على اختلاف أحجامها زيادة ميزانياتها المخصصة لتكنولوجيا المعلومات لضمان تحقيق الازدهار.

بقلم: أليكساندر مالينكو، المدير الإقليمي لشركة “دينابوك يوروب ذ.م.م” في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا الشرقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى