“روضة” الأميرة فريال .. تحفة معمارية على أرض طنطا
علياء السيد
يمثل قصر الأميرة فريال كبرى بنات الملك فاروق بمدينة طنطا تحفة معمارية فائقة الجمال، وأحد البنايات النادرة التى تعبر عن عمارة طراز “الباروك” و”الركوك” الذى ظهر فى عصر النهضة فى أوروبا بداية القرن السادس عشر الميلادى وحتى التاسع عشر.
يقع القصر بشارع المدارس المتفرع من شارع المديرية، وشيده بهجت باشا أحد أعيان محافظة الغربية فى النصف الأول من القرن الماضى , وأطلق عليه اسم روضة الأميرة فريال تكريما لسمو الأميرة التى نزلت إلى مدينة طنطا بصحبة والدها الملك فاروق من أجل افتتاح مستشفى المبرة الخيرى .
ويقول الدكتور سيد علي إسماعيل مقرر لجنة تذوق الفنون التشكيلية بكلية التربية النوعية جامعة طنطا إن القصر يتألف من أربعة طوابق , وتتميز واجهاته الأربع بالثراء الزخرفى الذى كان هدفه الأساسى هو تصدير المتعة والترفيه , والاستحواذ على استحسان المجتمع الطبقى الجديد من خلال الجمع بين الفخامة والأناقة والتفاصيل الزخرفية الكثيرة البارزة والمتمثلة فى أوراق العنب وعناقيده وأوراق الأكانشى , وكيزان الصنوبر وزهرة اللوتس بالإضافة إلى رسوم الأشكال الآدمية بالمدخل الشمالى , ورؤوس الأسود فى نهاية الواجهات , حيث يعتمد القصر فى تصميمه على عنصر السيمترية فى أبهى صوره .
وأضاف أن للقصر ثلاثة مداخل : الأول بالجهة الشمالية عن طريق سلم مزدوج وهو الرئيسى الخاص بالضيوف , والمدخل الثانى يقع بالجهة الجنوبية وهو خاص بمالك القصر , أما المدخل الثالث بالجهة الشرقية فهو فى العادة يختص بالخدم وأمور الضيافة , كما يحيط بالقصر سور من الأرماح الحديدية , وبه بوابة حديدية بالجهة الشمالية الرئيسية , وأخرى فرعية بالجهة الجنوبية .
ثلاث أجنحة
وأوضح أن القصر كعادة العمائر الملكية يتكون من عدة أجنحة ثابتة فى الطرز المعمارية لتصميم القصور , ومنها جناح “الحرملك” وهو الجناح المختص بالأسرة ويقع بالجهة الشرقية للقصر , وجناح “السلاملك ” وهو عبارة عن طابق متسع يتم فيه استقبال الضيوف وتقديم واجب الضيافة للزائرين ويقع بالجهة الشمالية فى مواجهة المدخل الرئيسى , وهناك جناح آخر صغير خاص بإقامة الخدم والحاشية وهو طابق مستطيل يحوى أماكن مخصصة لإعداد الطعام وواجب الضيافة , أما الدور الأرضى فهو عبارة عن بدروم به عدة حجرات خالية من أية زخارف وتستخدم كحواصل للتخزين , ويمتد بطول الواجهة , ويتفرع من جوانبه عدة دخلات تفضى إحداهما إلى سلم البهو الداخلى الذى يربط بين الأدوار الثلاثة العلوية للقصر.
ثراء زخرفى
وتضيف إسراء زيدان طالبة بكلية التربية النوعية بطنطا أن الزخارف الداخلية للقصر بسيطة فى مجملها بعكس الثراء الزخرفى الواضح على الواجهات الخارجية وهى فى مجملها زخارف نباتية مذهبة بارزة فى مستويات أفقية تفصل بين واجهات الحجرات بالأجنحة وزخارف بنظام الحفر البارز والغائر على فتحات الأبواب والشبابيك الداخلية , أما أكثر الزخارف الداخلية ثراء نجدها فى زخرفة الأسقف وهى عبارة عن “جامات” من زخارف نباتية بارزة ومذهبة على هيئة شكل المعين فى منتصف السقف , ومحاطة بعناقيد ملتفة مذهبة ومعدة لتتدلى منها عناصر الإضاءة بالطرقات وفى داخل الحجرات .
وأشارت إلى أنه بالنسبة للشرفات الداخلية للقصر فهى تطل على الواجهات الأربع , وهى بمثابة شرفات للاستجمام , وبها أماكن معدة للجلوس والراحة , وهى طرقات مستطيلة تشرف على الواجهات الخارجية بـ “بائكات” من ثلاثة جوانب , والمستوى السفلى به حواجز مكونة من “برامق” منتظمة فى صفوف أفقية بعرض الشرفة , كما يفصل بين “البوائك” صفوف من الأعمدة الكورنشية , بواقع عمودين على جانبى فاصل “البائكة” .
وأوضحت أن جميع البوائك معقودة بعقد نصف دائرى , وتناظر كل شرفة مثيلتها بقطاع الواجهة مما يمثل عنصر السيمترية والتناظر فى تصميم هذه الشرفات , فى حين تبرز شرفات المداخل الرئيسية للخارج عن نظيرتها من الشرفات الأخرى .
متحف عالمى
ومن جانبه أكد المهندس مدحت مبروك مدير عام الأثار الإسلامية والقبطية بالغربية سابقا أن الدولة نجحت فى وضع يدها على القصر المقام على مساحة 1160.45 متر , بينما تبلغ مساحة المبانى 455.83 متر من إجمالى المساحة الكلية البالغة 1616,28 متر , وقامت بتسجيله كأثر ضمن الأثار الإسلامية والقبطية بالقرار رقم 617 لسنة 99 من أجل حمايته من مافيا الأراضى والعقارات لأنه بالفعل أحد القصور الأثرية النادرة ولا يوجد مثيل فى روعته بمنطقة الوجه البحرى , مشيرا إلى أنه كان هناك اقتراح وتصور لشرائه وتحويله إلى متحف عالمى تطل من خلاله الأجيال القادمة على تاريخ بلدها .