[ الصفحة الأولى ]تقارير وحوارات

الحرب الروسية.. سرطان في جسم السياحة العالمية

كشف تقرير حديث أن العقوبات التي فرضت على روسيا، سترفع من حدة الضغوط التي تواجهها صناعة الطيران العالمي.

واضطرت شركات طيران عدة إلى إعادة توجيه الطائرات لتجنب أوكرانيا وأجزاء من روسيا، بينما منعت حفنة من الدول، بما في ذلك المملكة المتحدة، الطائرات الروسية من دخول مجالها الجوي، مما أدى إلى حظر متبادل من قبل موسكو في معظم الحالات بحسب تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست.

وتهدد العقوبات الغربية الشديدة المفروضة على روسيا واتساع نطاق الصراع في أوكرانيا، بقطع مزيد من الشركات للمجال الجوي الروسي، وهو ممر حاسم لعديد من الرحلات الجوية الطويلة، لا سيما بين أوروبا وآسيا.
في غضون ذلك، قد تتعرض شركة “إير باص”، المصنعة للطائرات، للقيود المفروضة على مبيعات الطائرات وقطع الغيار، فيما يخطط الاتحاد الأوروبي لحظر مثل هذه المبيعات كجزء من العقوبات التي تهدف إلى معاقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حرب أوكرانيا.

آلام جديدة

ويوم الخميس الماضي، حظرت المملكة المتحدة، الطائرات التجارية الروسية، بما في ذلك طائرات شركة الخطوط الجوية الروسية “إيروفلوت”، من مجالها الجوي، كجزء من عقوبات المملكة المتحدة. وردت روسيا يوم الجمعة الماضي، بمنع مرور الناقلات البريطانية في سمائها.

وقالت شركة “دويتشه لوفتهانزا”، الألمانية في بيان حديث، إنها لن تستخدم المجال الجوي الروسي للأيام السبعة المقبلة “بسبب الوضع التنظيمي الحالي والناشئ”، فيما أقرت 8 دول أخرى، بما فيها بولندا وبلغاريا، حظراً مماثلاً، تلاه عمل متبادل من روسيا، وفقاً لخدمة تتبع الرحلات “فلايت تريدر 24”.

في الوقت ذاته، أعلنت شركة “دلتا”، أنها لن تبيع مقاعد بعد الآن على الرحلات التي تديرها شركة “إيروفلوت”، أو تسمح لشركة الطيران الوطنية الروسية ببيع التذاكر على رحلات “دلتا”، ولم تذكر شركة الطيران سبباً للتغيير.

وأوضحت أنها تسحب خدمة “مشاركة الكود” الخاصة بها مع شركة “إيروفلوت” سارية المفعول على الفور، منهيةً اتفاقية تسويق تبيع بموجبها شركات الطيران التذاكر على رحلات بعضها بعضاً.

وأثرت هذه الخطوة في بيع تذاكر عدد قليل من الرحلات الجوية التي تديرها شركة “إيروفلوت” من مطار شيريميتيفو الدولي في موسكو، وألغت حق “إيروفلوت” في بيع تذاكر رحلات طيران “دلتا” من لوس أنجليس ونيويورك. وشركة “دلتا” لا تسير رحلات جوية إلى روسيا أو أوكرانيا. مما جعل شركة “إيروفلوت” بدأت بالفعل بالشعور بتأثير العقوبات.

وكانت هناك أيضاً تداعيات غير متوقعة لشركة “إيروفلوت” على الأرض، حيث أعلن نادي “مانشستر يونايتد” الإنجليزي لكرة القدم أنه سيسحب اتفاقية رعايته مع شركة الطيران الروسية. وكانت شركة النقل هي الراعي الرسمي لشركة الطيران للفريق منذ عام 2013، وقدمت رحلات طيران مستأجرة للفريق.

 إلغاء الرحلات 

ودعا منسق مراقبة الحركة الجوية في القارة الأوروبية لتجنب المجال الجوي الأوكراني لحركة المرور التجارية. ووسعت السلطات الأوروبية منذ ذلك الحين هذا التحذير ليشمل مولدوفا وبيلاروس، وجميع العمليات في روسيا على بعد 200 ميل بحري من الحدود الأوكرانية ومجالها الجوي في جنوب غربي روسيا.

وأجبرت التغييرات حفنة من الطائرات على تغيير مسارها في منتصف الرحلة، فيما ألغت بعض شركات الطيران الرحلات الجوية بدافع الحذر.

وقالت شركة الخطوط الجوية اليابانية، إنها ألغت رحلة عودة أسبوعية بين موسكو وطوكيو، بدعوى احتياطات السلامة.

وقالت شركة الخطوط الجوية الهولندية “كليم رويال دوتش إيرلاينز”، وهي جزء من الخطوط الجوية الفرنسية “كليم إس إي”، إنها ألغت رحلتها المسائية اليومية إلى موسكو تماشياً مع سياسة جديدة تحظر بقاء أطقم الطائرات ليلاً في روسيا.

في الوقت نفسه، قالت شركتا الشحن الأمريكية “يونايتد بارسيل سيرفس” و”فيديكس كورب”، إنهما تعدان خطط طوارئ للعمليات في روسيا، دون تحديد الإجراءات التي يجري النظر فيها. وكلاهما، إلى جانب شركة النقل السريع “دي إتش إل”، وهي وحدة تابعة لشركة “دويتشه بوست”، قالت إن العمليات في أوكرانيا تم تعليقها.

مكانة روسيا في السفر الجوي

وتسلط قيود المجال الجوي الضوء على الدور الأساسي الذي تلعبه روسيا في سوق السفر الجوي العالمي، خاصة أن أسرع مسار للرحلات الجوية بين أوروبا ومنطقة المحيط الهادئ هو الطيران عبر سيبيريا.

وفي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، أبقى الاتحاد السوفيتي جزءاً كبيراً من المجال الجوي الروسي مغلقاً. ولم يتم فتح المجال الجوي لسيبيريا أمام شركات الطيران الغربية والآسيوية إلا بعد ذوبان الجليد في العلاقات بين السوفيات والغرب في سبعينيات القرن الماضي.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت الطائرات قادرة على الطيران لمسافة مباشرة، وأصبح الطريق جزءاً مهماً من التدفق العالمي للتجارة والركاب بين آسيا وكل من أوروبا والولايات المتحدة.

ومرت 195000 رحلة جوية تجارية عبر المجال الجوي لروسيا في عام 2021، وفقاً لوكالة النقل الجوي الفيدرالية في البلاد.

وكما هي الحال مع معظم الطرق، تم تقليل حركة المرور خلال حظر السفر الخاص بفيروس كورونا. وقبل الوباء، وصل هذا العدد إلى 301000 رحلة.

تأثير غلق المجال الروسي

في السياق ذاته، قال متحدث باسم الرابطة الوطنية للنقل الجوي، وهي مجموعة تجارية تضم في عضويتها شركات شحن مثل شركة “أطلس إير” و “ورلدوايد هولدينجز”، إن “فقدان الحق في الطيران عبر المجال الجوي الروسي سيكون له بالتأكيد تأثير عملي”.

وبالنسبة إلى شركات الطيران البريطانية والروسية، كانت التداعيات فورية، إذ ألغت الخطوط الجوية البريطانية رحلة إلى موسكو كانت مقررة يوم الجمعة، وقالت إنها ستلغي رحلتها المعتادة 3 مرات في الأسبوع إلى العاصمة الروسية. وحذرت من أن الرحلات الجوية إلى وجهات تشمل الهند وباكستان وسنغافورة وتايلاند ستضطر إلى تغيير مسارها لتجنب المجال الجوي الروسي.

وتم تغيير مسار طائرة من طراز “بوينغ 787” تابعة للخطوط الجوية البريطانية، كانت في طريقها إلى لندن من بانكوك، التي تحلق عادة فوق روسيا، في منتصف الرحلة يوم الجمعة، حيث اتخذت انعطافاً حاداً إلى اليسار فوق كازاخستان لتطير عبر المجال الجوي لأذربيجان وجورجيا قبل عبور الجزء الجنوبي من البحر الأسود بالقرب من تركيا.

حظر بيع الطائرات

ومن بين العقوبات التي يعتزم الاتحاد الأوروبي الموافقة عليها، حظر بيع طائرات وقطع غيار لروسيا. ويمكن أن يعطل ذلك مبيعات طائرات “إيرباص” المخطط لها حيث تمتلك الشركة 14 طائرة من طراز “A350” ذات الجسم العريض، لا يزال يتعين تسليمها إلى شركة “إيروفلوت”. وقال متحدث باسم شركة “إيرباص”، “نحن نحلل تأثير العقوبات… سنلتزم بجميع العقوبات والقوانين المعمول بها بمجرد دخولها حيز التنفيذ”.

وفي الوقت ذاته، تمتلك شركة “بوينج”، المنافسة لشركة “إيرباص”، مراكز تصميم في روسيا توظف أكثر من 2000 عامل بموجب عقد. وقالت الشركة إن عملياتها في روسيا مستمرة حتى الأن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى