[ الصفحة الأولى ]تاريخ وحضارة

السعودية تحيي سيرة الأنباط في العلا لاستقطاب ملايين السياح

يزيد عدد السياح القادمين من داخل السعودية وخارجها، لا سيما من دول أوروبا الغربية، إلى محافظة العلا التي تنظم هناك العديد من الفعاليات الفنية والثقافية في إحياء لسيرة ملكة قوية وحضارة عريقة سكنت المنطقة قبل ألفي عام.

وازدهرت قبل نحو ألفي عام، حضارة الأنباط في منطقة تمتد اليوم بين الأردن والسعودية المتجاورتين، وفي حين تعد مدينة البتراء الشهيرة التي بناها الأنباط في الأردن، وجهة سياحية عالمية معروفة، فإن مدائن صالح في العلا السعودية، التي بناها الأنباط أيضًا، لم تكن معروفة للسياح من قبل.

لكن، مع تبني السعودية في السنوات القليلة الماضية خطة تستهدف تحويل البلاد لوجهة سياحية عالمية، احتلت مدينة الأنباط القديمة في العلا، حيزاً رئيسياً من اهتمام القائمين على تلك الخطة، لتصبح في وقت قصير وجهة سياحية تزدحم بالفعاليات التي يرغبها عشاق الأماكن التاريخية.

ونفدت كل بطاقات حفل موسيقي كلاسيكي يقدمه العازف ستيفان لومبارد، في آخر أيام العام الحالي، حيث يجلس الحضور على ضوء الشموع في حلقة تحيط بالعازف في موقع الحِجر، أحد أبرز آثار العلا، وأول موقع تراث عالمي لليونسكو في السعودية، وأكبر موقع محفوظ للحضارة النبطية جنوب البتراء.

وبين آثار كثيرة حفرها الأنباط في الجبال والصخور الكبيرة، شاهد السياح الذين قدموا إلى العلا في الفترة الماضية عرضاً مسرحياً فريداً يحكي قصة ملكة الأنباط ”شقيلة“، الابنة البارزة للحارث الرابع، أحد ملوك الأنباط.

ولعبت الفنانة السعودية الشابة، تيما العطاس، دور الملكة شقيلة في العرض المسرحي الذي شاركها فيه عدد كبير من الأشخاص الذين ارتدوا ملابس تحاكي تلك الحقبة، بينما تجمع السياح لمشاهدة تلك المحاكاة لذلك الماضي.

والمسرحية هي جزء من برنامج كبير ومتواصل بدأ عام 2018، ويضم العديد من الفعاليات التي عادت لتجذب سياحاً من مختلف دول العالم، بعد توقف مؤقت بسبب الجائحة، حيث عاودت السعودية منح تأشيرات سياحية إلكترونية ميسرة لمواطني أكثر من 50 دولة، بالتزامن مع عودة الحفلات الفنية وفعاليات التأمل واكتشاف المنطقة التاريخية للعلا.

ويعد مسرح المرايا أشهر المعالم الحديثة في المنطقة، حيث أنشأت السعودية مسرحاً كبيراً في منطقة أثرية في العلا، تتألف جدرانه العالية من المرايا التي تعكس صخور المنطقة التاريخية بينما ينظم بداخله حفلات فنية لكبار فناني العالم.

كما ينظم في المكان مهرجان للمناطيد يشبه ذاك الذي يقام في مدينة كبادوكيا التركية، حيث يتاح لركابها من عشاق التصوير رؤية العلا من السماء، وتوثيق زاوية أخرى من حضارة الأنباط.

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، بدأت فعاليات مهرجان طنطورة، الذي يستمد اسمه من ساعة شمسية بدائية تعتمد على ظل الشمس في تحديد المواقيت، وقد تحول لحدث يسافر لحضوره السياح.

وتتضمن نسخة هذا العام من المهرجان الذي يمتد على ستة أسابيع، عرض مسرحية ابن بطوطة، التي تحكي للزوار قصة الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة خلال رحلته عبر العلا، حيث يوثّق الراوي قصص الأشخاص الذين التقى بهم ابن بطوطة، وكرم ضيافتهم، وحسن استقبالهم.

كما يتضمن المهرجان زيارة الساعة الشمسية، والاستماع لرجل مسن وهو يحكي دورها في نمو الزراعة بالمنطقة منذ نحو 700 عام في أقل تقدير، حيث بنيت لتحدد فصول السنة، بجانب تقسيم دور المزارعين لاستخدام نبع ماء في المكان، حيث تحدد الساعة ربع النهار ونصفه وثلاثة أرباعه ونهايته.

وتتواصل الفعاليات خلال الفترة المقبلة، وبينها بطولة ”ريتشارد ميل العلا“ لبولو الصحراء، التي توصف بلعبة الملوك والأمراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى