سامح سعد يكتب: خواطر مسافر فى قطار النوم

في زيارة سريعة الي الأقصر لحضور الحدث العالمي الهام والاكتشاف الذي أعلن عنه د.زاهي حواس بالقرب من معبد حتشبسوت والذي حضره لفيف من الصحافة العالمية والمحلية ومجموعه من مؤسسي جمعيه الحفاظ علي السياحة الثقافية، واتشرف بوجودي كأحد اعضاء فريق التأسيس ومدير تنفيذي لها.
ولأننا كنا كجمعيه أحد الرعاة الرئيسيين في هذا الحدث، وبعد ماعشنا من التأخير المستمر في الطيران الداخلي سواء من الأقصر أو اليها في اليومين الماضيين بالساعات فضلنا الرجوع الي القاهرة أنا وأخي هشام ادريس بقطار النوم كتجربة قررنا خوضها للتعرف عليها، وتقييمها لأنها تخدم السياحة الثقافية ايضا وسمعنا الكثير عنها سواء بالسلب او السلب او السلب..وبالمرة نشوف محطة قطار بشتيل الأسطورية الجديدة.
وهناك بعض الملاحظات على الخدمة سأسرد الإيجابية منها اولاً والسلبية طبعا بعد ذلك، مبدئياً حجزنا فى قطار النوم وهي كابينة لشخصين ثمنها للمصريين ٢٠٠٠ جنيه، أي ألف جنيه للشخص وتشمل وجبتي عشاء وافطار.
ونبدأ بالملاحظات الإيجابية:
اولا: القطار وصل من أسوان إلي الأقصر في ميعاده ٨،٣٠ مساء تماماً ومقدر ميعاد الوصول الي القاهرة في السادسة والنصف او السابعة صباحاً حسبما ذكر لى الكثير من المواطنين..طيب السواق في الجيزة نقول له ينتظرنا الساعة كام، الله اعلم ومعاه ربنا.
والحقيقة محطة قطار الأقصر الي حد كبير مقبولة ولو ان الحواجز الأمنية خارج المحطة فى حاجة لبعض التعديل ، وخاصة وأن باب دخول المحطة يصطف أمامه عدد كبير من الحواجز الأمنية، وكان فيه زمان جدارية جميلة بعرض جدار المحطة تعد من اللوحات الفنية القديمة العظيمة النادرة والتي اشترك فيها كبار الفنانين والأساتذة المتخصصين المصريين العالميين، فوجئت بأنه تم إزالتها إبان تطويرالمحطة وأحتل مكانها جدار قبيح.
وصل القطار في ميعاده لمحطة الأقصر ووجدنا العديد من العاملين في المحطة، والموجودون فيها بصفة غير رسمية مثل عمال البوفيه وعلى أتم التعاون مع الركاب فى ترحاب والكل يحاول مساعدة الأخرين بدون تطفل وهذا شيء أسعدني، الحمد لله وصل القطار، وكان حجزنا في عربة ٩ كابينه رقم ١ وتعد هذه أول عربة بعد القاطرة، استقبلنا المسؤول عن العربة بترحاب شديد وساعدنا بدون ما نطلب منه، وبدون تطفل واي إلحاح، الحقيقة.
وجدت من تعاملي مع موظفي القطار غاية في الأدب والأخلاق، وجاءت وجبة العشاء، والحقيقة أنبهرت بها لأني لم أتوقعها عندما رأيت الشكل العام للكابينة، والعربة وأستطيع القول بأن الطعام كان مقبولاً و”المنيو” مقبول.
وفي الصباح تسلمنا وجبة الافطار، وهي ايضا معجنات معبأة، في وعاء بلاستيكي يحتوي على علبة مربة “فيتراك” ومثلث جبنة “لافاشكيري” ومكعب صغير فيه جبنة “فيتا” معموله بزيت نباتي، وكيس شيبسي.
الفطار لا يوجد به ماء ولا شاي، ولا حاجة صحية لو الخواجة شافها هيصوم لكن ده “سلو” بلدنا تركيب “المنيوهات”، غلط ومش عاوزين فذلكه خواجاتي، ندخل على الشيء المحزن لأني أنتهيت من إيجابيات الرحلة:
مبدئيا أعتقد أن عربات النوم من أيام الثورة (١٩٥٢) لم تتغير أو تتجدد لأن لون الحوائط كالح مع انه اصلا أبيض أو بيج مش مهم، الاضاءة كانت كئيبة بدرجة يصعب رؤية السجاد أو الموكيت في الأرضية كما أنه لا يوجد لون أصلي، اعلم تماماً أنني لست في الفورسيزون أو الماريوت، كنت أعلم سقف توقعاتي ليكون بحجم الكابينة، لكن الوضع فاق التوقعات، اما دورة المياه، فحدث ولاحرج، صعب صعب صعب، وربنا مايحوج حد على استعماله، اما الكابينة فهي عبارة عن سريرين فوق بعض طبيعي ماهي كابينة قطار، السرير الأول يستعمل ككنبة بمقعدين، للجلوس عليها.
لقيناها غير مريحة على رحلة طولها ١١ ساعة سفر قلنا نجهز السراير للنوم وخلاص بلا وجع ضهر علي الفاضي من الجلوس علي الكنب، أنا أخترت السرير العلوي وولكنى فوجئت بتيار هواء بارد كان بيلقي عليا بكميات كبيرة كأنه من الثلاجة علي لدرجة التجمد، سألت المسئول قال معلش لو قلبتها هواء سخن العربية كلها ستتحول لفرن والوضع سيكون صعب يا فندم ؟، لان مافيش ترموستات شغاله.
قلنا خلاص ننام بهدومنا وعليها جاكتاتنا، وبلوفراتنا، ونتغطى بغطاء السرير، وخلاص ليلة وتعدي، طبعا القطار صوته عالي جدا والفلنكات بترن في دماغ الواحد بطريقة غير طبيعية لمدة ١١ ساعة ونص متواصلة باستثناء فترات توقف القطار في الطريق واعتقدت ان التوقف كان عشان استراحة الركاب من صوت القطار، مع أن القطار كان لحظة دخوله أو خروجه من محطة يطلق نفير يصحي الميتين.
لكن اعتقد انهم تعودوا علي كده فدي ماتعتبرش شكوى، واعتقد ان سبب الدوشة والخبط المستمر اثناء السير، هو عدم وجود عازل للصوت في الشبابيك أو ان المقطورة قديمة عشان كده بتعمل دوشه وكركبة وطبعا عجلات القطار حدث ولاحرج ما انت راكب قطار مش عربية ملاكي.
وايضا من الأسباب استبدال الفلنكات الخشب القديمة بفلنكات اسمنتية أرخص طبعا، بس أقدر أؤكد ان في اي قطار بضواحي أوروبا الصوت أهدأ من ذلك بكتير بالرغم من أن سرعته تصل لـ ١٢٠ كم، وهذا قطار ضواحي، وليس للسفر، المهم القطار كان يقف كل فترة، وعندما استفسرنا عن ذلك ـبين أنه ينتظر القطار المقابل له حتى يمر، وهذا يعني ان ميعاد وصول القطار لمحطة الجيزة، سيكون متأخرا عن ميعاده الأصلي بمعدل ساعة ونص، “ايوة أصله بيقف علشان التالجو يعدي”.
طيب مش القطار ده بيعمل الرحلة دي كل يوم؟، اه، والتالجو بيعمل نفس الرحلة دي كل يوم؟ اه ، طيب ليه ميتعدلش ميعاد الوصول ونعرف ان القطر بياخد ١١ ساعة، ونص من الاقصر الي القاهرة، وكل واحد مننا يقرر المناسب له او يضبط مواعيده على كده، طبعا حاولت أدخل دورة المياه فى الصباح فعلمت أن الموضوع مستحيل، لأن دورة المياه وهذا أعتقادي أنها من
قبل ثورة ١٩٥٢ وارضيتها مليئة بالمياه، ولا يوجد من يقوم بتصريفها، وهذا لأن عامل النظافة موجود في محطتي الاقصر،والجيزة فقط.
المهم مابين مراتب صخرية وحجريه ناشفة على السرير وتكييف ثلاجة، ودوشة مابعدها دوشه وكابينة ضاعت معالمها، واألوانها الأصلية من القدم، فالحمد لله مرت الليلة بسلام ووصلنا متأخرين ساعة ونص، وبالتالي توبة من دي النوبة ان الواحد يفكر يركب القطار تاني، يا أما الخواجة والجروبات اللي شركة السياحة بتحجز لهم القطار كجزء من البرنامج معاه، لا، واللذيذ ان الكابينة بالنسبة للخواجة بـ ١٩٠ دولار اي 10000 جنيه مصري في الرحلة اي والله، بس عرفت ان الخواجة بيحطوه في كباين اللي متغيرلها الموكيت بس، اما محطة بشتيل العظيمة فهي حاجه كده تنفع تكون في قلب ميلانو أو روما او باريس اوحتي نيويورك حاجة فخمة جداً وكبيرة جداً وضخمة جداً جداً وكل حاجة فيها جداً جداً، بس فاضيه جداً جداً جداً يمكن عشان لسه جديدة والقطارات لسه مش متعودة عليها والناس تستسهل النزول والطلوع من محطة الجيزة، وبشتيل فيها شوبنج مول ضخم جداً ٣ ادوار مليان محلات كلها فاضيه، طبعا المول لسه فاضي يمكن في المستقبل يشتغل لما الناس تعرف المحطة دي ولو أني مش قادر أعرف أمتي.
ولو أنى مش فاهم هو عدد المحلات اللي ممكن تفتح وتشتغل فيه وتملئ الثلاث أدوار في بشتيل، هو احنا ما اخدناش بالنا ان نفس الموقف موجود في جراج الترجمان الموجود في قلب العاصمة؟، اللي اتبني من ١٥سنة على الأقل, والمحلات معظمها مغلق! والدنيا هناك فاضية، هو اللي عمل دراسات الجدوى للمحطة دي مش من مصر أو من القاهرة؟، ماراحش شاف جراج الترجمان في الجلاء بعد سنوات من تشغيله وحال المحلات أيه في الشوبنج مول ابو تلات أدوار كام محل شغال فيه؟، ودة موجود في وسط البلد مش في بشتيل.
ياترى حسب العائد على الاستثماري ازاي؟، طيب ليه الضخامة دي في محطة بتخدم الصعيد فقط والحياة مش زى زمان، الناس الأن بتركب الميكروباصات أكتر، وشركات النقل البري بقت كتير، وبشتيل مش زي ميدان رمسيس اللي بيخدم قبلي وبحرى، طيب والنظافة، والاضاءة والتكييف، الخامات دى تكلفتها قد ايه علي المحطة، وبالتالي هل سيستمر هذا الصرف الضخم عليها.
المشكلة في أن الوصول للمحطة سر قومي مافيش يفط كفاية تقول لك توصل أزاي أو تركن فين لو مستني شخص، ومحتاج تلف وتدور عشان توصل له، ولأنني لم انجح حتي الان، ولكن بعد عدة محاولات ربما اوصل لها مستقبلا، طيب ممكن نتكلم شوية بنقد بناء، المعروف ان سيادة الفريق كامل الوزير جاد، ومحب لوطنه وبيخلص اي حاجة في صالح الوطن.
لماذا لا يتم إنشاء شركة خاصة بقطارات النوم تحت مظلة سكك حديد مصر، وهنا أتحدث عن شراء قطارات جديدة أدمية تتولي ادارة المنظومة بتوقيتات مناسبه للحركة السياحية لأن مش كل يوم في أيام الأسبوع، الناس بتسافر ولان ده حسب أيام الوصول للأقصر وأسوان وحسب أيام المغادرة في برنامج المركب العائم طبعا في الاقصر او أسوان.
انا متأكد ان الشركة دي ممكن تعمل طفرة في الحركة السياحية وتنقل الحركة السياحية المطلوبة من القاهرة للأقصر اواسوان طالما الطيران مش مكفي ومش حايكفي الاعداد المليونية المطلوبة، والطيران لن ينتظم وبيكون فيه تأخير حسب مشاكل تشغيل تخص كل شركة طيران ساعة الذروة.
طبعا مش باتكلم علي ميعاد التعذيب بتاع طيارة الساعة ٥ و٦ و ٧ الصبح من القاهرة الي الاقصر اواسوان، وبرضه ميعاد المغادرة من الاقصراواسوان بعدها بساعه، يعني هناك فرصه ذهبية لنمو هذا القطاع وتحقيق ربحية جيدة لهيئة السكك الحديدية واستفادة الدولة منه وزيادة الحركة السياحية الثقافية.
مطلوب ٣٠ مليون سائح في خلال سنوات ومنتظرين بعد افتتاح المتحف الكبير نجيب ملايين من السواح بتوع السياحة الثقافية اللي معاهم فلوس، طيب مابين الاقصر، والقاهرة، الخواجات ييجوا ازاي طالما صعب مافيش وسائل انتقال كفاية ما بين الاقصر، واسوان، والقاهرة؟ .
والدليل على كده الكوبرى الضخم اللي اتبني من المتحف للاهرامات امام فندق الميريديان، ولو اني مش فاهم ليه التكلفة دي علي شيء لن يخدم الحركة السياحية في المنطقة او حتي يزودها، ولكن طبعا اتمني دايما اني اكون غلطان، وخصوصا ان الدخول والخروج لمنطقة الهرم الأثرية حايكون من طريق الفيوم، وطبعا الكوبرى مبني امام فندق الميريديان ومبوظ المنظر.
ولكن دي قضية اخرى مش بتاعتي، ليه مايدخلش شريك أجنبي بحصة دولاريه في شراء القطارات طالما فيه ايراد حايدخل بالعملة الصعبة في المقابل.
شبكة القطارات مهمه للشعب لكن السياحة امن قومي واقتصادي واحنا مش واخدين نصيبنا العادل من السياحة، وممكن تكون صمام الأمان لنا جميعا لأسباب كلنا عارفينها، ياريت تتعمل دارسة جدوى حقيقية واقعيه بالتعاون مع شركات السياحة المستجلبة لاتخاذ قرار فورى وجدي بدل الكتابة والرغى على الفيس بوك مني واخرين مثلي.
عموما تجربة ركوب القطار الحمد لله شفناها، ومش عارف علي الوضع دة حا كررها تاني والا لا، ونتمنى الخير للسياحة، وللجميع، واخيرا فلنتذكر، ان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه