ترويض وزير السياحه الجديد
في سابقة ليست الأولى من نوعها بل معتادة مع كل تعديل وزاري وتسمية وزير سياحة جديد أجد حملة الهجوم المعتادة الصارخة الطاحنة ضد وزير السياحة الجديد أحمد عيسى من عدد من أبناء القطاع السياحي والصحفيين المتخصصين في السياحة وإعلاميين لهم ارتباطات وثيقة بصيغة أو بأخرى بعدد من أبناء القطاع السياحي وتستمر الموجة من أجل إخضاع الوزير لهم والتحكم في توجهاته وقراراته وتوجيهها لمصالحهم الخاصة الضيقة جدا البعيدة تماما عن المصلحة العامة سواء للقطاع أو للدولة .
وما أذكره ليس دفاعا عن الوزير الجديد الذي لا أعرفه مطلقا ولم التقيه من قبل وليس لي أية مطالب منه ، ولكن لانه مع الإعلان عن أسم الوزير الجديد انطلقت سهام القطاع وأخرين من كل إتجاه نحو الوزير الجديد ونحو الحكومة لاختيارها هذا الوزير ، ولكن الأغرب والذي أثار دهشتي حقيقة هو الدفاع المميت والقاتل عن الوزير خالد العناني والاندهاش من قرار تغييره ، على الرغم من إنتقاد البعض منهم من قبل للوزير السابق بل والمطالبة في بعض الأحيان بإقالته وليس انتظار التعديل الوزاري وتغيير الوزير في اطار حركة تغييرات واسعة أو محدودة .
والأغرب في هذا الإطار هو ترافق تلك الحملة المعتادة بالطبع مع انتقادات مماثلة ومطابقة من قناتين معارضتين للدولة يظهران من تركيا ، الانتقاد جاء لرحيل خالد العناني ولإختيار الوزير الجديد على الرغم من يقيني التام بأن أي أسم من الأسماء التي كان سيتم إختيارها في هذه الحقيبة الهامة جدا كان سيتم توجيه ذات الانتقاد له بغض النظر عن خبرة هذا الاسم أو توجهه أو تاريخه المهني سواء من داخل القطاع أو خارجه .
التاريخ يتحدث – لمن يرغب في قرأة التاريخ – أن صاحب النهضة السياحية المصرية كان الوزير الراحل فؤاد سلطان رجل الاقتصاد الخبير القدير ، ومن بعده جاء الدكتور ممدوح البلتاجي رجل القانون والإعلام المتميز المحنك ، وكلاهما كانا من أبرز من تولى منصب وزير السياحة ولم يعمل أيهما من قبل في أي من قطاعات وزارة السياحة سواء الفنادق أو الشركات أو الحج والعمرة.
القطاع السياحي كان يطرح العديد من أسماء الخبراء السياحيين المتميزين الذين كان أيا من تلك الأسماء يمكنه قيادة سفينة السياحة بحرفية شديدة ، ولكن للأمانة المهنية من خبرتي في القطاع كانت السهام ستوجه إلى أي أسم سيتم اختياره لان الحملة كانت معدة مسبقا أيا كان أسم الوزير الذي سيتم اختياره .
في الغرب المتقدم الذي نتشدق دائمآ بضرورة تقليده والتشبه به نجد الإدارة ليس لها علاقة بالتخصص المهني ، فالإدارة شيء والمهنية المتخصصة شيء أخر ، في فرنسا وزيرة الدفاع لم تكن من ضباط القوات المسلحة الفرنسية ، ووزير الصحة الألماني يحمل شهادة البكالوريوس في الفنون وماجستير آداب، وزير الصحة البريطاني تخصص اقتصاد وعلوم سياسية .
يا سادة العبرة ليست بالتخصص المهني ولكن بالقدرة على إدارة تلك الحقيبة الاقتصادية الهامة التي تحتاج إلى استعادة قوتها والتي قال عنها الدكتور ممدوح البلتاجي إنها قاطرة التنمية والتي يتبعها 70 صناعة أخرى ، والاقتصاد المصري في حاجة ماسة لانتعاش هذا القطاع .
مطلوب من الوزير الجديد ترتيب اوراقه وترتيب البيت السياحي وترتيب الأولويات دون النظر الا لمصلحة القطاع ونهضته واستعادته لقوته ومكانته التي يستحقها بين دول العالم كسوق من أفضل الأسواق السياحية صاحب الأنواع المتعددة من السياحة ، ليعود المقصد السياحي المصري ليكون مقصدا عالميا حقيقيا .
على الوزير الجديد أن يدرك مبكرا أن الحملة تستهدف ترويضه وتوجيهه لصالح بعض رجال أعمال القطاع السياحي ، وليته أيضا يعيد ترتيب أوراقه بعيدا عن أية ضغوطات من القطاع ويا حبذا لو قام بالاستعانة بالطيور المهاجرة من الوزارة وهيئة التنشيط من الخبرات الكبيرة الذين حصلوا على اجازات لعدة سنوات بعد تهميشهم غير المبرر وعدم الاستفادة الحقيقة من خبراتهم التي بالتأكيد ستثري القطاع وستزيد من انتعاش الصناعة التي تحتاج إلى الخبرات الحقيقية النادرة من أبناء الوزارة .
السادة أبناء القطاع السياحة ، المصلحة العامة أهم كثيرا من المصلحة الخاصة وهي الأعم والأشمل لان العام ينعكس على الخاص وليس العكس ، ساعدوا الوزير بدلا من الهجوم غير المبرر عليه وأعلموا أن الأهم في القطاع السياحي هي السياحة المستجلبة ، وليست السياحة المصدرة إلى الخارج .