كتّاب وآراء

البحث عن أسواق بديلة خير من الإعتماد علي روسيا وأوكرانيا

مما لا شك فيه أن القطاع السياحي قد عاني من الصدمات ما لم يعانيه أي قطاع آخر خلال السنوات العشر الأخيرة والتي بدأت بإنطلاق الربيع العربي وما تبعه من أزمات أضرت بالقطاع.

يبدو  أن أبرز تلك الأزمات كانت أزمة الطائرة الروسية التي أفضت تبعاتها إلي خسائر غير مسبوقة. ولم نلبث أن نستفيق من أزمة الطائرة الروسية التي عانينا بسببها تراجعا في النصيب السوقي من حركة السياحة العالمية القادمة .

وشهدت البلاد بوادر انفراجة وعودة تدريجية للمسار الصحيح نتيجة للجهود التي بذلت خلال السنوات الخمس الأخيرة، حتي طلت علينا أزمة كوفيد 19 الذي عانت منه البلاد علي كافة الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والصحية .. وغيرها. ولم يكن النشاط السياحي بمنأي عن تلك العواقب بل كان من أكثر القطاعات تأثرا وتضرراً بسبب طبيعة الوباء التي استدعت الإغلاق التام لحدود الدول في بعض الفترات في محاولة للسيطرة علي الوباء والحد من انتشاره.

وما كانت الأزمات التي تقوض أركان القطاع السياحي لتتوقف عند هذا الحد، وكأن المصائب حقاً لا تأتي فرادي، بل إن ما زاد الأمور تعقيداً إنطلاق الحرب الروسية الأوكرانية بين عشية وضحاها لتقضي علي ما تبقي من أمل في عودة الحركة السياحية الوافدة من الدولتين إلي سابق عهدها علي الأقل خلال الوقت الحالي.

حقيقة أن الأزمة الروسية الأوكرانية لم تؤثر علي الحركة السياحية في مصر فقط بل امتد تأثيرها للعديد من الدول. إلا أن ما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لمصر هو أن الدولتين معاً تشكلان سوقاً مصدرة لأكثر من 40% من حجم السياحة الشاطئية الوافدة إلي مصر سنوياً وأن الأمل كان معقوداً علي عودة النصيب السوقي من الدولتين إلي سابق عهده. والمتتبع للأرقام يدرك جيداً أن الزيادة التدريجية في حجم الحركة الوافدة من الدولتين معاً في سنوات ما بعد الأزمة.

كانت تشير إلي عودة تدريجية حقيقية بالحركة السياحية إلي سابق عهدها. فقد بلغت تلك الزيادة التدريجية للأعداد الوافدة أقصي مدي لها في عام 2019م، وهو العام السابق لعام انتشار الكوفيد 19، مما يعني أن استمرار فقدان هذه الحصة السوقية بسبب تعاقب الأزمات ينذر بعواقب وخيمة علي القطاع السياحي والقطاعات الأخري المرتبطة به ما لم نتجه للبحث عن أسواق بديلة.

ومما لا شك فيه أن الجهود تبذل في شأن البحث عن أسواق جديدة ونأمل أن تؤتي ثمارها عن قريب، ولو أننا تمنيناها جهوداً استباقية بذلت في عصر الرواج السياحي. جهوداً قائمة علي قراءة جيدة للأحداث ونظرة أعمق لما قد تكون عليه الأوضاع مستقبلا، خاصة وأن بوادر التوتر بين الجارتين بدأت منذ سنوات. والقارئ لطبيعة العلاقات بينهما يدرك جيداً أن الصراع كامن منذ عقود نتيجة لعوامل كثيرة لسنا في معرض الحديث عنها، وهو ما كان يستدعي الجاهزية والإستعداد بخطط وسيناريوهات بديلة.

ولكن يبدوا أن الوتيرة المتسارعة للأحداث في السنوات الأخيرة قد فرضت علينا التصرف وفق مقتضي الحال، وعلينا أن نبدأ خطوات جديدة نحو استعادة نصيبنا السوقي من حركة السياحة بالبحث عن أسواق بديلة ودراسة خصائص الأسواق السياحية الواعدة تمهيداً لوضع استراتيجية تسويقية هادفة وتصميم مزيج ترويجي ملائم. فتكثيف التواجد في أسواق بديلة وواعدة واتباع استراتيجيات التنويع في الأسواق خير من الإعتماد علي روسيا وأوكرانيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى