[ الصفحة الأولى ]كتّاب وآراء

دكتورة ميرنا القاضي تكتب: سفخص عليك.. سبع لعنات تحرس مقابر الأجداد وتفتح أبواب الهلاك

في أرض لا تُقاس بالخرائط، بل بالأسرار المدفونة، تتنفس الرمال حكايات لم تكتمل، وتنظر الحجارة إليك كأنها تعرف نيتك قبل أن تخطو. هناك، حيث الصمت أعمق من الموت، تقف مقابر مصر القديمة كحصون من الغموض، تختبئ خلف جدرانها أسرار لا تجرؤ الشمس على الكشف عنها.

نعم ليس كل ما في التاريخ يُروى، فبعضه يهمس، وبعضه يلعن، وفي ظلال تلك الجدران المنقوشة، خُتمت سبع لعنات، لا تفرق بين اللص وقارئ، بين الطامع والعابر.

مجرد نطقها يكفي لاهتزاز الحجاب بين العوالم، سفخص عليك… ليست دعاء، بل أمر إعدام وقع من عالم الأموات.

فهل تجرؤ على فتح البوابة؟ أم تكتفي بالقراءة من خارج الدهليز؟

سفخص عليك!

سفخ: رقم سبعة، عدد الكمال، وعدد الهلاك أيضاً.
إخص: دعوة لا يُردّ صداها، لعنة تتسلل في عروق من تُوجه إليه.
سفخص = سبع لعنات!، وهكذا، حين تسمع: “سفخص عليك!”… اعلم أنك نُقِشت على جدران الهلاك، وأن خطواتك القادمة ليست على الرمل بل على أفواه الجحيم!

أن السبع، وُجهت لمن يحاول الاقتراب من جسد الملك المحنّط، سواء لصوص القبور أو الغرباء أو حتى الأرواح التائهة. إليك تفصيلها:

1. جناح الموت

“الموت يرفرف بجناحيه على كل من يحاول دخول التابوت…”
الهواء يُثقل، والظلمة تسود، وإذا تجرأتَ على التابوت، تخرج من داخله ألسنة من اللهب، لا تأكل الجسد، بل تأكل الوجود كله.

2. تمساح الملك

“إياك تقترب… التمساح هياكلك!”
ليس مجرد تمساح، بل تمساح روحي، يظهر فجأة من لا مكان، بفكّين من جحيم، ليبتلع من تسوّل له نفسه أن يلمس مومياء جلالة الملك!

3. العقربة سِركِت

“من يسرق، يُلدغ!” في الظل، على الحائط، تنتظر. ترى اليد وهي تمتد، فتلسع قبل أن تلامس الذهب. لدغتها لا تقتل… بل تُجنّن!

4. الأفعى عُبيب

“التعبان لافف الكون… شايفك!”من السماء إلى باطن الأرض، يلتف عبيب حول العالم، عيونه في كل مكان. لا تسلّم على باب المقبرة، هو سلّمك إلى الهلاك.

5. الحدّاية نِبت-حوت

“ستأكل عصارة دماغك!” نِبت-حوت لا تهاجم الجسد، بل العقل. تلتف حول رأسك، وتنقض على وعيك، فتأكلك حيّاً، وأنت تظن أنك ما زلت تفكر!

6. الكوبرا نيت

“السم ينتظر من يفتح الباب!” الملك لم يضع حارساً بشرياً، بل نيت، الكوبرا المقدسة. سمّها لا يقتلك بسرعة… بل يسافر داخلك، يشعل ناراً في عروقك، حتى تصرخ ولا يسمعك إلا الصمت.

7. الخنزير ست وحارس الموتى أنوبيس

“ست يفتح البطن، وأنوبيس يُشير!” خنزير الظلام، وملك الخراب، ينتظر فقط إشارة من أنوبيس… فيفتح بطنك كما يُفتح تابوت، وتصبح أنت الكنز المسروق!

 

هذه ليست خرافات… بل تحذير! من يقرأ هذا، فليردد:”أنا لست لصاً، ولا غازياً، ولا طامعاً في ذهبٍ… أنا فقط عابرٌ للحكمة!”
فاللعنات لا تفرق بين لص وقارئ… اللعنة لا تحتاج سبباً، يكفي أن تهمس المقبرة: “سفخص عليك!”

لماذا رقم 7؟ ولماذا صار مقدسًا؟

1. سباعية التكوين الكوني: في معظم الحضارات القديمة، كان العالم يُرى كـ”سبعة مستويات” أو “سبع سماوات”. المصريون القدماء آمنوا أن السماء مقسمة إلى سبعة أقسام، وهي فكرة تكررت في الحضارات الرافدية والإبراهيمية لاحقًا.

2. دورة كونية مقدسة: الشمس تكتمل دورتها الأسبوعية في سبعة أيام، والقمر يمر بمراحله في أربع مجموعات من سبعة أيام تقريبًا، مما ربط الرقم بدورة الزمن والتقويم.

3. رمزية الكمال والتمام: السبعة تجمع بين الثلاثة (رمز الروح) والأربعة (رمز المادة)، فتصبح رمزًا لاتحاد السماء بالأرض، والروح بالجسد… أي الكمال الكوني.

4. في مصر القديمة:

كان الإله أوزير يُذكر في سبع صلوات، وكان يُعتقد أن المرور إلى العالم الآخر يتم عبر سبع بوابات.

بعض طقوس التحنيط كانت تُكرر سبع مرات، لإكمال الربط بين الجسد والبعث.

في كتاب الموتى، هناك إشارات متعددة إلى “السبعة العظام” و”السبعة حماة للبوابة”.

5. في النصوص الدينية والحضارات الأخرى:

في التوراة والقرآن، تكررت الرمزية السبع مرات: السبع سماوات، سبع سنابل، سبع بقرات، سبع أيام خلق، سبع مرات طواف…

في بابل والهند، سبعة كواكب- آلهة تحكم العالم.

في الفلك، هناك سبعة أجرام سماوية كانت تُرى بالعين المجردة قديمًا: (الشمس، القمر، عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل).

6. سباعية اللعنات والأساطير: العدد ٧ لم يكن فقط رمزًا للخير، بل أيضًا رقمًا سحريًا في طقوس الحماية واللعنات. كانت اللعنة تُكرر سبع مرات لتُفعَّل، أو لحبس الروح، أو لعزل الكيان الطامع في المحرمات.

الرقم ٧ ليس مجرد عدد، بل بوابة رمزية بين العوالم، بين العقل والجنون، بين اللعنة والنجاة.
لهذا، حين تقول “سفخص عليك”، فأنت لا تلقي بكلمة… بل تُطلق سبعة أرواح ، كل منها يحمل رسالة من عالم لا يُرى!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى