الدفاع عن الحضارة تستطلع آراء الخبراء فى الحفلات بالمواقع الأثرية
د. عبد الرحيم ريحان

طرحت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية سؤالًا على خبراء الآثار والترميم ومحبى الآثار هل توافق على إقامة حفلات الزفاف بالمواقع الأثرية أو حرم الآثار أم لا مع ذكر السبب فى الحالتين؟
مقياس القيمة والمال
أشار الدكتور محمد على حسن دكتوراه فى الآثار المصرية القديمة وباحث فى التسويق السياحى إلى أن المواقع الأثرية ليست مجرد حجارة صامتة على مرّ العصور بل هي شهادات حية على عبقرية الإنسان المصري القديم وسجلات مفتوحة لمن أراد أن يقرأ التاريخ من منبعه الأصلي.
وأوضح أن فكرة استثمار المواقع الأثرية كمراكز لإقامة الحفلات والفعاليات الكبرى على الرغم من بعض التحفظات فهى فكرة لا تخلو من ذكاء تسويقي ورؤية اقتصادية ناضجة، فعندما يُقام حفل زفاف أو عرض فني عند سفح الهرم أو داخل معبد حتشبسوت، فإن الصور والفيديوهات تنتقل فورًا إلى وسائل الإعلام العالمية وتُقدم للعالم صورة مختلفة عن مصر: ليست فقط بلدًا للحضارات بل أيضًا بلدًا ينبض بالحياة قادر على دمج ماضيه المجيد بحاضره المتطور.
وتحوّلت هذه الفعاليات إلى منصات دعائية ضخمة لا تتكلف الدولة فيها قرشًا واحدًا بل تدر دخلًا مباشرًا من رسوم التأجير إضافة إلى عوائد غير مباشرة من خلال جذب السياح وتنشيط الحركة السياحية والفندقية في المدن المحيطة.
ومن هنا فإن إقامة المشاهير لاحتفالاتهم داخل المعابد والأماكن الأثرية لم تعد مجرد خيار فردي بل تحولت إلى توجه اجتماعي عام يُتوقع أن يشهد رواجًا كبيرًا خلال فصل الصيف مما يُلزم الدولة أن تتدخل سريعًا لوضع رؤية استراتيجية تنظم وتضبط هذا المسار ما بين العائد المادي والعائد المعنوي.
ومن ثم فإن هذه الأماكن لا تُقدّر بثمن وبالتالي فإن تسعير استخدامها يجب أن يتم وفقًا لعدة عوامل من ضمنها قيمة الموقع تاريخيًا وأثريًا و طبيعة الفعالية المقامة وعدد الحضور وحجم المعدات المستخدمة (صوت، ضوء، تصوير… إلخ).
كما يجب أن تكون الأموال التي تُحصّل مقابل هذه الاستخدامات مخصصة بالكامل لصالح صيانة وترميم نفس المواقع وألا تدخل في المصروفات العامة
ويجب وضع إطار تنظيمي صارم يشمل نوعية الفعاليات بحيث يتم تصنيف نوعية الحفلات والفعاليات المسموح بها في المواقع الأثرية. فالمناسبات الرسمية للدولة والاحتفالات الثقافية الراقية والمعارض الفنية… كلها تُعد مناسبات ملائمة تعكس روح المكان، أما حفلات الزفاف الخاصة أوالمناسبات ذات الطابع الاستعراضي أو الاستهلاكي فيجب أن تخضع لمعايير دقيقة جدًا أو تُنقل إلى أماكن بديلة لا تُشكل خطرًا على التراث.
وكذلك الضوابط العلمية للصوت والإضاءة وقد أثبتت الدراسات الفيزيائية الحديثة أن الأصوات التي تتجاوز 85 ديسبل تُحدث اهتزازات دقيقة تؤثر على تركيب الأحجار مما يؤدي إلى تآكل غير مرئي قد يتفاقم مع الزمن وأن بعض المعدات الصوتية تُنتج ذبذبات بترددات منخفضة (Low-frequency vibrations) تصل إلى 30-60 هرتز، وهي أخطر أنواع الترددات التي قد تُحدث خلخلة في البناء الحجري القديم.
كما أن أجهزة الليزر ذات قدرة تفوق 5 واط قادرة على التأثير حراريًا على الأسطح الحجرية خصوصًا تلك التي تحتوي على معادن والإضاءة القوية تُسهم في تلاشي الألوان الأصلية للنقوش كما أن بعض أنواع الإضاءة تنتج أشعة فوق بنفسجية تؤثر على المكونات الكيميائية للأحجار.
ولا بد أن يُشرف على أي فعالية تُقام في المواقع الأثرية فريق من الأثريين والمهندسين المتخصصين لضمان الالتزام الكامل بالشروط وتوثيق الحالة العامة للموقع قبل وبعد الحدث.
فنحن لا نُمانع في أن تتحول هذه الأماكن إلى مصادر دخل ولكن بما يعادل قيمتها وبما يليق بعظمتها فالقيمة تصنع المال لكن المال مهما كَثُر لا يستطيع أن يصنع قيمة.
أوضح الدكتور أسامة صالح متخصص فى الآثار الإسلامية آثارى بالمجلس الأعلى للآثار أن الحفلات موجودة بالفعل فى مواقع تراث عالمى ويعد ضمن آليات الاستغلال الأمثل لهذه المواقع وهذا مطبّق فى اليابان لكن بضوابط صارمة منها عدم إحداث أى تلوث بصرى أوسمعى بالمكان أو تغيير فى بانوراما الموقع ..مع المحافظة التامة على الموقع التراثي والحرم الخاص به ، ولكن ما يحدث فى مواقعنا لا يراعى هذه الضوابط.
عائد على العاملين
ويوافق الآثارى صلاح الهادى خبير الترميم على إقامة الحفلات والأفراح والمناسبات بالأماكن الأثرية المختلفة ولكن بشروط أولها عدم الضرر بالأثر وتكون نوعية الحفلات والأفراح والمناسبات لا تتنافى مع أخلاقيات وعادات الشعب المصرى، وهناك بند مهم جدًا أن يظهر عائد وربح هذه الأمور على موظفى الآثار لانهم يعيشون فى ظروف لايتخيلها أحد المقصد هنا أن موظفى الآثار فى خدمة الأثر فيجب أن يكون جزء من الدخل المادى لهذه الآثار فى خدمتهم بشرط الحفاظ على الأثر
احترام الموروث الحضارى
ويرفض الدكتور حسن قلاد مفتش آثار إسلامية بسوهاج إقامة الحفلات في المواقع الأثرية أو الحرم باعتبار هذه الأماكن تحمل قيمة تاريخية وثقافية كبيرة وقد تتعرض للتلف أوالتدمير نتيجة الاستخدام غير المناسب مثل الإضاءة القوية الاهتزازات الناتجة عن الموسيقى العالية أو حتى تصرفات بعض الزوار غير المسؤولة.
المواقع الأثرية يجب أن تُحترم كموروث حضاري ويُفترض أن تُستخدم لأغراض تعليمية وثقافية تُبرز أهميتها التاريخية وليس كمواقع ترفيهية قد تضر بها.
أوافق ولا أوافق
وأجاب خبير الترميم لمدة أكثر من 30 عام بالمجلس الأعلى للآثار فاروق شرف إستشاري بحملة الدفاع عن الآثار المصرية “أوافق ولا أوافق”
في حالة الموافقة على إقامة الحفلات في المواقع الأثرية لا بد من وضع شروط صارمة ومُلزمة لضمان حماية المكان والحفاظ على قيمته التاريخية وهى :
1- شرط الحصول على تصريح رسمي من المجلس الأعلى للآثار بعد مراجعة فنية دقيقة من لجنة متخصصة المفتشين والمرممين.
2- أن يكون الحدث ذا طابع ثقافي أو فني راقٍ يليق بالموقع مع رفض الفعاليات ذات الطابع الصاخب أو التجاري المبتذل.
3- استخدام أنظمة صوت منخفضة الاهتزاز وتجنب أجهزة الإضاءة التي تولد حرارة أو أشعة قد تضر بالنقوش والألوان.
4- لا يجوز إقامة أي تجهيزات على أو ملاصقة للأثر مباشرة تُستخدم منصات وتجهيزات مؤقتة ومحمية بالكامل.
5- يُوضع حد أقصى لعدد الحضور بناءً على القدرة الاستيعابية للموقع لتفادي الازدحام والتآكل للأثر.
6- يُحدد توقيت قصير نسبيًا للحفل مع منع التكرار المتقارب في نفس الموقع الأثري.
7- تأمين ومتابعة فنية قبل وبعد الحدث مع حضور فريق أثري متخصص لمتابعة تنفيذ التجهيزات وفحص الموقع قبل وبعد الحفل للتأكد من سلامته.
8- تسجيل تأميني والتزامات مادية تتحملها الجهة المنظمة وتكون تكلفة تأمين شاملة مع تقديم وديعة مالية تُستخدم في حالة حدوث أي ضرر.
9- يُشترط أن تتضمن الفعالية جانبًا توعويًا عن أهمية الموقع الأثري وتاريخه.
10- منع دخول المأكولات والمشروبات للحد من النفايات والانسكابات التي قد تؤثر على التربة أو الأحجار التاريخية.
لا أوافق على إقامة الحفلات في المواقع الأثرية للأسباب الآتية
1- الاهتزازات، الأصوات العالية، والتجمعات البشرية يمكن أن تُلحق ضررًا ماديًا بالموقع الأثرية وقد حدث قبل ذلك فى منطقة الهرم بالتحديد فى هرم منكاورع متأثرًا بتدريبات نادى الرماية وأيضًا تأثيرات أخرى.
2- تشويه القيمة الرمزية ببعض الحفلات التى قد لا تُقدَّم بشكل لا يليق بحرمة المكان وتاريخه.
3- في بعض الأحيان لا تُطبَّق الشروط كما يجب من كتابة الشروط أو المتابعة مما يؤدي إلى فوضى أو إهمال.
4- الأثر البيئي والبصري أثناء نقل المعدات والديكور وهذه قد تفسد المشهد التاريخي العام .
وأوضح فاروق شرف أنه كان من الشائع جدًا أن يتم إنشاء محلات تجارية أو وكالات (خانات) تحت أو بجوار المساجد أو المنشآت الدينية قديمًا والهدف كان اقتصادي بحت وكان نظامًا ذكيًا ومستدام في إدارة الأوقاف والمعمار التاريخي في العمارة الإسلامية خصوصًا في العصور المملوكية والعثمانية بهدف توفير مصدر دخل دائم ومستمر للإنفاق على صيانة المسجد أو المنشأة الأثرية من خلال تأجير هذه المحلات أو الوكالات وكان هذا النظام جزءًا من نظام الوقف والذى كان يمثل العمود الفقري للاقتصاد الخدمي في ذلك الوقت، ومن أمثلة ذلك
– مسجد الصالح طلائع: أسفل المسجد كانت هناك دكاكين موقوفة عليه.
– مسجد المؤيد شيخ: بُني فوق باب زويلة وتحته محلات تجارية وأيضا أسفل مسجد الغوري يوجد سوق كامل
– الخيامية: السوق الأثري الشهير كواجهة اقتصادية وسياحية وكان فيه ربط مباشر بين الأنشطة التجارية وخدمة المنشآت الدينية وقد حضر مشروع الترميم
– وكالة الغوري ووكالة قايتباي ووكالة رضوان بك وغيرها، كلها كانت توفر سكنًا للتجار ومخازن للبضائع وعوائدها كانت تُصرف على المساجد أو المدارس الملحقة بها.
– الأسبلة مثل : سبيل الأمير عبدالله بشارع الصليبة وغيره الكثير.
وأهمية هذا النظام :
1- استدامة مالية بدون الاعتماد على الدولة فقط.
2- تنمية حضرية متكاملة: الجمع بين العبادة والتجارة والسكن في مكان واحد.
3- تعزيز الوقف كمؤسسة اقتصادية واجتماعية وثقافية.
ويشهد خبير الترميم فاروق شرف من خلال فترة تبعية الآثار لوزارة الثقافة أيام الفنان فاروق حسنى أنه كان هناك نموذج تمويلي مرن وفعّال لإدارة العوائد المالية الناتجة عن زيارة المواقع الأثرية واستثمارها فقد كانت الدولة تحصل فقط على 10% من إيرادات الآثار بينما يُعاد ضخ النسبة الكبرى وهي 90% في مشاريع الترميم والصيانة وكذلك في مكافآت العاملين والكوادر الفنية.
وقد شكّل هذا النموذج قاعدة صلبة لتوفير استقلالية مالية نسبية للقطاع الأثري مما سمح بتنفيذ العديد من المشروعات دون الاعتماد الكامل على الميزانيات المركزية أوالمعونات الخارجية كما أتاح تحفيزًا مباشرًا للعاملين في الميدان مما رفع من كفاءتهم وإخلاصهم وأسهم في الحفاظ على مواقع أثرية عديدة كان يمكن أن تتعرض للإهمال أو الضياع.
ولعل استحضار هذه التجربة التاريخية الناجحة اليوم يدعو لإعادة النظر في آليات تمويل التراث ويُبرز الحاجة إلى تفعيل موارد الأوقاف الأثرية وتعزيز مبدأ الاستثمار الوقفي والتشاركي لصون الذاكرة الحضارية للأمة.
ويختتم فاروق شرف بأن آخر المشاريع الذى عمل بها كانت ترميم جزء من السور الشمالى حتى برج الظفر وجزء من السور الشرقى من برج الظفر وحتى بارك الأزهر أمام مستشفي الحسين مارًا بإدارة الأمن المركزى كما تم عمل لاند سكيب يتضمن محلات تؤجر لأصحاب حرف النحاس والفضة والأرابيسك بطول السور والذى يؤدى فى النهاية بالسائح إلى بارك الأزهر وحديقة الأزهر الجميلة وهذا يعمل على :
1- تنشيط السياحة بالحفلات التى تجذب الأنظار عالميًا وتُعيد إحياء المواقع الأثرية في الوعي العام.
2- دعم اقتصادي: إيرادات هذه الفعاليات يمكن أن تُوجه لصيانة وترميم الآثار ومكافئات العاملين.
3- الترويج الثقافي والربط بين الفن والمكان التاريخي والذى يمنح رسالة قوية عن عراقة مصر..
4- الاحترافية كما يحدث في دول مثل إيطاليا وفرنسا تُنظم حفلات في مواقع أثرية مع الحفاظ الكامل على قيمتها التاريخية.
5- يتم تنظيم حفلات ثقافية وفنية للتوعية والثقافة فى قلعة صلاح الدين بالمحكى الثقافى والأمير طاز وبيت السحيمى ووكالة الغوري بشرط التأمين والمتابعة والوعي.
الأضواء ومكبرات الصوت ضارة بالأثر
لفت خبير الترميم حمدى يوسف استشارى حملة الدفاع عن الحضارة للترميم والصيانة إلى أن إقامة الحفلات الترفيهية وحفلات الزواج وغيرها من التجمعات الغنائية في الأماكن السياحية لها تأثير ضار على الآثار من الترددات الصوتية علي المسطحات الحجرية وما تسببة الترددات الصوتية علي تماسك وثبات الأسطح الحجرية الحاملة للنقوش والكتابات أو الحاملة لطبقات لونية وماتسببه المبالغة في استخدام مكبرات الصوت في حدوث تأثيرات ميكانيكية ضارة جدًا علي تلك الأسطح الحجرية.
كما يؤثر الضوء بدرجاته اللونية واختلاف أطواله الموجية لكل من الأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية وتأثير الطاقة المنبعثة من مصادر الضوء علي ثبات الدرجات اللونية علي المسطحات الأثرية.
وأن كلا من الصوت والضوء لهما تأثيراتهما السيئة والمتلفة لي المسطحات الأثرية وخصوصا في الأماكن المغلقة أو حتي في الفراغ مع ارتفاع عناصر الإضاءة وارتفاع الصوت بفعل المكبرات والمضخمات الصوتية.
هذا علاوة على القيمة الأدبية والأخلاقية والمعنوية للتعامل مع الأثر كتراث ثقافي له من القدسية والاحترام سواءً كان الموقع تاريخي أثري أو كان مسجد أثري شيد خصيصًا للعبادة وليس لإقامة حفلات اللهو ومايصاحبها من تجاوزات أخلاقية
وأضاف حمدى يوسف بأن تلف أثر أو التسبب في فقدانه لن يعوضه أو توازيه أي قيمة مالية وإن عظمت
زفاف الحب
ورفضت الدكتورة رنا التونسى رئيس لجنة الدراسات والبحوث بحملة الدفاع عن الحضارة المصرية، نائب رئيس الحملة إقامة حفلات بالأماكن الأثرية لما لها من قدسية واحترام وجلال والأفراح لها أماكنها المعروفة وهى أماكن كثيرة جدًا.
وتساءلت الدكتورة رنا التونسى هل يجوز عمل زفاف فى فناء” الحب سد” بسقارة، المكان الذى كان يحتفل فيه الملك زوسر بعيده الثلاثينى، والذى يعد من أقدم الأماكن والمواقع الأثرية؟
قاعات الأفراح منتشرة فى الفنادق والقاعات المستقلة وتصلح لجميع طبقات المجتمع فلماذا نتجه إلى الآثار ونضيع قيمتها وقدسيتها الذى يحترمها العالم بأسره ويأتى خصيصًا إلى مصر من أجل سياحة التاريخ والآثار ومنها إلى الأنماط السياحية الأخرى
تلويث للبيئة
ترفض الدكتورة ياسمين حسين رئيس مؤسسة ايچبتوس لنشر الوعي الأثري إقامة أفراح بالمواقع الأثرية وتحذر من أخطار الحرائق بماس كهربائى وقد حدث بالفعل قبل ذلك علاوة على الحفاظ على البيئة نظيفة حيث تمنع منطقة آثار الهرم دخول الأتوبيسات السياحية للحفاظ على بيئة نظيفة وتتساءل أليس التركيب والحل للمسارح المعدة لهذه الأفراح تشويه للمكان وتلويث للبيئة؟ حتى أصبحت أرض الآثار مرتعًا للفراشة وكوشة فرح وأعمدة إضاءه في قلب حرم الآثار
انتهاك لعذرية المكان
يرفض الدكتور طارق منصور أستاذ تاريخ دولة بيزنطية وأوروبا عصور وسطى بجامة عين شمس وأمين عام اتحاد المؤرخين العرب إقامة أفراح بالمواقع الأثرية موضحًا أن هذا العبث الذي يمارس فى المواقع الأثرية انتهاك صريح لعذرية المكان وانتقاص من قدره، فلم يرى حفل زواج فى آيا صوفيا مثلا أو سبوع أو طهور فى ساحة اللوفر أو حفل غنائي في ساحة الباراثينون أو الاكروبوليس، لا مجال لأن نجعل الحاجة إلى المال تنسينا حق الأجيال علينا والاجهاز على ما تبقى.
ضرر وتدنيس للأثر
يرفض الدكتور محمود الشنديدى خبير التراث العالمى مدير عام صندوق آثار النوبة السابق حفلات الزفاف بالآثار باعتبارها تهريج و سوء استخدام ولا يراعى معايير حماية وصيانة الآثار وخاصة مع ثقافة الأفراح العشوائية و الهابطة من معظم فئات المجتمع
ويرفض المهندس ماجد الراهب رئيس جمعية المحافظة على التراث المصرى إقامة الأفراح بالآثار لأن الإضاءة والأصوات العالية تضر بالأثر بخلاف ازدياد العنصر البشرى حول الأثر يتلفه
ويرفض الدكتور شحان ونان والمهندس محمد جويلى إقامة الأفراح بالآثار
وكذلك عاطف توفيق يرفض لحرمة الأثر وهيبتها فالأفراح لها أماكنها بالنوادى والقاعات المخصصة لها، ويرفض الأستاذ عبد الفتاح أبو سيف لأن الأهرامات مقابر كما أن إيراد الأفراح لن يعود على العاملين
ويرفض الأديب سامى أبو بدر لأن إقامة الأفراح في المناطق الأثرية يقلل من مكانتها وهيبتها ووقارها، ولا يمكن أن نساوي بين منطقة أثرية ينظر إليها العالم بكل إعجاب وانبهار واحترام وإجلال وقاعة أفراح أو شارع في حارة أو سرادق في قرية ريفية.
كما أن استمرار هذه الأفراح لزمن طويل تضر بالآثار والبنية التحتية المحيطة بها.
وترفض الدكتورة نجوى الشرقاوى أستاذ التربية الموسيقية إقامة الزفاف بها لأن الآثار والمتاحف لها حرمتها والأفراح لها أماكنها.
ويرفض عبد الخالق محمد إسماعيل موضحًا أن الآثار بكامل تنوعها لها حرمة كحرمة أي شيئ يقدسه الإنسان فلا يدنس بأي شي حتي لو كانت إقامة حفلات هذا غير التأثير السيئ جدا لهذه التجمعات وما تخلفه في الأماكن الأثرية
وترفض الدكتورة أميرة لطفى حيث أن أى مكان أثرى يجب أن يكون له عظمته و حرمته وهيبته فهى حضارة وتاريخ وعيب أن تكون مصر بلد الحضارة والتاريخ ونقيم بآثارها أفراحًا ولكنها توافق على حفلات الدعاية للسياحة فقط مع وجود ضوابط ومعايير أما الأفراح وأعياد الميلاد لها أماكنها.
وترفض الآثارية هيباتيا المصرية باعتبار الأفراح إهانة للتاريخ و الحضارة لما يصاحب الحفلات من أطعمة و خمور وإسفاف و قلة قيمة مما يمثل انتهاكًا لحرمة الأثر.
شاهد عيان
ترفض الآثارية منار فاروق موضحة إن إيراد هذه الحفلات والأفراح وتصوير الأفلام مصيره إلى جيوب أشخاص معينة وبالصدفة البحتة حين تواجدها مرة أمام مسجد قلاوون والسلطان حسن الساعه شاهدت دخول الأجانب للتصوير وتم تحصيل دولارات منهم عن طريق الحارس ومعه شخص آخر فليس هناك عائد على الآثار ولا العاملين بها من هذه الأنشطة
وترفض هيباتيا المصرية باعتباره إهانة للتاريخ والحضارة ..لما فيها الحفلات من أكل و خمور واسفاف و قلة قيمة وانتهاك لحرمة الأثر بسبب هذه الحفلات
أوافق بمعايير
وأعربت الأستاذة منال الغرابلى عن موافقتها مع شروط ومعايير و ضوابط و مسافة محددة بعدًا عن الأثر و يظهر بالخلفية، فالحفلات فى المواقع الأثرية ليست بدعة فهى مطبقة فى الأردن و إيطاليا الموضوع هو كيفية توظيف الأثر ليكن دعاية للبلد دون قرب المسافة منه.
ويوافق الباحث الآثارى إسلام زغلول مع الالتزام بشروط الحفاظ علي الآثار بكل الجوانب وبموافقة أهل الاختصاص وتحت رقابة واشراف الأثريين
ويوافق الأستاذ محمد عبد الرحمن ولكن ليس في مسار الزيارة وبعيدًا عن الآثار لزيادة الموارد
وتوافق الأستاذة رانيا عبد السلام في حالة واحدة فقط لو كان الدخل المادي من هذه الحفلات يعود علي العاملين بالآثار إلي جانب الحفاظ علي الأثر وعدم المساس به والحفاظ عليه.
وتوافق هبة صلاح حيث يعتبر دعاية عن المنطقة الأثرية ومصدر دخل قومي للمكان وتطالب بإصلاح الطريق إلى سقارة من ناحية المريوطية فهو غير آدمي وصورة سيئة بطريق سياحى علاوة على كثرة الحوادث ويطلق عليه طريق الموت
وترى أن المناسبات فرصة طيبة لوجود شخصيات من شرائح المجتمع المختلفة ربما يكون لهم تأثير بالاهتمام بالطريق و يصبح طريقًا آدميًا غير محفوف بالمخاطر، ويوجد العديد من قاعات الأفراح علي طريق المريوطية و تحدث الكثير من الحوادث علي هذا الطريق وتتحول الأفراح الي عزاء
ويوافق الدكتورغريب سنبل رئيس الإدارة المركزية لترميم وصيانة الآثار الأسبق بالمجلس الأعلى للآثار على إقامة الحفلات والفعاليات الثقافية باعتبارها شيء محمود بشرط اتباع الضوابط التى تحمى الأثر من أى أضرار بشرية محتملة وأضرار تأتى من تأثير الوسائل التكنولوجية المستخدمة فى مثل هذه المناسبات والتدقيق فى أهداف بعض الحفلات التى تهدف إلى أى نشاط عقائدى يخالف تعاليم أديان الدولة المصرية وأن يكون مكان الاحتفالية محدد بحواجز تمنع التسلل لملامسة تلك الآثار بشكل مباشر إذ أخذ فى الإعتبار تلك الضوابط وغيرها فلامانع من استثمار مواقعنا الأثرية وتوجيه جزء ليس بالقليل من الدخل لصالح صيانة تلك المواقع وترميم تلك الآثار الموجودة بها
وتوافق الدكتورة هدى دهب على إقامة الحفلات فى القصور فقط مع اتخاذ التدابير اللازمة للحماية وترفض إقامتها فى دور العبادة والمقابر
نشرة عامة بالضوابط
ولدينا نشرة عامة من المجلس الأعلى للآثار بالضوابط بتاريخ 22/5/2016 بخصوص الفعاليات والأنشطة والإحتفاليات والأمسيات والندوات الثقافية وغيرها من الأحداث المرتبطة بالمواقع والمباني الأثرية
ينيه على السادة رؤساء القطاعات المختلفة بالوزارة بضرورة الالتزام بالضوابط والمعايير والإشتراطات الخاصة بإقامة تلك الأنشطة للحفاظ على المباني والمواقع الأثرية والمتاحف كما يلى :-
– الا يترتب على هذه الأنشطة أى تعديلات أو إضافات على المبنى الأثرى.
– ألا تكون التجهيزات الخاصة بالنشاط مشوهة للمبنى الأثرى وعناصره الفنية ولا يترتب على إدخالها أي أخطار محتملة تضر
– ضرورة تحديد النشاط والأعداد الخاصة به طبقًا لطبيعة كل موقع أثرى على حدا .
– ضرورة الالتزام بأماكن الإنتظار الخاصة المحددة لكل موقع مع عدم السماح بتواجد السيارات داخل المواقع الأثرية إلا في حالات الضرورة القصوى بما لا يضر بالموقع الأثرى .
– لا يسمح بممارسة أي نشاط أو أعمال تتعارض مع العقيدة الإسلامية أو الأديان السماوية داخل المواقع الأثرية والمتاحف.
– لا يسمح بوضع أي عناصر تمثل خطورة على المنشأة قد تسبب حرائق أو غازات ضارة وفى حالة استخدام مولد الطوارئ يمكن وضعها خارج المبنى الأثرى في ملحق خاص تراعى فيه كافة احتياطات الأمن والسلامة.
– يجب التحقق من سلامة عناصر المبنى الإنشائية وقدرتها على أداء النشاط بشكل فعلى .
– اتباع كافة احتياطات الأمن والسلامة المهنية للحفاظ على المبنى وعناصره الأثرية.
– أخذ جميع التعهدات اللازمة من مقيمي الأنشطة والفعاليات للحفاظ على المبنى أو الموقع الأثرى وكذا الإلتزام بجميع الإشتراطات والضوابط الصادرة في هذا الشأن.
– ضروروة تواجد مفتشي الآثار أو أمناء المتاحف ومسئولى الأمن بالمواقع والمباني الأثرية أثناء إقامة النشاط مع إخطار كافة الجهات المعنية والتنسيق مع شرطة السياحة والآثار في ذلك.
– الالتزام بتنفيذ هذه الضوابط والمعايير والإشتراطات في جميع المناطق والمواقع الأثرية والمتاحف ومن يخالف ذلك يتعرض للمساءلة القانونية.
وما حدث بزفاف ابنة احد المذيعات بجامع محمد على بالقلعة وحفلة زفاف ابنة أحد الممثلين بسقارة بساحة احتفالات الحب سد والحفلات المستمرة بالهرم يتنافى مع هذه الضوابط، وكذلك توظيف مقعد ماماى بالجمالية مطعم وكافيتيريا مسموح بشرب الشيشة بها يتناقض مع هذه الضوابط
وتؤكد حملة الدفاع عن الحضارة المصرية برئاسة الدكتور عبد الرحيم ريحان رفضها لإقامة حفلات زفاف فى الآثار أو فى حرم الآثار باعتبار الآثار سلعة ثقافية وليست سياحية، وبالتالى فإن إعادة توظيفها يجب أن يكون فى هذا الإطار أنشطة ثقافية كملتقيات علمية ونوادى للأدب والقصة ومعارض فنية ومسارح لعرض الفنون التراثية والشعبية وكل منتج ثقافى.
وذلك طبقًا لما حددته اليونسكو فى تصنيف مجالات الصناعات الثقافية والإبداعية الرئيسية وتشمل: التراث الثقافي والطبيعي – الكتب والصحافة -المجالات الثقافية الرئيسية – الأداء والاحتفال -الوسائط البصرية والسمعية والتفاعلية – التصميم والخدمات الإبداعية-السياحة – الرياضة والترفيه.
وتعد الصناعات الثقافية والإبداعية اليوم واحدة من أكثر القطاعات حيوية في الاقتصاد العالمي، ووفقًا لأحدث تقرير من منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية تحقق هذه الصناعات دخلًا سنويًا عالميًا قدره 2.3 تريليون دولار وهو ما يمثل 3.1% من الناتج الإجمالي العالمي، وتشير تقديرات اليونسكو إلى أن هذه الصناعات تمثل حوالى 6.2% من العمالة العالمية.
وبالتالى فإن حسن استثمار الآثار كصناعة ثقافية إبداعية يحقق دخلًا كبيرًا كما يحدث فى معظم دول العالم، كما أن هذا التعريف يتطلب أن يكون المجلس الأعلى للآثار هيئة حكومية ذات شخصية مستقلة تتبع رئيس مجلس الوزراء مثل قناة السويس أو تابعًا لوزارة الثقافة كما كانت أيام وزارة الفنان فاروق حسنى.