[ الصفحة الأولى ]سفر وطيران

تراجع حاد للسياحة في الولايات المتحدة

زيزي عوض

تواجه السياحة الأمريكية تراجعًا حادًا، حيث يتخلى المسافرون من الأسواق الدولية الرئيسية، بما في ذلك كندا والمملكة المتحدة والمكسيك والصين والبرازيل وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية، بشكل متزايد عن خططهم لزيارة البلاد. ويعزى هذا الانخفاض الحاد في السياحة الأجنبية إلى مزيج من التوترات السياسية المتزايدة، والسياسات الأمريكية غير المواتية، والديناميكيات العالمية المتغيرة. فمن النزاعات التجارية والخطاب السياسي المثير للجدل إلى المخاوف بشأن أمن الحدود، يبحث المسافرون الأجانب بشكل متزايد عن أماكن أخرى لقضاء عطلاتهم. ونتيجة لذلك، يشهد قطاع السياحة الأمريكي ركودًا كبيرًا، مع انخفاض حاد في الحجوزات من هذه الدول، مما يشير إلى اتجاه محتمل طويل الأمد بعيدًا عن الوجهات الأمريكية. إليك ما تحتاج إلى معرفته حول القوى الكامنة وراء هذا التحول في سلوك السفر وما يعنيه لقطاع السياحة الأمريكي في المستقبل.

يعاني قطاع السياحة الأمريكي، الذي كان رائدًا عالميًا في جذب الزوار الدوليين، من انخفاض حاد في أعداد الوافدين الأجانب. إذ يتخلى السياح من أسواق رئيسية – بما في ذلك كندا والمملكة المتحدة والمكسيك والصين والبرازيل وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية – بشكل متزايد عن خطط سفرهم إلى الولايات المتحدة. وقد أدى مزيج من التوترات السياسية المتصاعدة، والتحولات في الديناميكيات العالمية، والسياسات غير المواتية إلى انخفاض حاد في أعداد السفر الدولي إلى الولايات المتحدة، مما يُنذر ببداية ما قد يكون ركودًا طويل الأمد.

بالنسبة لأوليا إيفانيتش، سرعان ما تحوّل حماسها لاستقبال أبناء عمومتها من السويد في كولورادو في يونيو إلى خيبة أمل. في البداية، خططت المجموعة لرحلة مشي في جبال روكي وزيارات إلى لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو. إلا أن خططهم أُلغيت فجأةً بعد تداعيات اجتماع مثير للجدل بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فبراير. في أعقاب التوترات الدبلوماسية، اختار أقارب إيفانيتش قضاء عطلتهم في أوروبا، وهو خيار يعكس اتجاهات السفر الأوسع نطاقًا التي تظهر الآن في الأسواق الرئيسية.

انخفاض حاد في أعداد السياحة

تُظهر أحدث الأرقام الصادرة عن المكتب الوطني للسفر والسياحة (NTTO) اتجاهًا مُقلقًا: انخفض عدد الوافدين الدوليين إلى الولايات المتحدة بنسبة 11.6% في مارس 2025 مقارنةً بالشهر نفسه من عام 2024. وانخفض إجمالي عدد الزوار القادمين من الخارج خلال الربع الأول من عام 2025 بنسبة 3.3%، مع انخفاض حاد في السفر الجوي من المكسيك بنسبة 23%. وبينما لا تزال كندا أكبر مصدر للسياح الدوليين إلى الولايات المتحدة، فإن حتى هذه السوق، التي لطالما كانت قوية، بدأت تُبدي علامات تراجع.

دفع هذا التباطؤ الاقتصادي شركة “توريزم إيكونوميكس”، التي توقعت زيادةً بنسبة 9% في السياحة الدولية إلى الولايات المتحدة بحلول عام 2025، إلى مراجعة توقعاتها بشكل جذري. وتتوقع الشركة الآن انخفاضًا بنسبة 9.4% في السياحة الأجنبية هذا العام، وهو تحول كبير يعكس التأثير المتزايد للتوترات الجيوسياسية والسياسات الأمريكية على سلوك السفر.

إحباط كندا من سياسات الولايات المتحدة

بالنسبة للعديد من الكنديين، لا يُمكن تجاهل الإحباط المتزايد من سياسات الولايات المتحدة. بدءًا من دعوات الرئيس ترامب المتكررة لجعل كندا الولاية رقم 51، وصولًا إلى فرض الرسوم الجمركية، يزداد إحباط المسافرين الكنديين من زيارة الولايات المتحدة. يتجلى هذا الاستياء في أرقام الحجوزات: أفادت مجموعة فلايت سنتر ترافل كندا بانخفاض بنسبة 40% في حجوزات الترفيه إلى الولايات المتحدة في مارس 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. حتى شركة طيران كندا اضطرت إلى تقليص رحلاتها إلى وجهات أمريكية رئيسية مثل فلوريدا ولاس فيغاس وأريزونا بسبب انخفاض الطلب.

انخفاض الاهتمام الأوروبي والآسيوي

تشهد أوروبا أيضًا تراجعًا واضحًا في الاهتمام بالسفر إلى الولايات المتحدة. إذ تُظهر أسواق ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، التي كانت مزدهرة سابقًا، انخفاضًا في نية السفر إلى الولايات المتحدة. وتشير بيانات أوائل عام 2025 إلى تراجع الاهتمام من ألمانيا وفرنسا، مع انخفاض طفيف في إيطاليا أيضًا. في غضون ذلك، شهدت المملكة المتحدة ارتفاعًا طفيفًا في عدد السياح في مارس، لكن بشكل عام، لا يزال الاهتمام الأوروبي بالوجهات الأمريكية ضعيفًا.

في آسيا، تُسهم كلٌّ من اليابان والبرازيل في هذا التراجع. تُظهر البيانات أن الحجوزات البرازيلية إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 15% بين فبراير ومارس 2025، كما تشهد اليابان، التي تُعدّ مصدرًا قويًا للسياح، انخفاضًا أيضًا. من ناحية أخرى، شهدت كوريا الجنوبية زيادةً في عمليات البحث عن الرحلات الجوية والحجوزات إلى الولايات المتحدة، إلا أن هذا لا يكفي لتعويض الخسائر من الأسواق الأخرى.

تغيير التفضيلات في خطط السفر

لا يقتصر الانخفاض الحاد في السفر إلى الولايات المتحدة على السياسة فحسب، بل تلعب العوامل الاقتصادية دورًا أيضًا. على سبيل المثال، دفع ضعف الدولار الكندي مقارنةً بالدولار الأمريكي العديد من الكنديين إلى التفكير في السفر المحلي بدلًا من السفر عبر الحدود. يُلاحَظ هذا التوجه في مناطق مختلفة، حيث يختار بعض المسافرين استكشاف بلدهم بدلًا من المغامرة جنوبًا نحو الولايات المتحدة. ويتجلى هذا التأثير في مطارات كندا، حيث انخفض عدد المسافرين الذين يحجزون رحلات جوية إلى الولايات المتحدة نتيجةً لهذه التحولات الاقتصادية.

في غضون ذلك، لا يزال بعض المسافرين الصينيين يُبدون اهتمامًا بالوجهات الأمريكية، حيث تُشير بيانات البحث والحجز إلى ارتفاع طفيف في الطلب. ومع ذلك، حتى في هذه السوق، يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الزيادة ستستمر طوال العام أم أن عوامل عالمية أخرى ستُجبرها على الانخفاض.

في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 (يناير-مارس)، انخفض عدد الوافدين الدوليين إلى الولايات المتحدة بنسبة 3.3% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، على الرغم من التوقعات السابقة بعام سياحي قوي. وقد برز هذا الانخفاض بشكل خاص بين السياح القادمين من كندا والمملكة المتحدة والمكسيك والصين والبرازيل وفرنسا واليابان وكوريا الجنوبية.

الانحدار العام:
أفاد المكتب الوطني للسفر والسياحة (NTTO) أن عدد الزوار الدوليين إلى الولايات المتحدة بلغ 7.1 مليون زائر خلال الفترة من يناير إلى مارس، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 3.3% عن عام 2024.

تفاصيل شهر مارس:
في مارس 2025، انخفضت الزيارات إلى الخارج بنسبة 11.6% مقارنة بمارس 2024.

العوامل المساهمة في الانخفاض:

  • المخاوف الجيوسياسية:تسببت التوترات الجيوسياسية المتزايدة والتغيرات في السياسة الأمريكية في دفع المسافرين من هذه البلدان إلى إعادة النظر في وجهاتهم الأمريكية لصالح بدائل أكثر استقرارا.
  • الأسواق الأوروبية والآسيوية:شهد السفر من أوروبا، وخاصة ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، وكذلك من اليابان والبرازيل وكوريا الجنوبية، انخفاضًا كبيرًا في الاهتمام.
  • خطاب ترامب وسياساته:إن سياسات الرئيس ترامب التجارية، والتعريفات الجمركية، والخطاب المثير للجدل، إلى جانب المخاوف بشأن أمن الحدود والتقارير عن احتجاز السياح، كلها عوامل تساهم في تردد المسافرين من هذه الأسواق الرئيسية.

الطريق إلى الأمام للسياحة في الولايات المتحدة

مع اقتراب موسم السفر الصيفي، لا تزال آفاق السياحة الأمريكية غامضة. فالأسواق الرئيسية تبتعد بشكل متزايد عن الوجهات الأمريكية، كما أن التأثير المشترك للتوترات السياسية والنزاعات التجارية والعوامل الاقتصادية يُعيد تشكيل أنماط السفر العالمية. وقد يواجه قطاع السياحة الأمريكي ركودًا طويل الأمد، حيث يبحث العديد من المسافرين عن بدائل لقضاء العطلات الأمريكية.

تشهد السياحة الأمريكية تراجعًا حادًا، إذ يلغي المسافرون من أسواق رئيسية، بما فيها كندا والمملكة المتحدة والمكسيك، خططهم بسبب تصاعد التوترات السياسية والنزاعات التجارية والمخاوف بشأن القيادة الأمريكية وأمن الحدود. وقد دفعت هذه العوامل السياح إلى البحث عن وجهات أكثر استقرارًا وترحيبًا.

مع استمرار تطور المشهد السياسي، ستتطور اتجاهات السفر العالمية أيضًا. ولكي تتعافى السياحة الأمريكية، لا بد من معالجة العوامل الاقتصادية فحسب، بل أيضًا القضايا السياسية والدبلوماسية التي أبعدت المسافرين عن بعض أهم أسواقها. يبقى أن نرى ما إذا كانت الولايات المتحدة ستستعيد مكانتها كأفضل وجهة سفر في العالم، ولكن من المرجح أن يتسم المسار المستقبلي بمزيد من عدم اليقين وتراجع الاهتمام الدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى