كتّاب وآراء

ريادة الأعمال ومحراب المجتمع المدني

دلال عبد الحفيظ

تقوم عديد الهيئات الحكومية مع منظمات المجتمع المدني والأهلي -سنويًا – برعاية مئات الأفكار الرائدة في مجالات حياتية ومهنية متعددة، لصغار المستثمرين ورجال الأعمال حول توليد الطاقة باستخدام التكنولوجيا الحيوية، وإعادة تدوير المخلفات، وتوظيف التكنولوجيا الرقمية في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، والأثاث الموفر للمساحة، إلى جانب إدارة وتسويق مشروعات المنتجات اليدوية، وغيرها من الأفكار.

وجاء هذا التطور في خضم الأفكار البناءة موازيًا لظهور عدد ضخم من المعارض والفعاليات المتخصصة في إدارة وتسويق هذه المشروعات، بل وظهرت أيضًا اجتماعات “التشبيك” بين أصحاب هذه المبادرات وبين ممثلي المجتمع، وهيئاته المحلية والرقابية، وجماعات المصالح من المستثمرين، ورجال الأعمال، والمساهمين، بغرض احتضان وتطوير الأعمال، وتنمية فرص الاستثمار المادي والبشري، عبر مذكرات التفاهم وبروتوكولات التعاون المشتركة بين الأطراف المعنية.

وفي بنجلاديش؛ كان للجمعيات الأهلية و المنظمات غير الحكومية تجربةً فريدةً في توظيف رأس المال الاجتماعي؛ نحو دعم الشباب أصحاب رؤوس الأموال الفكرية والإبداعية، وغرس مفهوم الثقة الاجتماعية لديهم، من خلال الاتحادات المهنية ومنتديات الأعمال، التي تجمعهم بقادة الرأي، وهيئات المجتمع المحلي؛ لتقديم خدمات الاستشارة والتدريب والتسهيلات الائتمانية، وتعزيز دوافع التعليم والتدريب وتطوير القدرات لديهم، وتوفير فرص متنوعة للعمل الثابت والجزئي.

وبعد أن يترسخ مفهوم الثقة الاجتماعية لدي هؤلاء الشباب المبتكر؛ تأتي مرحلة “التمكين الاجتماعي” من خلال بناء الهياكل التنظيمية التي من شأنها حل المشاكل، ودعم السيطرة الإدارية علي عمليات السوق، وتعزيز علاقات العمل مع الوكلاء ورجال الأعمال؛ بهدف تعزيز شبكاتهم الاجتماعية، وتحسين مهاراتهم التجارية والتسويقية، وتنمية معارفهم الذهنية؛ وفتح قنوات وأسواق عمل واعدة مع المستثمرين والهيئات القادرة علي تبني ابتكاراتهم بالداخل والخارج.

ولم تتوقف التجربة البنغالية عند هذا الحد؛ بل واصلت مسيرتها التنموية نحو تطوير وتجديد القيادة المحلية بالمجتمع؛ بالاستعانة بهذه السواعد البناءة والعقول المستنيرة؛ من خلال تكليف المنظمات الحكومية وغير الحكومية ببناء علاقات عمل فعالة مع الهيئات القيادية المحلية مثل: النقابات والوزارات المعنية والاتحادات المهنية ومنتديات تطوير الأعمال؛ لما لهذه المنظمات من سلطات وأدوار تنفيذية في حل مشكلات العمال، وتذليل الصعوبات وتمهيد السبل أمامهم نحو التوغل السياسي والانتخابي بالدوائر المحلية بالمجتمع؛ كي يواصلوا قيادة المسيرة التنموية، ورسم ملامح الإستراتيجيات والسياسات التنفيذية؛ من مواقعهم القيادية التي وصلوا إليها من قلب المجتمع ونسيجه المحلي.

ستظل المجتمعات العربية قادرة على الاستثمار الجاد في ثروتها الهائلة من مواردها البشرية القادرة على العمل الجاد وتذليل الصعاب؛ من أجل التغيير ورسم ملامح التنمية المجتمعية.. تلك التنمية التي تفتح ذراعيها للشباب العربي الواعد المبتكر الساعي نحو تحقيق ذاته، وبلوغ اهدافه؛ وفرض شخصيته العملية المستقلة على سوق العمل، تحت مسمى ريادة الأعمال، وتدشين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وإطلاق المبادرات الشبابية المنتجة في شتى ربوع الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى