عقد اليوم الأربعاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، المؤتمر الصحفي الأسبوعي، عقب اجتماع الحكومة بمقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذي استهله بالتطرق إلى الشأن الخارجي، مُشيراً إلى التطورات المؤسفة المرتبطة باتساع دائرة الصراع في الدائرة الإقليمية خلال هذا الأسبوع، وبخاصة الأعمال القتالية التي بدأت في لبنان على مدار الأيام السابقة، لافتاً إلى أنه سبق وأكد أننا نعيش فترة استثنائية شديدة الصعوبة لم تشهدها المنطقة أو العالم منذ عشرات السنين، مع مخاوف من تصاعد تلك الظروف الاستثنائية لتبدأ في الاتساع مع دخول أطراف أخرى..
وأشار إلى أن هذا هو ما نعيشه للأسف مع اتساع دائرة الصراع لتشمل لبنان، كما بدأنا نسمع عن إمكانية تدخل بعض الفصائل الموجودة في دول أخرى مثل العراق و سوريا في الصراع الدائر، منوهاً إلى أن ذلك هو ما حذرت منه مصر منذ اليوم الأول لأزمة غزة، والحديث أن الأزمة من الممكن أن تجر المنطقة والعالم كله إلى كارثة إنسانية كبيرة جداً، ونشهد حرباً إقليمية واسعة النطاق.
وشدد رئيس الوزراء على أن مصر ضد الاعتداء الذي تتعرض له لبنان، كما أنها ضد أي عنف او استهداف للمدنيين في أي منطقة، مشيراً إلى ضرورة أن نعي أن هذا الصراع سيكون له تداعياته على كل الأطراف، وكل البلدان المحيطة بما فيها مصر، مشيراً إلى أن الحكومة المصرية كانت تضع سيناريوهاتها على افتراض كل الاحتمالات الممكنة بما فيها الافتراض الأسوأ وهو أن تتسع دائرة الصراع ليشمل دولاً أخرى، أو يمتدُ أمده إلى فتراتٍ أطول، حيث جدد التأكيد على أن الحكومة تبذل قصارى جهدها ومعها كل أطراف الدولة، لنضمن استقرار الأوضاع داخل الدولة المصرية، وتأمين الاحتياجات الأساسية للدولة، والتعامل بمنتهى الاتزان مع مثل هذا القضايا والتحديات، التي تتصف بكونها مُستجدات يومية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن القيادة السياسية المصرية تُدير الملف الخارجي بحكمة واتزان شديدين، كما تقوم الحكومة بتولي كل ما يتعلق بالشأن الداخلي من خلال العمل على تدبير الاحتياجات اليومية للمواطنين في مختلف القطاعات، داعياً المولي عز وجل أن يجعل مصر دائمًا واحة الأمن والأمان والاستقرار، في ظل ما نشهده من ظروف مضطربة بالمنطقة المُحيطة.
وانتقل رئيس الوزراء في حديثه إلى الشأن الداخلي، حيث لفت إلى أن الأسبوع الحالي شهد بداية العام الدراسي الجديد، وأنه حرص اليوم على زيارة عددٍ من المدارس بمنطقة حي السلام، بمحافظة القاهرة، لمتابعة سير وانتظام العملية التعليمية، مضيفاً أنه سيبدأ من الأسبوع القادم جولات ميدانية مكثفة بعددٍ من المحافظات لمتابعة سير العمل بمختلف المشروعات التنموية والخدمية، وستشمل هذه الجولات تفقد عدد من المدارس للتأكد من انتظام العملية التعليمية بها، وتطبيق ما تم الإعلان عنه مؤخراً من إجراءات وخطوات تتعلق بإعادة توزيع الطلاب على الفصول، والاستفادة من الفراغات المتواجدة بالمنشآت التعليمية، وتحويلها إلى فصول دراسية، وذلك في إطار جهود التعامل مع مشكلات الكثافات الطلابية بالفصول والعمل على خفضها.
وأوضح رئيس الوزراء أنه من خلال تطبيق هذه المنظومة والإجراءات، تم إضافة عشرات الآلاف من الفصول الجديدة، لافتاً إلى أن التقديرات الأولية تشير إلى حدوث استقرار في العملية التعليمية مع بدء العام الدراسي الجديد، وأن المتوسط الأغلب والأعم لعدد الطلاب داخل الفصول أقل من 50 طالباً داخل الفصل الواحد، باستثناء عدد من المدارس بمناطق محددة، جار العمل على استهدافها تباعاً لتخفيض الكثافات الطلابية بفصولها داخل المدارس.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الآليات التي طرحها السيد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني شملت التعامل مع ملف عجز المعلمين، مؤكداً أن شغل الدولة الشاغل خلال هذه المرحلة هو تحقيق الجودة المأمولة في المنظومة التعليمية لمختلف أبناء الوطن، وكذا اهتمام الدولة بفصول رياض الأطفال، والعمل على التوسع بها من خلال تطبيق بعض الآليات غير التقليدية، وذلك بالنظر لدورها الحيوي في تنشئة الأطفال بصورة صحيحة.
وفيما يتعلق بقطاع التعليم الجامعي، أشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن مصر تشهد طفرة كبيرة جداً في هذا القطاع، وذلك من حيث عدد الجامعات التي تدخل الخدمة سواء الجامعات الأهلية أو الجامعات الخاصة، أو الجامعات الدولية التي يتزايد عددها، لافتاً إلى إدراج 46 جامعة مصرية بالنسخة الأخيرة في نتائج تصنيف ” التايمز” للتأثير لأهداف التنمية المستدامة لعام 2024، مؤكداً أن هذه مؤشرات دولية تؤكد أن الجامعات المصرية يتم تصنيفها ضمن أفضل الجامعات على مستوى العالم، ولا يزال أمامنا شوطاً كبيرًا في هذا المجال، إلا أنه يمكن التأكيد أننا على المسار الصحيح في ملف التعليم؛ سواء التعليم ما قبل الجامعي، أو التعليم الجامعي، وسنواصل السعي الجاد في هذا الإطار خلال المرحلة المقبلة.
وانتقل رئيس الوزراء للحديث عن جولته مطلع الأسبوع الحالي بعدد من مصانع الأدوية، واصفًا إياها بأنها تعد من أكبر المصانع التي عملت على زيادة إنتاجها من الأدوية المختلفة، مجدداً التأكيد على أن أزمة نقص بعض أنواع الأدوية في طريقها للحل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، ومشيرًا في الوقت نفسه إلى نقطة أثارها مع الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، أثناء زيارة مصانع الأدوية؛ وهي دراسة مدى إمكانية الاتفاق مع نقابتي الأطباء والصيادلة على تحديد نوع المستحضر الدوائي المطلوب عند كتابة الطبيب الروشتة للمريض بدلاً من تحديد نوع معين من الدواء يكون من إنتاج شركة محددة، وذلك لإعطاء الفرصة لتوافر الدواء المطلوب في الصيدلية بتركيبته دون النظر إلى أنه من إنتاج شركة معينة، لأن المريض إذا ذهب للصيدلية ولم يجد الأدوية المكتوبة في الروشتة لشركة محددة فينصرف في حين يتوافر بالصيدلية نفس تركيبة الأدوية لكن من إنتاج أربع أو خمس شركات أخرى.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه طلب من نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، التعامل بنحو سريع مع هذا الموضوع، والتعامل مع نقابتي الأطباء والصيادلة، بما يضمن الوصول إلى تصور واضح وسريع، قائلا:” من الممكن أن يكون لدينا الوفرة من نفس نوع الدواء، ولكن من انتاج شركات أخرى، ويكون النقص من شركة محددة”، مؤكداً أنه يتابع بصورة أسبوعية ملف الدواء، سعياً للانتهاء من هذه الأزمة بالكامل خلال الفترة القادمة.
وعن ملف الاستثمار، أكد رئيس الوزراء أن هذا الملف يأتي ضمن أولويات عمل الحكومة خلال هذه الفترة، مشيراً إلى أنه عقد هذا الأسبوع لقاء ضم عدداً كبيراً من الشركات اليابانية العاملة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، ومجال إدارة المياه، حيث تم بحث خطط متكاملة للتوسع في استثماراتها في مصر خلال الفترة القادمة، منوهاً كذلك إلى لقائه مع مجموعة من القيادات الحكومية لمدينة “تشينغداو” التابعة لمقاطعة “شاندونغ” الصينية، وكذا مسئولي مجموعة “هايير” العالمية، التي تُعد أكبر شركة في العالم لإنتاج الأجهزة المنزلية، والذين قاموا خلال زيارتهم لمصر بوضع حجر الأساس للمرحلة الثانية من مصنعهم بمصر، لإنتاج مختلف الأجهزة المنزلية، هذا إلى جانب الاتفاق على تنفيذ المرحلة الثالثة، والتي ستبدأ بالتوازي مع المرحلة الثانية، حيث ستتضمن المرحلة الثالثة تصنيع وإنتاج وحدات التكييف المركزية العملاقة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه مع اكتمال المراحل الثلاث الخاصة بمشروع شركة “هايير” العالمية في مصر، والتي من المقرر لها ان تتم بنهاية عام 2025، ستتجاوز استثمارات الشركة 500 مليون دولار، وهو استثمار اجنبي مباشر، يوفر آلاف فرص العمل للشباب، مؤكداً أن ذلك ما تستهدفه الدولة المصرية، هذا إلى جانب السعي لاستقطاب كبريات الشركات العالمية للاستثمار في مصر، وجعلها مركزاً اقليمياً للتصنيع والإنتاج والتسويق، وهو الذي من شأنه تحقيق حلم الوصول إلى استثمارات أجنبية مباشرة تتجاوز الـ 20 مليار دولار على الأقل، والوصول بحجم الصادرات بحلول عام 2030 إلى أكثر من 140 مليار دولار، وهو حلم قابل للتحقيق، مؤكداً تركيز الحكومة على تفعيل هذا الملف، بأكبر حجم ممكن من التيسيرات والمحفزات، ومنوهاً إلى أنه بنهاية هذا الشهر، سينتهي وزير المالية من الصورة النهائية من حزمة التسهيلات الضريبية التي تم الاعلان عنها مؤخراً، حتى يتسنى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، كما أن المهندس/ حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية سيعرض أيضاً مجموعة أخرى من حزم الحوافز والتيسيرات، التي من شأنها أن تسهم في تحسين مناخ الاستثمار في مصر وزيادة الاستثمارات الأجنبية.
وفي ختام المؤتمر الصحفي، لفت رئيس مجلس الوزراء إلى أنه تلقى العديد من الإشادات من جانب عددٍ من فئات المجتمع على دورية انعقاد هذا المؤتمر، مع طلبات بأن تشارك في هذه المؤتمرات، لافتاً إلى أنه يشرُف بأن يدعو لعقد اجتماعات أو لقاءات دورية مُتزامنة مع المؤتمرات الصحفية بحضور كبار الكتاب، ورؤساء النقابات المهنية، وبعض الشخصيات الاقتصادية، ورجال الاقتصاد، وكبار المفكرين، إضافة لبعض المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن مشاركتهم ستُثري اللقاءات، وتتيح الفرصة للاستماع إلى وجهات نظر مُختلفة من كل فئات المجتمع، على أن نبدأ الأسبوع المقبل، على غرار اللقاء الذي تم خلال الفترة الأخيرة مع رؤساء تحرير الصحف، واللقاء الذي تم كذلك مع كبار مُقدمي البرامج الحوارية، حيث ستتم إضافة هذه الفئات، حتى يمكننا إشراك أكبر عدد من فئات المجتمع للأفكار والمقترحات والطموحات، بما يعود بالنفع على الدولة.