[ الصفحة الأولى ]سفر وطيران

المدن الأكثر تلوثاً حول العالم بسبب السفر الجوي

عد قطاع الطيران مساهماً رئيساً في التغير المناخي وتلويث الهواء، وباستثناء عام 2020، حين قلّصت جائحة كوفيد – 19 حركة المسافرين جواً بنسبة 60 في المائة مقارنة بعام 2019، يستمر تصاعد نسب الانبعاثات الناجمة عن السفر الجوي، والتي تواجه مهمات معالجتها تحديات وعراقيل كبيرة.

تكشف دراسة جديدة أجراها مركز أبحاث الشؤون العالمية في لندن (أو دي إي) أن سكان مدينة لندن يتحملون العبء الأكبر من تلوّث الهواء، بسبب إطلاق الطائرات التي تعمل في مطاراتها الستة ملوّثات تعادل انبعاثات 3.23 ملايين سيارة سنوياً. أما سكان مدينتي طوكيو ودبي فيتعرضون لانبعاثات ناجمة عن الحركة الجوية تعادل تلك لـ2.78 مليون سيارة.

وتكشف الدراسة التي أجريت بالتعاون مع المجلس الدولي للنقل النظيف، أنّ مدن لندن وطوكيو ودبي هي الأكثر تضرراً بملوّثات الطيران. وتشير إلى أن رحلات الركاب والبضائع من المطارات العشرين الأكثر تلويثاً للهواء في العالم أنتجت كمية 231 مليون طن من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون عام 2019، واعتبرت مسؤولة عن نسبة 25 في المائة من كل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من بين 1300 مطار شملها البحث.

ووجدت الدراسة أن المطار الأكثر تلويثاً في العالم هو مطار دبي الذي يساهم بـ 20.1 مليون طن من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون سنوياً التي تعادل تقريباً انبعاثات الغازات الدفيئة التي تصدرها خمس محطات لتوليد الطاقة باستخدام الفحم، إضافة إلى 7531 طناً من أكاسيد النيتروجين، و71 طناً من الجسيمات الدقيقة، وحلّ مطار هيثرو في لندن في المرتبة الثانية باعتباره يُطلق 19.1 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنوياً، و5844 طناً من أكاسيد النيتروجين.

يقول فينلي آشر، الناشط في مجموعة “الهبوط الآمن” التي تضم عاملين في مجال الطيران، لـ”العربي الجديد”: “يؤثر تلوّث الهواء في الموظفين بمجال الطيران أكثر من معظم الناس، فهم يعملون في الطائرات وحولها يومياً، ويتنفسون الانبعاثات المضرّة، كما تعيش عائلاتنا غالباً في مجتمعات قريبة من المطارات”.

يتابع: “يجب أن تنفذ شركات الطيران وإدارات المطارات إجراءات كثيرة للحدّ من تلوّث الهواء، بدءاً من اعتماد تكنولوجيا محركات الاحتراق الخالية من الدهون، وتقليل الطاقة الأرضية الكهربائية، والوقود العطري الذي يخفّض انبعاثات جسيمات الكربون في شكل كبير، علماً أنه يمكن إنتاج كيروسين نظيف باستخدام عملية تكرير تسمى المعالجة المائية التي تلحظ إضافة الهيدروجين إلى منتجات التكرير عند درجة حرارة وضغط محددين لتعديل تركيبتها. وهذه العملية تستخدم في إنتاج وقود الديزل على الطرقات، لكن قطاع الطيران يتجاهلها رغم أنها حل بسيط نسبياً للمشكلات الحالية”.

ويعتبر الوقود المستدام المصنوع من مجموعة مواد أولية متجددة، بينها زيوت الطهي المستعملة وبقايا الطعام والنفايات الصلبة، بديلاً أساسياً لخفض الانبعاثات الناتجة عن الطائرات، ويمكن أن يحلّ بدلاً من وقود الطائرات التقليدي (الكيروسين) من دون تغيير المحركات أو البنية التحتية أو مرافق التخزين الحالية.

وحاولت شركة “يونايتد” الأميركية الاعتماد على الوقود المستدام، لكنها لم تنتج أكثر من مليون غالون بسبب ارتفاع التكلفة، في حين تستخدم 4 مليارات غالون على الأقل من الوقود التقليدي سنوياً.

ويؤكد آشر أن مجموعة “الهبوط الآمن” تعمل حالياً مع النقابات العمالية المرتبطة بقطاع الطيران، لممارسة ضغوط إضافية في هذه المسألة.

من جهته، يقول بول موروزو، أحد نشطاء النقل في منظمة “غرينبيس” بالمملكة المتحدة، لـ”العربي الجديد”: “وعدت صناعة الطيران بحلول تقنية لأعمالها الملوّثة للبيئة منذ عقود، لكنها لم تحقق إلا نتائج قليلة. وتتمثل الطريقة الأكثر فعالية لخفض الانبعاثات وتلوّث الهواء الناجم عن الطيران، في تقليل عدد الرحلات الجوية، وهو ما يمكن أن تفعله الحكومات عبر فرض ضريبة على المسافرين الدائمين، وهم من أقلية الأشخاص الأثرياء جداً، فحظر الطائرات الخاصة والرحلات الجوية القصيرة يشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح، أما البديل الجيد فيتمثل في القطارات”.

ويشير موروزو إلى أنّ “بدائل الطيران تحتاج إلى أن تكون ميسورة التكلفة أيضاً، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا من خلال الإجراءات الحكومية لتحقيق تكافؤ في الفرص الضريبية والتنظيمية، والتوقف عن منح شركات الطيران تراخيص مجانية للتلوّث، عبر عدم فرض ضرائب على الكيروسين. ومن أجل المناخ والصحة العامة نحتاج إلى إخراج الناس من الطائرات وحثّهم على ركوب القطارات”.

في السياق، تقول هنا لورنس، من مكتب إعلام شبكة “أبق على الأرض” التي تعمل لتقليل الحركة الجوية وبناء نظام نقل يراعي المناخ لـ”العربي الجديد”: “الطيران أسرع وسيلة لتلويث كوكب الأرض، والحاجة ملحة حالياً لحظر الطائرات الخاصة، وتحسين الاستثمار في وسائل النقل الأرضية مثل خدمات السكك الحديدية. نحتاج إلى رؤية انخفاض عاجل في عدد الرحلات الجوية اليومية، ووقف تشييد مطارات جديدة، وتنفيذ توسيعات في تلك الموجودة. ويمكن للمقيمين قرب المطارات والمنظمات الصحية وحركات المناخ والعمال بناء تحالفات قوية لتحقيق خفض عادل للطيران ومستقبل أكثر صحة للجميع”.

وتختم هنا بالقول: “أحد التحولات المهمة التي يمكن أن ينفذها الناس هو السفر كما لو كان هناك غد. فركوب القطار بدلاً من الطائرة يسمح بالبدء في الاستمتاع بالرحلة”.

أما آنا كالدير، من المكتب الإعلامي لإدارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في بريطانيا (ديفرا)، فتقول لـ”العربي الجديد” إنّ “القضية تتعلّق بوزارة النقل التي يجب أن تتأكد من أن فعالية الإجراءات المطبقة لتقليل انبعاثات أكاسيد النيتروجين وجسيمات بي إم 2.5 حيث يمكن ذلك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى