السيد الدمرداش يكتب: تأجير الكراسي في غرب الدلتا

تواجه التجربة السياحية في مصر تحديات كبيرة تؤثر بالسلب علي جهود حقيقية تبذلها الحكومة لتنمية هذا القطاع الحيوي منها وسائل النقل العام التابعة لشركات الحكومة نفسها مثل شركة أتوبيس غرب ووسط الدلتا.
وسأحكي في هذا المقال عن تجربة سفر في أتوبيس تابع لهذة الشركة الوطنية والتي من المفترض أن تكون نموذج قدوة في ظل الجهود المبذولة من أجل تحقيق التنمية المستدامة والمتكاملة في كل المدن السياحية.
قررت السفر إلى واحة سيوه إحدى أعظم المقاصد السياحية البيئية في العالم، بصحبة زملاء لي من كبار الصحفيين في مصر بحثاً عن الهدوء ورغبة في التجديد والتغيير بدعوة من صديقي المهندس بشري الجرجاوي مالك ” جزيرة ضغاغين ” وهي مشهورة في سيوه ومقصد سياحي عظيم لعشاق السياحة البيئية.
قررنا السفر علي إحدى اتوبيسات النقل العام تشجيعاً وتحفيزاً للقطاع العام، وفي تصوري أن القرار بدافع وطني متحيز للقطاع العام والشعب، حجزنا قبلها بثلاث ايام وذهبنا في موعد قيام الرحلة علي متن أتوبيس الشركة الوطنية وبدأت ملامح التجربة مبكراً باستقبال من طاقم الشركة بتكشيره ، تقطع الخميرة من البيت، أي أن الموظفين غير مؤهلين لاستقبال الركاب بشكل يتسق وطبيعة المقصد السياحي، بالاضافة إلي حجز عدد من المقاعد الامامية وهذا يمثل خسارة للشركة بشكل عام ولكنه يمثل مكسباً كبيراً للسائق حيث يتم الاتفاق مع بعض الركاب الذين يجلسون في الخلف ويبحثون عن مخرج للهروب من الرائحة الكريهة المنتشرة في جنبات الاتوبيس الذي يقل مصريين وأجانب قرروا قضاء اجازة في سيوه، من كل جنسيات العالم، بعد تحرك الاتوبيس تبدأ عملية ترحيل لعدد من الكراسي الخلفية الي الأمام وسط استياء وسخرية من بعض الركاب.
أحدثكم عن رائحة الأتوبيس الكريهه والنافرة، من وجهة نظر صديقي الكاتب الصحفي ابو السعود محمد كما يصفها، علي حسب قوله انها كفيلة بتوقف السفر إلى سيوه،وانطلقت الرحلة من عبد المنعم رياض الي سيوة في جو يدعو للتشاؤم حتي وصلنا اول طريق اسكندرية الصحراوي وتوقف لمدة لا تقل عن نصف ساعة للسؤال عن التذاكر، علي نفس الطريقة القديمة في عصر الحجز الإلكتروني.
وهنا بدأت أعراض التذمر تظهر علي بعض الأجانب علي متن الأتوبيس ، وبعد ما انهي المفتش العام عملية التفتيش غير المبررة وقف السائق يحكي مع بعض موظفين الشركة عن مشاكله الاجتماعية والاسرية، وتحرك عابثاً دون الاعتذار علي هذا العبث غير آبه بمشاعر الركاب وبعد ١٠٠ كيلو قرر بدون سابق إنذار التوقف في أحدى الكافتيريات علي الطريق مطالباً الركاب بالنزول للاستراحة وهنا شعرت أن السائق قام بتسليمنا الي عمال الكافتيريا وبعد عشر دقائق قرر إنهاء الاستراحة والتحرك وبدون سابق إنذار حتى انتابني احساس بأننا أصبحنا رهينة لهذا السائق، حينها نظر لي صديقي المصور الصحفي عبد الرحمن محمد مدير وحدة التصوير بتلفزيون بوابة أخبار السياحة، قائلا: ” نحن كمصريين ندرك هذة الثقافة، فهل الأجانب يدركون ذلك ..؟”، وتابع قائلاً: “من يستطيع النهوض بوعي هؤلاء الذين ينقلون الأجانب الي المدن السياحية .. ؟، لم استطيع الرد ولكني تذكرت نص تصريحات الوزير أحمد عيسى وزير السياحة عقب لقاؤه بالدكتور مصطفى مدبولي رئيس وزراء مصر وهو يتحدث عن الإنجازات العظيمة لوزارة السياحة في تحفيز الاستثمار السياحي وتنمية حركة السياحة الوافدة الي مصر.
والسؤال .. كيف نعمل علي جذب السياحة ونحن نواجه تحديات في بناء الوعي لدي شريحة هامة جدا تتعامل مع السائح بشكل غير مباشر وتسيء لصورة مصر في الداخل ..؟ ومن المسؤل عن ذلك ..؟ وهل عمرو القاضي رئيس هيئة تنشيط السياحة يدرك هذه التحديات وأن كان يدركها فلماذا لا يؤمن برعاية برامج التوعية مادياً ويقوم برعاية مهرجانات وفعاليات فنيه مادياً ؟ هل هذه ثقافة موظف كبير يدير شؤون تنشيط السياحة المصرية في الداخل والخارج ؟.
وجدت نفسي أمام تناقضات كثيرة في مجتمعنا رغم تصريحات السادة مستشاري الوزير مثل الدكتورة سها بهجت حول رعاية كل مشروعات التوعية في مصر لتحسين التجربة السياحية، في الواقع نحن نعيش في عبث ازدواجية المعايير والمفاهيم وفي تصوري أن السياحة المصرية تحتاج إلي رؤية واضحة المعالم لتحسين وتصحيح الأوضاع التي تحد من تحسين التجربة السياحية.. للرحلة بقية في مقالات قادمة حول السفر إلى سيوة.