الشارقة في 4 يونيو / وام / تحرص إمارة الشارقة على ترسيخ الاستدامة بالقطاع السياحي ، حيث لم تعد وجهاتها السياحية مقتصرة على الترفيه والضيافة فقط بل أصبحت نموذجاً للوجهات التي تتبنى أنماط عمرانية تراعي الترشيد والاستخدام الذكي للموارد وفرصة لاكتشاف قوة السياحة في حماية الحياة البرية وتوسيع الغطاء النباتي واستحداث خيارات مبتكرة تحافظ على التنوع البيولوجي وتستثمر في التنوع الطبيعي وتتناسب مع توجهات نسبة كبيرة من السياح في العالم.
وتسعى الإمارة لاحتلال موقع الصدارة بين الوجهات الرائدة على خارطة السياحة في المنطقة فقد نجحت في استقطاب ما يزيد على 1.4 مليون سائح عام 2022 مستفيدة من تنوع بيئاتها الحضرية والساحلية والجبلية والصحراوية ،مقدمة تجربة فريدة في خيارات السياحة البيئية أمام السياح والزوار من مختلف أنحاء العالم حيث تمتلك الإمارة الحصة الأكبر من المحميات الطبيعية في دولة الإمارات بدءاً بالشواطئ والسبخات وصولاً إلى غابات الأكاسيا وبساتين النخيل ومحميات أشجار القرم.
وتأكيداً لهذا التوجه قال سعادة خالد جاسم المدفع رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة في تصريح بمناسبة بمناسبة اليوم العالمي للبيئة ، إن الاستدامة ليست مجرد جهود وممارسات يومية آلية بل ثقافة وفكرٌ نؤمن في الشارقة بأهمية تأصيله للأجيال القادمة ليستمر كنهجٍ وسلوك واعٍ فالالتزام بالممارسات المستدامة خاصة في القطاع السياحي يعزز العلاقة التكافلية بين الإنسان والطبيعة لأن تحقيق الأهداف التنموية لا يجب أن يتعارض بأي صورة مع حماية البيئة واستدامتها.
و ظهرت نتائج هذا التوجه بعدد من الوجهات السياحية المستدامة في الشارقة فخلال الأعوام السابقة شكّل "نُزل القمر من مسك" في "منطقة مليحة" وجهة التخييم التي تلبي معايير الفخامة في أحضان الطبيعة لهواة وعشاق السياحة البيئية إلى جانب قربه من مواقع تاريخية تعود لفترة ما قبل الإسلام والعصر البرونزي كما بات "نُزل الرفراف من مسك" في مدينة كلباء الذي يقع بين 500 هكتار من أشجار القرم في "محمية أشجار القرم" مقصداً لمحبي الحياة البرية لما تمتلكه من تنوع يشمل الطيور المائية وأنواع مختلفة من السلاحف.
وسجلت الإمارة باستحداثها مشروع "سفاري الشارقة" امتلاكها أكبر سفاري في العالم خارج القارة الأفريقية مقدمة فرصة نادرة للاطلاع على طبيعة الحياة البرية بـ12 بيئة مختلفة تحتضن أكثر من 120 نوع من الحيوانات البرية يصل عدد حيواناتها إلى 50 ألف رأس بالإضافة إلى تنوع الغطاء النباتي في السفاري الذي يحتوي على 100 ألف شجر، تتيح تجربة التجوال في سهول السافانا دون مغادرة الشارقة.
و من أبرز المواقع التي شكلت إضافة نوعية لوجهات السياحة البيئة في المنطقة "متنزه الصحراء" الذي يكشف الأسرار الجيولوجية والنباتية في بادية الجزيرة العربية في مسافة غير بعيدة من مدينة الشارقة على طول طريق الذيد السريع ، فيما تعد "محمية واسط الطبيعية" بيئة متنوعة تجمع الكثبان الرملية الساحلية والمسطحات الملحية والبرك والبحيرات و يقدم "مركز الحفية لصون البيئة الجبلية" و"وادي الحلو " مناطق واسعة من المناظر الطبيعية تمزج المعالم المعمارية التاريخية ببيئات الحيوانات البرية.
و وضعت السياحة في الشارقة صورة حيّة لرؤية متكاملة تتبناها الإمارة منذ عقود تجاه الخيارات المستدامة والصديقة للبيئة في مشروعها الحضاري فجاءت وجهات السياحة البيئية فيها امتداداً لطابع المدينة العمراني والسكني فهي الإمارة التي قدمت للمنطقة العربية نموذج "مدينة الشارقة المستدامة" التي تعد أول مجمع سكاني مستدام في الشارقة يضم 1250 فيلا تعمل بالطاقة المتجددة قامت على تطويره هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" ودايموند ديفلوبرز على مساحة 7.2 مليون قدم مربع في منطقة الرحمانية في الشارقة بهدف تقديم نمط حياة متوافق مع متطلبات المستقبل يعتمد على مصادر طاقة بصافي انبعاثات صفرية.
جدير بالذكر ان الاحصاءات العالمية ان السياحة تعتبر واحدة من القطاعات التي يمكن أن يشكل الاستثمار فيها لاعباً أساسياً في الحفاظ على البيئة حيث تشير الأرقام وفقاً لموقع " The World Counts " إلى أن السياح منذ مطلع هذا العام فقط خلفوا أكثر من 885 مليون طن من النفايات واستهلكوا أكثر من 1.7 مليار لتر من المياه العذبة ، فيما تشير التوقعات إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 25٪ مع حلول عام 2030 نتيجة للأنشطة السياحية. من هنا تتجه الحكومات حول العالم لتبني الخيارات السياحيّة الصديقة للبيئة وتفعيل سياسات الاستدامة في القطاع السياحي لإيقاف آثاره السلبية عبر ترسيخ نمط حياة أخضر وتطوير تقنيات إدارة النفايات وتقليل الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية والتوسع في إقامة المحميات الطبيعية لحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
أختارت الجمعية العامة بمنظمة السياحة العالمية دولة الإمارات ممثلة بوزير الاقتصاد عبد الله بن طوق المري لمنصب نائب الرئيس عن منطقة الشرق الأوسط خلال الدورة 25 لاجتماع الجمعية العامة للمنظمة المزمع عقده في مدينة سمرقند بأوزبكستان أكتوبر المقبل.
جاء ذلك خلال مشاركة وفد الإمارات في الاجتماع الـ 49 للجنة الإقليمية لمنظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط، الذي عقد في منطقة البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية خلال انطلق في 7 يونيو الجاري واختتم أمس برئاسة عبدالله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد، الذي أكد أن الإمارات أولت اهتماماً كبيراً بتطوير منظومة متكاملة للقطاع السياحي وفق أفضل الممارسات العالمية، باعتباره محركاً رئيساً لدعم نمو الاقتصاد الوطني وتنافسيته، وذلك من خلال إطلاق الدولة للمبادرات والحملات والسياسات الوطنية في مختلف القطاعات والأنشطة السياحية، والتي أسهمت في دعم التنمية السياحية المستدامة في الدولة، وترسيخ ريادتها على خريطة السياحة والسفر العالمية.
بيانات إيجابية
وقال عبدالله آل صالح في كلمته التي ألقاها خلال الاجتماع: «حقق القطاع السياحي لدولة الإمارات نتائج ومؤشرات نمو إيجابية طبقاً لبيانات مجلس السياحة والسفر العالمي، إذ ارتفعت مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد الوطني بنسبة 60.2 % خلال عام 2022 لتصل إلى قرابة 167 مليار درهم أي ما يقارب من 9 % من إجمالي الناتج المحلي بالدولة، ومن المتوقع أن تصل مساهمته بنهاية عام 2023 بنحو 180.6 مليار درهم بنمو 8.3 % عن عام 2022، ووصل إنفاق الزوار الدوليين في الدولة خلال عام 2022 إلى 117.6 مليار درهم بنسبة زيادة 65.3 % عن 2021، في حين قفز إنفاق السياحة المحلية ليصل إلى 46.9 مليار درهم في 2022 بنسبة نمو 35.7 % مقارنة بالعام 2021، كما وصل عدد المسافرين عبر مطارات الدولة إلى 31.8 مليون مسافر خلال الربع الأول من العام الجاري بنسبة نمو 56.3 % مقارنةً بـ 20.3 مليون مسافر خلال الربع الأول من عام 2022، وبزيادة تعادل أكثر من 11.48 مليون مسافر».
وأضاف: «تعكس هذه المؤشرات الريادية مدى الثقة المتزايدة بقطاع السياحة الوطنية والسمعة الرائدة التي حققتها بيئة السياحة في الدولة، سواء على مستوى السياحة الداخلية أو من قبل السياح والزوار الدوليين، كما تؤكد كفاءة السياسات السياحية المستدامة التي تتبناها الدولة».
وأشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031 ستصب في دعم نمو القطاع السياحي وتعزيزه بصورة مستمرة، وقوة المنتج السياحي الوطني وما تمتلكه الدولة من خدمات رائدة ومقاصد سياحية جاذبة وبنية تحتية سياحية متطورة، حيث تهدف الاستراتيجية إلى رفع مكانة الإمارات كأفضل هوية سياحية حول العالم، وترسيخ مكانتها وجهة سياحية رائدة، مبنية على التنوع السياحي عبر الاستفادة من المميزات والخصائص الفريدة لإمارات الدولة السبع، وزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج الإجمالي إلى 450 مليار درهم بحلول 2031، وجذب استثمارات سياحية للدولة بقيمة 100 مليار درهم، واستقطاب 40 مليون نزيل فندقي.
محطة مهمة
وقال: «يمثل اجتماع اللجنة محطة مهمة لدعم مسيرة التنمية السياحية المستدامة في كافة دول المنطقة، وخلق فرص جديدة لنمو مختلف القطاعات السياحية خلال المرحلة المقبلة، من خلال تعزيز العمل السياحي المشترك».
مشيراً إلى حرص دولة الإمارات على مواصلة دعمها لجهود منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط في تفعيل الخطط والاستراتيجيات لانتعاش القطاع السياحي بدول المنطقة، وتحقيق الاستدامة لهذا القطاع الحيوي.
ووجّه الدعوة إلى دول منطقة الشرق الأوسط للحضور والمشاركة الفعالة في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28»، والذي تستضيفه الإمارات من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023. كما شاركت الإمارات على هامش الاجتماع في فعاليات مؤتمر «السياحة العلاجية والاستشفائية».