3 اتهامات تطارد وكالات التصنيف الائتماني
محمد علي
تعيد وكالات التصنيف الائتماني الكبرى “ستاندر آندبورز” و”موديز” و”فيتش” الجدل حولها استمرار، فرغم دورها المحوري للمستثمرين في حسم قراراتهم وتفضيل أسواق عن أخرى، إلا أن فشلها في توقع الأزمات وتقييماتها المنحازة التي تكسوها صبغة سياسية، تظل تهمة تطارها مع كل أزمة عالمية.
ستاندرد آند بورز.. أكبر مؤسسات التصنيف الائتماني
مؤسسة “ستاندر آندبورز”، تعتبر إحدى أكبر ثلاث مؤسسات بمجال التصنيف الائتمانى بالعالم بعد “موديز” و”فيتش” وتم تأسيسها بغرض تقديم الخدمات المالية وهي إحدى شركات “مكجروهيل” المتخصصة فى نشر البحوث والتحليلات المالية على الأسهم والسندات ومقرها بالولايات المتحدة الأمريكية.
يعود تاريخ إنشاء تلك الشركة لعام 1860 مع إصدار هنرى “فارنم بور” كتابا عن تاريخ السكك الحديدية بأمريكا بغرض جمع معلومات كاملة عن الوضع المالى والتشغيلى لشركات السكك الحديدية وبعدها قام هنرى مع ابنه ويليام بتأسيس شركة H.V and H.W. poor.co.، بينما قام لوثرلى بليك بتأسيس مكتب الإحصاء القياسى بهدف توفير المعلومات المالية عن شركات أخرى بخلاف العاملة فى قطاع السكك الحديدية، وفى عام 1941 تم الاندماج بين شركتى “بور وستاندر ستاتيستك” ليصبح الاندماج تحت مسمى “ستاندر آند بورز”، لتستحوذ مجموعة شركات ماكفروهيل عليها فى عام 1966.
وكالات التصنيف تهيمن على 80% من إصدارات الدين
وتسيطر “ستاندر آندبورز” و”موديز” على تصنيف أكثر من 80% من إصدارات الدين حول العالم سواء للشركات أو البنوك وبإضافة “فيتش” والتى تعتبر أقل منهما سمعة تصبح للوكالات الثلاث نسبة تتراوح بين 90% و95% من سوق إصدارات الديون بالعالم، ويعود ذلك لقرار صدر فى عام 1975 اعتبر فيه المشرعون الأمريكيون “موديز” و”ستاندر آندبورز” و”فيتش” الوكالات الوحيدة التى على المصارف وأسواق المال اعتمادها فى تقييم القوة الائتمانية لأى جهة.
تصنيفات متشابهة
لدى مؤسسات التصنيف الائتمانى مستويات متشابهة للتقييم فيعتبر التصنيف Aaa من قبل موديز و”AAA” من قبل ستاندر آندبورز و”فيتش” أعلى تصنيف يمكن الحصول عليه ويتبعه “Aa “أو”AA” ثم “A” ثم Baa لموديز أو BBB للمؤسسات الأخرى وقد تضاف (-) أو (+) إلى التصنيف للتمييز فيما بين التصنيفات حيث مثلاً التصنيف A+ أعلى من A, A أعلى من A-، أما التصنيفات “Ba” أو “BB” يليها “B” ثم “CCC” أو “Caa” ثم “CC” أو “Ca” ثم “”C فهى تصنيفات تتسم بالمخاطر ويشير التصنيف D”” وهو اختصار لـ Default إلى التخلف عن سداد الالتزامات المالية
وكالات التصنيف الائتمانية لا تمتلك الحقيقة المطلقة
قالت دراسة مصرفية، أعدها الخبير المصرفي أحمد آدم، وحصلت بوابة الأهرام على نسخة منها، إن هذه الشركات نشأت لتقديم تقييم غير منحاز للمستثمرين من أجل القيام باستثماراتهم وبالمقابل يقدم المستثمرون مقابلاً لخدمة التقييم التى قامت بها تلك الشركات، ومن أبرز عناصر مؤسسات التصنيف هى قياس الاحتمالات المتعلقة بوجود عجز فى الوفاء بالالتزامات أو عجز عن تحصيل الديون من الغير على المدى القصير والطويل.
وأضافت الدراسة رغم أن رأى مؤسسات التصنيف ليس حقيقة مطلقة إنما يرجع لتاريخية نشأتها والتي جعلت رأيها أداة مساندة مهمة لأى رأى فعال فى اتخاذ القرارات الاستثمارية، حتى أن توماس فريدمان قال منذ أكثر من ثلاثة عقود:” إذا كانت أمريكا تستطيع أن تدمر أى دولة بقوتها العسكرية فإن “موديز” تستطيع تدمير أى دولة من خلال تصنيف سنداتها ومنعها من الاقتراض من أسواق المال العالمية”.
انزعاج أوروبي من الهيمنة الأمريكية على وكالات التصنيف
تقع المقار الأساسية لتلك الوكالات في أمريكا التي تحظى برعايتها لها بأفضل تصنيف ائتماني بشكل مستمر، كما فشلت في توقع أزمة الاقتصاد الامريكى عام 2008، وكانت تلك الوكالات تصدر تصنيفها للسندات المضمونة بالرهن العقاري بجدارة ائتمانية عالية، حتى في ظل حالة الركود التي سبقت الأزمة في 2006.
حتى على المستوى الداخلي في أمريكا يوجد اتهام لتلك الوكالات بممارسة السياسية، فحسب دراسة لكلية إدارة الأعمال بجامعة شيكاغو شملت الانتماءات الحزبية لـ 449 محللاً من وكالات التصنيف الائتماني الثلاث الكبرى صنفوا 1،778 شركة أمريكية من عام 2000 إلى عام 2015.
وعند خفض التصنيف الائتماني لشركة ما ، عدل المحللون الذين تم تحديدهم على أنهم ديمقراطيون بدرجة أقل قليلاً عندما كان الرئيس جمهوريًا، وكان العكس صحيحًا أيضًا مع تزايد تشاؤم المحللين الجمهوريين عندما كان الرئيس ديمقراطيًا ، وفقًا لكيمبف وتسوتسورا.
وكان متوسط خفض التصنيف خلال تلك الفترة 0.16 درجة لكن ذلك الرقم يزيد بنسبة 9% عندما كانت التقييمات تأتي من محلل تختلف ميوله السياسية عن ميول الرئيس الأمريكي سواء جمهوري أم ديمقراطي
في دراسة أخرى، لفريق في جامعة سوسيكس البريطانية تبين أن الشركات المتشابهة سياسيًا تميل إلى زيادة نسبة التبرعات إلى الطرف المفضل لديها بعد تصنيفات ائتمانية مواتية. ومن المثير للاهتمام أن هذه النتيجة محصورة في الشركات ذات الميول الجمهورية، وتشير النتائج إلى أن التصنيفات الائتمانية المتحيزة تستخدم كقناة غير مباشرة لدعم الأحزاب السياسية، وأكدت فرضية التصنيفات الائتمانية ذات الدوافع السياسية.
أخطاء منهجية.. دراسة الواقع وليس التنبؤ
تؤكد الدراسات أن وكالات التصنيف تتبع الدورات الاقتصادية من أجل إعطاء درجات التصنيف الائتماني) أي أنها ترفعه وقت الازدهار بينما تخفضه وقت الركود نظرا لأنها تعتمد بشكل رئيسي على المعلومات العامة المتاحة في السوق والمفترض أن تعمل على حالات تدهور وضعف الأداء الاقتصادي للدول المصنفة قبل حدوث الأزمة.
بحسب دراسة للدكتور عادل عبدالعظيم نشرتها مجلة الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، يوجد تضارب مصالح في تقديم وكالات التصنيف الائتماني تقييما مستقلاً وحاجتها إلى أرباح تجارية، حيث تصنف تلك الوكالات على أنها شركات هادفة للربح وتهيمن على ايراداتها رسوم إصدار التصنيف التي يتحملها الجهة المصدرة.
أضاف أن ذلك فرض الحاجة للحفاظ على تجارية علاقة جيدة مع الجهات المصدرة لأدوات الدين وهو ما يمثل حافزًا قويًا وراء امكانية تساهل الوكالات في تقييم تلك الجهات، كما أن تقديم تلك الوكالات لخدمات المشورة أدى إلى تفاقم هذه المشكلة. ورضوخا للضغوط الهادفة للربح، لجأت الوكالات عملياتها لتبسيط وتخفيض تكلفة العمالة مما أثر بالسلب على دقة التحليل.
أزمة الغرامات
وتعرضت وكالات التصنيف الائتماني للعديد من الغرامات والعقوبات بسبب أخطاء منهجية من بينها غرامة قدرها 1.4 مليار دولار على وكالة ستاندرد آند بورز عام 2015، بسبب تصنيفاتها الخاطئة لأوراق مالية مرتبطة بالرهن العقاري خلال الأزمة المالية العالمية.
كما تعرضت وكالة فيتش لغرامة قدرها 125 مليون دولار على عام 2021، بسبب تقديمها تصنيفات مضللة لمؤسسات صينية، بجانب غرامة قدرها 16.25 مليون يورو على وكالة موديز عام 2016، بسبب تأخرها في إعلان تغيير في تصنيف الديون السيادية اليونانية.
وتم أيضاً فرض غرامة قدرها 3 ملايين دولار على وكالة فيتش عام 2012 من قبل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، بسبب عدم تقديم الوكالة تصنيفات موضوعية لأوراق مالية مرتبطة بالرهن العقاري.