تقارير وحوارات

علاقات مصر والمجر .. ارتباط وثيق على مدار التاريخ

على عيسى

أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والمجر لأول مرة في عام 1928، وتعد مصر الدولة العربية الأولى التى افتتحت فيها المجر بعثة دبلوماسية عام 1939، ورغم أن المجر ومنذ انضمامها للاتحاد الأوروبى تتبنى مواقف الاتحاد الأوروبى خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أنها تحرص بشكل عام على اتخاذ مواقف متوازنة وتأييد رؤية مصر إزاء قضايا السلام في الشرق الأوسط وخطورة سياسة الاستيطان الإسرائيلية وضرورة وقفها فورًا وفقًا لاتفاق أنابوليس، كما تدعو لوجود مراقبين دوليين لمراقبة وقف الاستيطان على أرضية الواقع.

وتعكس تصريحات كبار القادة والمسئولين في المجر تقديرهم البالغ لدور مصر في تحقيق السلام والاستقرار في منطقتها ودورها كقوة اعتدال رائدة في محيطها العربى والإسلامى والأفريقى والمتوسطى، فضلا عن دورها النشط على الساحة الدولية.

يشيد المسئولون المجريون بدور مصر المتميز في إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط، وفي الوقت نفسه، فإن حرص مصر والمجر على استمرار التشاور بينهما دفعهما لإنشاء آلية دورية للمشاورات السياسية والإستراتيجية بين وزارتى الخارجية في البلدين وهى المشاورات التى تجرى على مستوى مساعدى الوزير، كما يلاحظ أن المجر تؤيد المرشحين المصريين في المحافل الدولية بشكل عام.

الزيارات المتبادلة:
شهدت الفترة الأخيرة تبادلا للزيارات من جانب العديد من الوزراء وكبار المسئولين في البلدين فضلا عن عقد اللجنة المشتركة المصرية المجرية بمصر في نوفمبر 2009، فقد قام الرئيس المجرى في إطار حرص بلاده على تعميق العلاقات مع مصر بزيارة للقاهرة في ديسمبر 2006.

وفى يوليو 2017، وصل الرئيس السيسى إلى العاصمة المجرية بودابست، والتقى قادة الدول الأعضاء في مجموعة ڤيشجراد فى قمة 2017، وكان في استقباله وزير الدفاع المجري، وفي اليوم التالي، عقد الرئيس السيسي اجتماعاً مع ورئيس الوزراء المجري ڤيكتور أوربان لبحث سبل التعاون بين البلدين، كما استقبل رئيس جمهورية المجر يانوش كادار الرئيس السيسي بقصر الرئاسة المجري، وجاءت زيارة الرئيس السيسي المجر في إطار مشاركته في قمة مجموعة ڤيشجراد 2017.

فى 6 يونيه 2015 زار الرئيس عبد الفتاح السيسى، المجر، والتقى خلالها مــع رئيس وزراء المجـــر فيكتور أوربان، تبادل الجانبان الرؤى بشأن العلاقات المصرية المجرية والموضوعات الدولية ذات الاهتمام المشترك. منحت الجامعة الوطنية للخدمة العامة بالمجر الدكتوراه الفخرية للرئيس عبد الفتاح السيسى.

وزار يانوش أدير رئيس المجر فى 27 نوفمبر 2019 مصر، واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى، وبحث الجانبان سبل دعم العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون الاقتصادى وزيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين، بالاضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

كما تباحث الرئيسان حول آفاق تعظيم التعاون بين البلدين فى مجال تكنولوجيا تحلية المياه وتعظيم الاستفادة من مواردها، وكذلك التعاون فى مجال الزراعة والرى، بالإضافة إلى التعاون فى مجال الطاقة بمختلف أنواعها، وذلك فى ضوء حرص البلدين على تنويع وتأمين مصادرهما من الطاقة. كما شهدت المباحثات استعراض عدد من الملفات الإقليمية، إذ أكد الرئيسان أهمية تضافر الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لمختلف الأزمات بالمنطقة بما يحفظ كيان الدولة الوطنية بالمقام الأول.

العلاقات الثنائية:
تتميز العلاقات الثنائية بين مصر والمجر، بالارتباط الوثيق على مدار التاريخ، وتعود إلى العصور القديمة حيث إن المنطقة الأثرية بانونيا بوسط حوض الكاربات فى المجر، تم العثور فيها على عدد من الآثار الفرعونية القديمة مما يدل على وجود صلات بين المنطقتين.

العلاقات الدبلوماسية:

بدأت العلاقات الدبلوماسية رسميا بين مصر والمجر بعد انفصالها عن امبراطورية النمسا والمجر عام 1928، وتعد مصر أول دولة عربية تفتح فيها المجر بعثة دبلوماسية عام 1939، وتم إيفاد سفير مصرى للمجر عام 1948.

كما وثقت مصر علاقاتها مع المعسكر الشرقى وتبنت سياسات اشتراكية بعد ثورة 1952، وأدى ذلك إلى تنامى العلاقات المصرية المجرية بشكل كبير، فضلا عن زيادة حجم التبادل التجارى، إذ استوردت مصر من المجر الميكنة الحديثة والميكنة الزراعية، وإبان الحقبة الشيوعية توافد الطلاب المصريون على الجامعات المجرية لدراسة العلوم والرياضيات والهندسة والطب والزراعة، فقد تخرج من الجامعات المجرية نحو 600 طالب منهم عدد من كبار الأساتذة الجامعيين المصريين الذين تقلدوا مناصب رفيعة فى المجر وكرمتهم الدولة المجرية بأرفع الأوسمة.

وتم إنشاء أول جمعية صداقة برلمانية مصرية مجرية بالبرلمان المجرى فى يوليو 2010 وبدأ تسيير 7 رحلات لمصر للطيران أسبوعيا اعتبارا من أول يوليو 2010، وصل عدد السائحين المجريين إلى مصر اكثر من 65 ألف سائح سنويا.

تؤمن المجر العضو فى الاتحاد الأوروبى، أن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط، منطقة الجوار المباشر لأوروبا، وأعلنت دعمها الكامل لحصول مصر على مقعد فى مجلس الأمن الدولى، كما أيدت القاهرة ترشح المجر لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف عامى 2016 – 2017.

يرتبط البلدان مصر والمجر بعلاقات تعاون متميزة على مختلف المستويات مع العلم بأن المجر من أوائل الدول التى أيدت ثورة الثلاثين من يونيو وما طرحه الشعب المصرى من مطالب آنذاك، ففى 13 يونيو 2014 هنأ رئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان الرئيس عبد الفتاح السيسى بفوزه فى الانتخابات الرئاسية، مؤكدا أن المجر تعتبر مصر شريكا استراتيجيا فى إطار سياسة المجر الخاصة بالانفتاح نحو الشرق، ووجه أوربان دعوة رسمية الى الرئيس السيسى لزيارة المجر، قال فيها: “نأمل فى أن تستمر العلاقات الممتازة بين البلدين وأن تتطور بشكل كبير فى المستقبل، ولذا أدعو سيادتكم الى زيارة رسمية لبودابست”.

وكانت المجر من أولى الدول الداعمة لمصر فى الحرب ضد الارهاب، ونظرت بودابست إلى الحرب التى يخوضها الجيش والشرطة فى مختلف أنحاء مصر على أنها دفاع أيضا عن أمن المجر لآن خطر الإرهاب يهدد الجميع. وتؤمن المجر بأن استقرار مصر هو افضل ضمان لاستقرار الشرق الاوسط، منطقة الجوار المباشر لاوروبا، واعلنت دعمها الكامل لحصول مصر على مقعد فى مجلس الامن الدولى، وفى المقابل ايدت القاهرة ترشح المجر لعضوية مجلس حقوق الانسان بجنيف لعامى 2016- 2017.

وتعكس المواقف المجرية فى المحافل الإقليمية والدولية تفهما كبيرا لتطورات الأوضاع فى مصر والتحديات التى تواجهها، وقد شهدت العلاقات السياسية بين البلدين طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية، وذلك فى ضوء الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات التى تمثلت أبرزها فى زيارتى الرئيس عبد الفتاح السيسى للمجر فى عامى 2015، 2017، وزيارة يانوش أدير رئيس المجر لمصر فى نوفمبر 2019، وزيارة رئيس وزراء المجر لمصر فى 2016، وزيارة وزير الخارجية المصرى للمجر فى 2016، فضلا عن زيارتى وزير الخارجية والتجارة المجرى للقاهرة فى نوفمبر 2015، وأغسطس 2016، وذلك إلى جانب اللقاءات الأخرى التى جمعت بين مسؤولى البلدين فى المحافل المختلفة، والتى أسهمت جميعها فى الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

ويشيد المسؤولون المجريون بدور مصر المتميز فى إطلاق الاتحاد من أجل المتوسط، وحرص مصر والمجر على استمرار التشاور بينهما الامر الذى دفعهما لإنشاء آلية دورية للمشاورات السياسية والإستراتيجية بين وزارتى الخارجية فى البلدين وهى المشاورات التى تجرى على مستوى مساعدى الوزير، كما يلاحظ أن المجر تؤيد المرشحين المصريين فى المحافل الدولية بشكل عام.

أهم الصادرات المصرية للمجر:

القطن والخضراوات والفاكهة والأسمنت والأسمدة والسجاد والبذور والسيراميك والبلاستيك، إذ وصل حجم الصادرات المصرية إلى المجر خلال عام 2018 نحو 141 مليون دولار، ليسجل حجم التبادل التجارى بين مصر والمجر نحو 274 مليون دولار، ليحقق الميزان التجارى فائضا بلغ 20.3 مليون دولار.

أهم الواردات المصرية من المجر:

المعدات والأجهزة والمولدات الكهربائية وعربات قطارات السكك الحديدية والزجاج والألومنيوم والكيماويات العضوية والمطاط والوقود، وتم فتح قنوات اتصال بين الهيئة العامة للاستثمار ونظيرتها المجرية بهدف تبادل المعلومات والزيارات الفنية مما يساعد على تيسير حركة الاستثمار المتبادلة، وتبحث الشركات المصرية والمجرية عددا من المشروعات مثل إنشاء مركز تجارى مصرى فى المجر لتخزين وتسويق المنتجات المصرية من خلال السوق المجرية.

ويستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، بقصر الاتحادية، ڤيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، حيث ستُعقد جلسة مباحثات يعقبها مؤتمر صحفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى