[ الصفحة الأولى ]أخبار

وزيرة البيئة الإماراتية: مصر حققت نجاحا باهرا في تنظيم cop27

«تغير المناخ يهدد الجميع لذلك لا بد أن يكون عملنا مشتركا وقائما على التعاون حتى نقدر على خلق مستقبل أفضل ومستدام لنا جميعاً»، هكذا وصفت الدكتورة مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات العربية المتحدة، مشاركة الإمارات في مؤتمر الأطراف لتغير المناخ فى دورته السابعة والعشرين بشرم الشيخ من 6 إلى 18 نوفمبر، كما تحدثت أثناء وجودها في فعاليات القمة عن مجهودات بلادها في التصدي لقضية تغير المناخ الذي بدأ مبكرا، والتحول إلى الطاقة الجديدة والمتجددة، والاستعداد لاستضافة COP 28 على أرض الإمارات العام المقبل.

– ما أهمية مشاركة دولة الإمارات في cop27   واهتمامها بقضية المناخ؟
التغير المناخي يمثل التهديد الأكثر خطورة لمستقبل البشرية، وكوكب الأرض ككل، حيث إن تأثيره سيطول الصحة العامة وتوافر الغذاء والمياه، والهواء وأماكن العيش وحتى الحياة البرية والتنوع البيولوجي، وإدراكاً منا لأهمية وحتمية مواجهة هذه التحدي وتداعياته بمشاركة كافة مكونات وقطاعات المجتمع، وضمن التزاماتنا الطوعية بتحقيق أهداف اتفاق باريس، أطلقنا العام الماضي مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، وكما يشاهد العالم فقد تجمع  أكثر من 190 دولة هنا في مصر لوضع الحلول المناسبة لهذا التهديد، ووُجِدنا في COP27 لندعم مصر في جهود التنفيذ لخفض الانبعاثات والتكيف مع التداعيات وتعزيز التمويل العالمي حيث نوجد من خلال أكبر منصة للدول في المؤتمر، نجمع فيها أكثر من 90 جهة حكومية وخاصة، نحرص من خلالها على نقل وتبادل الخبرات والمعارف والحلول المبتكرة والتجارب الناجحة.

– صفي لنا جهود دولة الإمارات في مواجهة تغير المناخ، وخفض الانبعاثات؟
أعلنا من خلال مشاركتنا في مؤتمر المناخ المقام في شرم الشيخ عن المسار الوطني للحياد المناخي 2050، والذي يمثل الإطار الزمني لآليات ومراحل تنفيذ مبادرة الإمارات الاستراتيجية للسعي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 التي تم الإعلان عنها في أكتوبر 2021 والذي يحدد سقف الطموح المناخي المطلق لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ويستهدف تحقيق خفض بنسبة  18% للانبعاثات بالمقارنة بمعدلات  الخفض المستهدفة في التقرير المحدث للمساهمات المحددة وطنيا الثانية، بموجب اتفاق باريس بحلول 2030، ثم الوصول بنسب الخفض إلى 60% بحلول 2040، والوصول إلى درجة الحياد بحلول 2050.

– وما أهم الإجراءات التي قامت بها الدولة من أجل تنفيذ مخططها للتصدي لتغير المناخ؟
نضع مواجهة هذا التحدي ضمن أولوياتنا الاستراتيجية، وبدأنا مسيرتنا في العمل المناخي قبل 3 عقود وسنواصلها لمستقبل أبنائنا وأجيالنا المقبلة، نعتمد علي اتجاهات التنفيذ الفعلية للمبادرة على الحلول الابتكارية وأحدث التقنيات المتاحة، ونتوقع أن يحقق المسار مكاسب كبيرة في خلق فرص عمل جديدة وفرص نمو اقتصادية متوازنة ومستدامة، كما سيسهم في رفع معدلات جودة الهواء، ونحن مصرون وملتزمون بالمضي قدماً في اتخاذ التدابير اللازمة للمساهمة في العمل المناخي العالمي حتى نضمن إيجاد مستقبل أكثر استدامة.

– ما آثار تغير المناخ على الإمارات بشكل خاص وحالة البيئة هناك بشكل عام؟
عقب الإعلان عن المبادرة الاستراتيجية للسعي للوصول للحياد المناخي 2050، في أكتوبر 2021 ضمن فعاليات أكسبو دبي 2020 اعتمدت الدولة تشكيل مجلس الإمارات للعمل المناخي برئاسة وزارة التغير المناخي والبيئة وعضوية أكثر من 19 جهة من القطاعين الحكومي والخاص كمظلة عامة للعمل المناخي على المستوى المحلي، كما تم اعتماد تشكيل اللجنة الوطنية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للحياد المناخي 2050، والتي عملت على إعداد الاستراتيجية طويلة المدى للحياد المناخي، ويتألف تطوير الاستراتيجية من مرحلتين، الأولى تم الانتهاء منها في سبتمبر الماضي  وهي المسار الوطني للحياد المناخي 2050، وشملت قياسا لتحديد أفضل الممارسات في هذا المجال مع دول العالم المماثلة والمتقدمة، مع الدول شبيهة الطابع والدول المتقدمة في الحياد المناخي، وتحديد خط الأساس للانبعاثات وتقييم تأثير الاستراتيجيات الوطنية الحالية «الطاقة، المياه، إدارة الطلب، النفايات، الصناعة» على الانبعاثات حتى عام 2050، ووضع نموذج لتقدير انبعاثات الغازات الدفيئة وإجراء عمليات النمذجة، وإعداد قائمة تدابير التخفيف ذات الأولوية، وإعداد سيناريوهات للوصول إلى الحياد المناخي.

– ما أهم مشروعات التخفيف والتكيف التي كانت بلادكم سباقة فيها؟
نتبنى أفضل المنهجيات العالمية في تطوير العديد من السيناريوهات لتحقيق الحياد المناخي، وتم اختيار السيناريو الذي يمثل مسارا متنوعا ومتوازنا في أنشطة التنمية الطموحة مناخيا، ويعتمد على تسريع تنفيذ تدابير وخطوات للتخفيف مجدية اقتصاديا، مع التركيز على الاقتصاد الأخضر، ودفع التحول نحو التنمية الصناعية الخضراء، مما يعزز الصادرات ويحمي الصناعات الرئيسية القائمة على «الألومنيوم، والصلب، والأسمنت، والنفط، والغاز»، لذا يحقق هذا السيناريو توازناً بين التأثيرات البيئية والمناخية من ناحية، والآثار الاجتماعية والاقتصادية من ناحية أخرى، ومن المتوقع أن يفي بمتطلبات الحفاظ على الاحترار العالمي أقل من درجتين مئويتين، وكجزء من هذا السيناريو، ستتبنى دولة الإمارات عدة إجراءات للتحفيف من حدة تغير المناخ، مثل زيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة المحلي، وتوسيع نطاق استخدام الكهرباء النظيفة في مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاعات الثقيلة، وسيحدث انخفاض تدريجي في استخدام الوقود الأحفوري العادي بما يتماشى مع مبادئ التحول العادل للطاقة، وتشمل التدابير أيضا توسيع أنظمة احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه عبر الحلول القائمة على الطبيعة، إضافة إلى الأنظمة الصناعية الحديثة مثل تقنيات التقاط الكربون، والحلول القائمة على المحيطات، كما تشمل دعم النقل الذكي مناخيا.

– كيف تدعم خططكم في مواجهة المناخ المواطن والمجتمع؟
سيدعم المسار الوطني المعتمد زيادة الناتج المحلي التراكمي بنسب تتراوح بين 1.8 إلى 3.2% حتى العام 2050، بزيادة إجمالية بقيمة تتراوح بين 610 مليارات إلى 1080 مليار درهم مقارنة بخط الأساس للعام 2019، كما يسهم في خلق والمحافظة على الوظائف بمتوسط 200 ألف وظيفة، ومن جانب آخر سيسهم في تسجيل وتحسن كبير ومتزايد في مستويات جودة الهواء نتيجة انخفاض التلوث الناتج عن الصناعة والطاقة والنقل وبالتالي ستتحسن مستويات الصحة العامة وتتراجع معدلات الإصابة بالأمراض، وسترتفع الميزة التنافسية للصناعات المختلفة نظراً لكونها تقدم منتجات منخفضة الكربون، وبشكل عام سيسهم المسار الوطني للحياد المناخي في تعزيز الشفافية وزيادة فرص تحقيق المستهدفات الوطنية للحد من معدل الاحتباس الحراري العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية ودرجتين مئويتين، بما يتوافق مع اتفاقية باريس للمناخ.

– وهل المواطن الإماراتي لديه الوعي للحفاظ علي البيئة؟
تمتلك الإمارات مسيرة من العمل من أجل البيئة ترافقت مع تأسيسها في مطلع سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى 33 عاما من العمل المناخي بدأت بتوقيعها على بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون في عام 1989، كما أن المواطن الإماراتي والمقيم شريكان في منظومة الحفاظ علي البيئة في الدولة ولديهما من الوعي الكثير وأخص بالذكر المرأة في الإمارات حيث تقوم بدور مضاعف لتربية الأبناء وزرع ذلك الوعي المجتمعي بداخلهم، بخاصة أن دولة الإمارات قد أدركت مبكرا  أهمية العمل من أجل البيئة والمناخ، حيثُ تمتلك الدولة بفضل رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة مسيرة تمتد ثلاثة عقود في خفض مُسببات التغير المناخي، وتعزيز قُدرات التَكيّف مع  تَداعِياته والنُقطة الأهم في مسيرة الدولة، أن كافة ما قدمته وأنجزته على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي جاء من التزام طوعي، وحرص على حماية حاضر ومستقبل كوكب الأرض.

– وما رأيك في مؤتمر المناخ هذا العام والذي نطمته مصر، وما الذي تميز به؟
مؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية للأُمم الـمُتحدة بشأن التغير المناخي COP  هو الحَدث السنوي الأهم لـمُناقشة ومتابعة جهود العمل من أجل المناخ عالمياً، لذا تحرص دولة الإمارات بشكل دوري على تأكيد التزامها الطَوْعي تِجاه قضايا المناخ عَبر الإعلان عن تَوجُهاتِها ومُبادَراتِها لِرَفع مُستوى طُموحها المناخي، وإبراز الـمُبادرات والمشاريع الخضراء التي يتم إنجازها بصورة دورية بما يَتواكب مع التوجهات الدولية في هذا الشأن، أثني على مصر في التنظيم الجيد والموفق للمؤتمر من حيث المساحة  وعدد المشاركين وطرح الأفكار الجديدة، ولدورة COP27  أهمية خاصة، لأنها تعتبر دورة التنفيذ، وبالتالي سَتُركز الدول على تسريع وتيرة تنفيذ المبادرة والحلول الفعّالة للتغلب على هذا التحدي، وبما يتواكب مع تَحفيز تَبنّي التكنولوجيا والابتكارات ذات الأثر الاقتصادي والتنافُسي الإيجابي، كما سيتم العمل على تبادُل الخبرات والاستفادة من قِصص النجاح، كما أن هذه الدورة  وضعت بند التمويل في مقدمة النقاط التي سيتم التركيز عليها في المناقشات، وهو أمر حيوي، حيث إن توافر التمويل اللازم، سيساعد الدول النامية على المشاركة في جهود التحول العادل لأنظمة الطاقة الجديدة والعمل المناخي بشكل فعّال وقوي، بل ساعدت دولة الإمارات على تحفيز توجهات التمويل، ودعت دول العالم إلى المشاركة في منصة تسريع التحول العادل لأنظمة الطاقة التي تم إطلاقها بالشراكة بين الإمارات والوكالة الدولية للطاقة المتجددة، لِتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية بقيمة استثمارية أولية – تبلغ مليار دولار، كما أننا في دولة الإمارات نحاول أن نتعلم من تجربة مصر في تنظيم القمة لأنه معروف أننا سوف نستضيف COP 28  ونتمنى أن ينجح كما تقول كل المؤشرات إنه نجح في مصر بشكل عظيم .

-متى  ستصل  الإمارات إلى الاكتفاء الذاتي من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة؟ وما الإجراءات التي تتخذ لتقليل الكربون من البترول والغاز؟
يمثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل الإمارات من أجل البيئة والمناخ، حيث شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام، وعلى مدار 11 عاما حققت الدولة إنجازاتٍ ملموسة في تحول الطاقة الذي يصب بشكل مباشر في تعزيز منظومة العمل المناخي، حيث تم التوسع في نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة على المستوى المحلي، لترتفع القدرة الإنتاجية من 10 ميجاوات في 2009 إلى 2400 ميجاوات حالياً، وبدخول المشاريعِ الجاري تطويرها حيّزَ التشغيلِ الفعلي، ستسهم في إضافة ستة آلاف ميجاوات جديدة بحلول 2030، كما تم إطلاق مشروع «براكة» للطاقة النووية والذي دخلت محطته الأولى حيز التشغيل، ومن المتوقع مع الانتهاء الكامل منه أن يوفر ما يصل إلى 25% من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية.
– وما دوركم في دعم الدول النامية والأفريقية في مجالات التكيف والتخفيف واستخدام الطاقة النظيفة؟
خلال الأعوام الماضية دعمت دولة الإمارات جهود الوكالة في نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة عالميا، وعملت عبر شراكة بين الوكالة وصندوق أبوظبي للتنمية على دعم مجموعة من الدول النامية لتمويل إنشاء مجموعة من مشاريع الطاقة المتجددة بقيمة وصلت إلى 350 مليون دولار.
وعبر تطور دور شركة «مصدر» عالميا، تحولت الشركة إلى واحد من أهم اللاعبين الدوليين في مجال تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة عبر الاستثمار المباشر الذي تدير عبره حالياً محفظة تصل قدرتها إلى 14 جيجا وات في أكثر من 30 دولة، إضافة إلى أن الإمارات قد أعلنت في مؤتمر المناخ أنها ستدعم مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر» التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي والتي ستمثل مع مراحل تنفيذها والالتزام بها نقلة في جهود المنطقة نحو الاعتماد على الحلول المستندة إلى الطبيعة في معالجة تحديات التغير المناخي، وتدهور وفقدان الأراضي، والتأثيرات السلبية التي تلحق بالتنوع البيولوجي وتتسبب في فقدانه، إضافة إلى تحدي الأمن الغذائي، بدءا من تعاوننا جميعاً لتحقيق هدف نبيل بزراعة 50 مليار شجرة وتعزيز جهود العمل البيئي والمناخي بشكل كبير، كما سيؤكد أن التنسيق والعمل الجماعي من شأنهما تعزيز قدرات مواجهة كافة التحديات ومعالجتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى