هل تتحول جزيرة “القرم” السياحية لشرارة الحرب العالمية
فاطمة خليفة
برز اسم جزيرة القرم أو ما تعرف بشبه جزيرة القرم في كافة وسائل الإعلام وأصبحت الجزيرة الحدث الأكبر الذي تصدر الشاشات بعد أن تم تفجير جسر كيرتش الذي يربط الجزيرة بروسيا وذلك في خضم الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وتصدر اسم جزيرة القرم محركات البحث نظراً لحالة الشغف التي انتابت الكثير لمعرفة موقع الجزيرة وأهميته الساسية، ومن هذا المنطلق تقدم لكم “مجلة أخبار السياحة” كل ما يريد القارىء معرفته عن جزيرة القرم وأهميتها التاريخية والجغرافية والسياسية في هذا التقرير الممتع.
خليج كرشينسكي
تقع جزيرة القرم حائرة بين الحدود الأوكرانية والروسية، فموقع الجزيرة يطل على البحر الأسود الواقع جنوب الأراضي الأوكرانية بينما تتصل بالأراضي الروسية من جهتها الشرقية، رسمياً تقع الجزيرة ضمن الحدود الأوكرانية ويحدها البحر الأسود من الجنوب والغرب، ويحدها من الشرق بحر آزوف كما تطل على خليج كرشينسكي الذي يصل بين بحر آزوف والبحر الأسود، ولا يربطها باليابسة إلا برزخ ضيق في شمالها لذلك تسمى شبه جزيرة وليس جزيرة، أما واقعياً فتخضع الجزيرة إلى السيطرة الروسية بعدما قامت روسيا بضم الجزيرة عقب استفتاء شعبي أجرته على ضم الجزيرة إلى أراضيها.
وتتمثل الأهمية الجغرافية للجزيرة في موقعها المتحكم بشكل كبير في مداخل البحر الأسود وخاصة مدخل مضيق البوسفور والبحر المتوسط، بالإضافة إلى القواعد العسكرية التي تمتلىء بها الجزيرة مما يزيد من أهميتها الاستراتيجية بالنسبة إلى روسيا التي تمتلك قواعدها البحرية المتمثلة في الاسطول الروسي في سيفاستوبول بالبحر الأسود.
أهمية الجزيرة التاريخية
الجزيرة تاريخياً تناوب على حكمها الكثير من الإمبراطويات والقوى العظمى، فقد حكمتها الإمبراطورية اليونانية والرومانية لعدة قرون، ولكنها تأسست كدولة على يد التتاريين في القرن الخامس عشر وحكمتها الإمبراطورية العثمانية ما يقرب من أربعة قرون، ثم انتزعتها الإمبراطورية الروسية وظلت بيدها إلى سقوط الاتحاد السوفيتي وتقسيمه، فوقعت الجزيرة من نصيب دولة أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين أصبحت الجزيرة محل نزاع بين الدولتين الروسية والأوكرانية خاصة النزاع المستمر حول القاعدة البحرية في سيفاستوبول التي اقتسمتها الدولتين، وظلت الجزيرة تابعة لحكم أوكرانيا حتى انتهت عام 2014 في يد الدولة الروسية عقب استفتاء شعبي أجرته روسيا أفضى إلى استقلال الجزيرة عن أوكرانيا وضمها إلى روسيا، وهو استفتاء على الصعيد الدولي والرسمي لم يعترف به أحد سوى روسيا.
الأهمية الاقتصادية والسياحية لجزيرة القرم
تعد الجزيرة ذات المليوني نسمة والبالغ مساحتها حوالي 27 ألف كيلومتر مربع، دولة شبه مستقلة تتمتع بالحكم الذاتي، ويمثل مناخ الجزيرة المعتدل صيفاً عامل جذب سياحي كبير للأوروبيين بإطلالتها المميزة على البحر الأسود وأراضيها الزراعية الخصبة كما أن الطبيعة الجبالية للجزيرة منحتها شتاءً معتدل أيضاً،بالإضافة إلى أنها تمثل مصدر من أهم مصادر الدخل القومي لأوكرانيا بنسبة 30% من خلال الصناعات المختلفة التي تشتهر بها الجزيرة مثل صناعة الأغذية والوقود وصناعة الأحجار ومنها الحجر السماقي، والحجر الجيري، وحجر الحديد.
على الصعيد الروسي تمثل الجزيرة المنفذ الرئيسي لروسيا على البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى جسر كيرتش الذي شيدته روسيا لربط شبه جزيرة القرم بمنطقة كراسنودار كراي الروسية في شمال القوقاز، وهو جسر حيوي بالنسبة إلى روسيا لأنه يمثل المعبر الوحيد لنقل الأشخاص والبضائع من روسيا إلى الجزيرة عبر طريقين للجسر أحدهما مخصص لمرور المركبات، والأخر مخصص للسكك الحديدية، وهو الجسر الذي تم تفجيره بالأمس مما سبب ارتباك شديد في حركة المرور به إضافةً إلى تسببه في أزمة وقود مؤقتة نتجت عن انفجار القطار المحمل بالوقود.
بالنظر إلى جزيرة القرم وأهميتها الجغرافية والتاريخية نجد أنها كانت من الممكن أن تكون من أزهى وأشهر الجزر السياحية جذباً في العالم، ولكن الخلفية السياسية والأهمية الاستراتيجية والعسكرية للجزيرة أثرت بشكل كبير في تغيير محورها من كونها جزيرة سياحية إلى قاعدة عسكرية، ويبقى السؤال هل تتحول الجزيرة ذات المناخ السياحي الجذاب إلى شرارة للحرب العالمية الثالثة المنتظرة.