تفاصيل الوابورات الخديوية والملكية في مصر

سالم الشيخ
منذ افتتاح خطوط السكك الحديدية فى مصر عام 1852م كان للخديوية ومن قبلها والى مصر، قطارات معينة للتنقل، مختلفة كل الاختلاف عن قطارات عامة الشعب، والتى كانت بالخشب وعدد عرباتها، لا تزيد على 6 عربات، وقد أطلق على القطار وأنواعه مسميات عديدة أشهرها الوابور، وقد كان أول قطار يستقله حاكم فى مصر هو قطار عباس باشا الأول الذى تم قتله عن طريق خدامه، وكانت خطوط السكك الحديدية لم تصل حتى كفر الزيات، إلا أنه كان من المتعارف عليه أن قصر حاكم مصر سواء فى القاهرة أو الإسكندرية كانت له محطة خاصة للانطلاق
بعد تولى سعيد باشا حكم مصر تم استكمال خطوط السكة الحديد إلى كفر الزيات عام 1853م، فتم استكماله حتى نهايته حتى عام 1856م، وقد تطلب إنشاء الخط الكباري بدلا من الطريقة التى كانت مستعملة آنذاك فى اجتياز نهر النيل؛ حيث كانت قاطرات السكة الحديدية تنتقل من شاطىء النيل عند كفر الزيات وبنها بالقليوبية على ناقلات عليها قضبان سكة حديد متصلة بالشاطىء، وكان القطار يسير على الأرض حتى يصبح على مستوى الناقلة، ثم يتم جر الناقلة حتى تصل إلى الضفة الآخري، فينقل القطار منها إلى الخط الحديدى، وقد تم إنشاء كوبري على فرع دمياط عند بنها، وبدأ استعماله عام 1856م، وذلك لمرور خط منفرد، وتم عبور فرع رشيد عند كفر الزيات لأول مرة على معدية بخارية، ثم أقيم بعدها كوبري عندها وعند بركة السبع عام 1859م، وبذلك أصبح الطريق ممهدا بغير انقطاع لعبور القطارات دون تحميلها على عبارات، وهو الخط الذى شهد أول حادثة للقطار تسببت فى موت وريث العرش، وتسبب في تغيير وراثة العرش في مصر، حين سقط قطار قادم من الإسكندرية يستقله أحمد رفعت باشا “وريث العرش” آنذاك، وأدي إلى موته وموت من معه
باب الحديد وقطار سعيد باشا
شيدت المحطة الرئيسية للسكة الحديدية فى الزاوية الشمالية الغربية لمدينة القاهرة فى موقع ميناء المقس أمام جامع أولاد عنان، وقد أخذت المحطة الرئيسية اسمها من اسم البوابات الشهيرة لهذا السور، وعرفت باسم باب الحديد، وقد كان اختيار هذا الموقع خارج حدود المدينة عاملا مؤثرا فى التطور العمرانى للقاهرة؛ حيث تم إنشاء الفنادق والمقاهى والمحلات التجارية بالحى القبطى فيما بين ميدان المحطة ومنطقة الأزبكية، وفى 31 أغسطس أصدر سعيد باشا أمرا بإنشاء مدرسة السبتية لصنع عربات السكة الحديد وإصلاحها، وقد احترقت هذه الورشة عام 1882م فى أحداث الثورة العرابية، ثم أعيدت ثانية عام 1893م.، وقد كانت القطارات قاصرة آنذاك على خطوط القاهرة الإسكندرية والسويس، حيث لم تكن القضبان امتدت حتى خطوط الصعيد، وقد كان القطار يصل للإسكندرية فى مدة 6 ساعات، تقلصت بعد تطورات لثلاثة ساعات
كان سعيد باشا ذا نزعة وطنية خالصة محبا للمصريين، وكان كارها للأتراك، إلا إنه أصيب بالزهق والملل والاكتئاب فقد أراد أن يكون قطاره فائق السرعة، وقد تم تصميم القطار من خلال نلسون وشركائه عام 1862م، وقد كان مخصصا لسكك حديد كليدونيا، وتم عرضه فى معرض، وقد اشتراه سعيد حين تيقن أن القطار يسير بقدرة فائقة تصل لنحو 80 ميلا فى الساعة، وهى سرعة يشكك فيها خبراء السكة الحديدية وأيضا المؤرخون؛ حيث إن السكة الحديدية قديما لم تكن تصلح لتحمل هذه السرعة، إلا أن سعيدًا صمم على شرائه رغم وجود ثلث قطارات كانت تسير على خط القاهرة الإسكندرية، وكانت تصاب بالعطب بسبب العواصف الرملية والأتربة؛ فقد كانت تسبب العواصف تعطيل حركة طرابيش الأسطوانات وقد كان من المتبع أن يقوم العمال يوميل بإزاحة الرمال من على القضبان كى تسير القطارات بسهولة ويسر، وقد توفى سعيد، ودفن بالصالة الكبري بمدافن الأسرة بالنبى دانيال بعد حكم استمر ثمانى سنوات وتسعة أشهر وستة أيام، وكان عمره 42 سنة، أما قطاره الذى جلبه تم استخدامه فيما بعد فى القاطرات المحلية فى السويس والقاهرة والقناطر الخيرية حتى تم كسره عام 1895م.
القطارات الخديوية
المرض وحده أنقذ إسماعيل باشا من الموت، فى حادثة القطار، حيث لم يقم ابن الفاتح المصري إبراهيم باشا، باستقلال القطار مع شقيقه أحمد رفعت باشا ولي العهد قطار كفر الزيات المنكوب الذي غرق في النيل في عصر سعيد باشا، وذلك بسبب شدة المرض عليه، وقد أدى ذلك الحادث إلى أن يتولى إسماعيل حكم مصر بالصدفة بدلا من أخيه، لكن إسماعيل الخديوي لم ينج من مصيره المحتوم؛ حيث مات غريبا في منفاه، وتكالبت عليه الأمراض بسبب حزنه محاطا بجواسيس الأتراك العثمانيين الذين منعوه من الحرية التي كان ينعم فيها في إيطاليا وإنجلترا؛ حيث تم عزله من منصبه عام 1879م، ليموت في شهر مارس عام 1895م بسبب همومه وحزنه، مصابا بعدة أمراض منها السرطان المعوي، والاستسقاء، وقد كان من قدره أن ينقل جثمانه على قطار للقاهرة بعد أن حطت الباخرة التى نقلت جثمانه لميناء الإسكندرية
وفى عصر إسماعيل كان الخط الحديدى مابين القاهرة والإسكندرية ممتدا، وكذلك خطوط الدلتا عدا خطوط الصعيد، وقد ظلت العربات الملكية معمول بها في عصر إسماعيل، أما ركائب الحمير والبغال، فقد ظلت متواجدة في القاهرة لأبناء الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حتى ظهور الترام في القاهرة أغسطس عام 1865م، وصنعت القطارات الخديوية فى مصانع ستفنسن بنيو كاسل عام 1859م، وكانت مزينة بنقوش كثيرة، واستمرت القطارات الخديوى حتى عام 1887م؛ حيث أعيد استعمالها فى الأعمال العادية، وقد كان قطر الاسطوانة فى القطار الخديوى 26 بوصة وطول القزان 11 قدما وقطر القزان 4 قدم وعدد مواسير التسخين 174 ماسورة وقطر ماسورة التسخين 2 بوصة من الحرير الأخضر وإطارها من النحاس الأصفر، وفى عام 1924 كسر جسم عربة البنات، وبقى الفرش يستخدم كعربة لنقل السيارات، أما الصالون الخديوى فقد تم صنعه فى مصانع ميسون وشركاه بأمريكا عام 1858م وهى مزينة زينة كبيرة من الداخل والخارج وفرشها مبنى بأجمعه من الخشب
كان القطار الخديوي سعة السهريج به 700 جالون ماء، أما عربة الأميرات فى القطار الخديوى فقد صنعت فى مصانع ريت عام 1858م وفرشها من الحديد ورأساه من الخشب وبها يايات عريضة للتصادم ولعمود الجر، أما جسمها فمن الخشب ومؤثثة من الداخل بالحرير الأحمر والبرتقالى وستار النوافذ وقد كسرت القطارات الخديوية فى عام 1929م
القطارات الملكية فؤاد وفاروق الأول
بعد تحويل مصر من سلطنة لملكية استقدم الملك فؤاد الأول القطار الملكى، فى عام 1932م قبل رحيله ب4 سنوات فقط، وقد انتقل برحلات داخل أقاليم مصر بالقطار الملكى وقد كان يتكون من صالون خاص للوزراء، وصالون رسمى بالإضافة لعربة درجة أولى وعربتى سبنسة أمامية وعربة الحاشية والقاطرة المخصصة للقطار
عام 1950م وقبل ثورة يوليو المجيدة بعامين، استقدم فاروق الأول قطاره الملكى، ويستغنى عن قطار والده، وقد سُمي بـ “الديزل الملكي” من انتاج شركة فيات الإيطالية، حيث كان الديزل قد شاع فى القطارات كبديل عن الفحم الذى شهد أزمة خطيرة جراء نشوب الحرب العالمية الثانية، وقطار فاروق الأول كما يدل دليل متحف السكة الحديد، مكون عن عربتين، الأولى كانت مُقسمة إلى جزأين، والجزء الأول مُخصص للحرس الملكي، والثانى للمرافقين من الديوان الملكى، بالإضافة إلى غرفة القيادة التى توجد فيها دورة مياه خاصة بسائق القطار.،وكانت العربة الثانية هي الأخرى مُقسمة إلى قسمين، الأول فيه الصالون الملكى، الذي تكون من كرسى للملك و4 كراسٍ
وأعلنت مساء أمس الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة في الإسكندرية، اليوم الجمعة، وصول قطار الملك فاروق الأول إلى الإسكندرية، بعد تطويره وإعادته إلى الحياة وحالته الأصلية. الهيئة، مؤكدة أنه من المقرر عرض القطار في متحف جراج القطار الملكي في حديقة قصر المنتزه بجوار أول عربة ترام في تاريخ الإسكندرية.
وأوضحت أن القطار أجريت له عمرة شاملة في ورش السبتية قبل أن ينقل سيرًا على القضبان إلى الإسكندرية، مؤكدة أنه لن يتم تشغيله على خطوط السكك الحديدية مرة أخرى.
