تاريخ وحضارة

فندق “دى روز ” .. يحكي تاريخ مطروح

عمر عبدالستار

يعتبر فندق دي روز ـ الذى تم تشييده منذ ٩١ عامًا تقريبا ـ  حالة منفردة، على الرغم من أن الفندق غير مكلف والكثير من زبائنه يتذكروه منذ طفولتهم، لوجود صلة وعلاقة بتلك الحقبة العابرة من الساحل الشمالي، تقدم به ثلاث وجبات يوميًا في غرفة الطعام الصغيرة.

تاريخ التأسيس

يرجع تاريخ إنشاء فندق دي روز إلى أن “كرياكوس باتراقاس” كان واحدًا من عدد متزايد من اليونانيين الذين جاءوا إلى مطروح من الأناضول، عادة ما بين مايو وأكتوبر، لاستخدام الميناء كقاعدة لصيد الاسفنج ومد جذورهم بمطروح، وكان هناك 51 من 398 من سكان القرية من اليونانيين الارثودوكس، ونمت المدينة ولكن بشكل متقطع، وتعاقد الخديوي عباس حلمي مع مهندسين ألمان لبناء السكك الحديدية على طول الساحل الشمالي، وامتد 270 كيلومترًا إلى الغرب من الإسكندرية إلى مرسى مطروح، ولكن توقف البناء بعد عزل البريطانيين للخديوي عباس بعد الحرب العالمية الأولى، وأُهملت السكك الحديدية مما أدى إلى دمار نحو 60 كيلومترًا من الإسكندرية إلى الحمام.
وعلى الرغم من أن الوصول إلى مطروح يعني 10 ساعات بالسيارة غير أن عدد السياح أخذ في التزايد، لذلك بدأ كرياكوس في تأجير غرف بمنزله، الذي أصبح بعد ذلك فندق دي روز، في أواخر 1920، وكان الفندق الثاني بمرسى مطروح وفي البداية كان استراحة تابعة لجمعية الواحات الليبية؛ وهي وكالة سياحية بالإسكندرية.
وأضاف كرياكوس: الطابق الثاني لفندقه لخدمة العمال الوافدين من أجل العمل بالمدينة، وكذلك للمسافرين بين الإسكندرية وليبيا، وأطلقوا عليه اسم فندق دي روز أو قصر الورود، وفي هذا الوقت تم مد السكك الحديدية أخيرًا إلى مرسى مطروح، مما كان له أثرًا كبيرًا على ازدهار الحالة الاقتصادية لمطروح  وزيادة الأعمال.

يقع بنسيون “دى روز” أو قصر الورد بشارع الجلاء  تحت ظلال أشجار الكاسوارينا الشاهقة التى زرعها الإنجليز منذ ١٠٠ عام تقريبا، وكان الفندق الذي قرر صاحبه التوقف عن استقبال الزبائن منذ عامين يستقبل العديد من الزبائن الذين يحرصون على النزول به للحنين إلى الماضى، وذلك خلال شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر، حيث يغلق الفندق أبوابه باقى شهور العام .

يتكون الفندق من حمامات على الطراز القديم أسفل القاعة ونظيفة، غرف النوم يتم تبريدها بمراوح؛ وهي مفتوحة على شرفات أو السطح، ويمكنك رؤية أجزاء من الشاطئ قبل بناء العمارات الشعبية.

يقول ” كرياكو نيقولاو باتراغاس ” أستاذ القانون بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة أثينا وحفيد التاجر اليونانى “كرياكو باتراجاس” الذى أسس البنسيون والذى كان واحدا من اليونانيين الذين جاءوا إلى مطروح من الأناضول للعمل بالتجارة فى شهور الصيف هربا من الحرب الأهلية باليونان , ولاستخدام ميناء مرسى مطروح كقاعدة لصيد الإسفنج الطبيعي .

وأشار إلى أن المدينة كانت فى ذلك الوقت عام ١٩٠٧ عبارة عن بلدة صغيرة معزولة ونائية ويبلغ تعداد سكانها 398 فردا منهم 51 من اليونانيين , حيث كانت قبائل مطروح متفرقة فى المناطق الصحراوية ولا تسكن المدن عادة ما عدا القليل من القبائل مثل الأفراد والعشيبات وعدد قليل من سكان القبائل الأخرى .

فندق دي روز

ويضيف أن المدينة بدأت فى النمو ولكن بشكل متقطع بعد أن تعاقد الخديو عباس حلمى مع مهندسين ألمان لبناء خط السكك الحديدية على طول الساحل الشمالى قبل عام ١٩٠٨, حيث يمتد هذا الخط ٢٧٠ كيلومترا إلى الغرب من الإسكندرية إلى مرسى مطروح , إلا أن خط السكك الحديدية توقف البناء به بعد عزل البريطانيين للخديو عباس عام ١٩١٤ , وبعد الحرب العالمية الأولى أهملت السكك الحديدية مما أدى إلى دمار نحو ٦٠ كيلومترا من الخط من الإسكندرية إلى الحمام.

وأشار ” كرياكو ” إلى أنه على الرغم من أن الوصول إلى مطروح من الإسكندرية كان يستغرق ١٠ ساعات بالسيارة غير أن عدد السياح أخذ فى التزايد , لذلك بدأ الخواجة كرياكوس فى تأجير غرف بمنزله الذى أصبح بعد ذلك فندق “دى روز” فى عام ١٩٢٩ ليصبح أول فندق بمدينة مرسى مطروح والساحل الشمالى , بعده جاء فندق “الليدو” والذى أمر بتشييده إسماعيل باشا صدقى رئيس وزراء مصر آنذاك وقام بنفسه بوضع حجر أساس الفندق , حيث أقام وقتها بفندق “دى روز” هو والوفد المرافق له.

وأوضح أنه فى منتصف عام 1930 تم مد السكك الحديدية إلى مرسى مطروح مما كان له أثر كبير على ازدهار الحالة الاقتصادية للمدينة مما دعا “كرياكوس” إلى إضافة الطابق الثاني لفندقه لخدمة العمال الوافدين من أجل العمل , وكذلك للمسافرين بين الإسكندرية وليبيا.

وأضاف أنه عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية كان الفندق يضم الجنود البريطانيين لخمسة أشهر ونصف فى عام 1942 , حتى وصول الألمان , وفى الفترة من مايو حتى نوفمبر من ذاك العام أصبحت مطروح المقاطعة الوحيدة فى مصر التى احتلتها ألمانيا, وأقام بالفندق قائد قوات الحلفاء فى معركة العلمين الجنرال الإنجليزى مونتجمرى , بينما اتخذ الجنرال روميل القائد الألمانى لفترة قصيرة مكان إقامته فى فيلا عبر الشارع (تم هدمها وتحويلها إلى فندق روميل هاوس).

فندق دي روز

وقال كرياكو إنه خلال العصر الذهبى للسياحة فى المدينة فى الخمسينيات والستينيات حيث كان الساحل لا يزال بكرا، كان “الزبائن” الذين يأتون إليه من الصفوة مثل السوريين واليونانيين والإيطاليين والمصريين الذين يعيشون فى الإسكندرية من الطبقة العليا والذين يمتلكون سيارات , والذين عشقوا مطروح وساحلها الساحر , لافتا إلى أنه فى الصيف يستمتعون بالسباحة والشواطئ , وفى الخريف يمارسون هواية صيد الطيور المهاجرة من أوروبا , ومطاردة الغزلان التى كانت موجودة آنذاك بكثرة.

وأضاف أنه فى أواخر الستينيات انتهت فترة السياحة للطبقات العليا الغنية وبدأت سياحة المخيمات التابعة لشركات القطاع العام المصرية , حيث توافد عليها المصطافون من الموظفين فى تلك الشركات , حيث بدأت الحكومة آنذاك فى فرض حظر العمالة وغيرها من القيود على المقيمين الأجانب، مما دفع العديد منهم إلى مغادرة البلاد , وخلافا لمعظم اليونانيين الذين يعيشون فى مصر حصل كرياكوس والأسرة على الجنسية المصرية فى وقت مبكر وقرر البقاء بعد التأميم.

وكشف أن معظم الفنادق القديمة فى مرسى مطروح تمت إعادة بنائها على الطراز الحديث , لكن عائلة كرياكوس ليس لديها خطط لإجراء تغييرات رئيسية على الفندق العتيق , حيث قررت العائلة أن تستمر كجزء من المدينة وتراثها القديم , حيث أنهم ليسوا فى عجلة من أمرهم لمواكبة التغييرات الجديدة بالمدينة , كما تم غلق الفندق وأصبح منزلا لأصحابه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى