إحالة للأرشيف

ماجدي البسيونى يرصد لنا آثار سورية ولماذا استهدفها الإرهاب المنظم

 

خاص:  أخبار السياحة

لأننا معنيون ومهتمون ـ أخبار السياحة ـ ليس بشأن السياحة المصرية وفقط  ولكن كافة أنحاء الوطن الذي حوي بداخله أقدم آثار الأرض منذ الخليقة، لهذا قررنا أن نتجول معها ونحن ندرك أن من بين أهم ما يستهدفه أعداء الوطن ـ كل الوطن ـ استهداف التراث الإنساني ونهبه.

فى هذه الحلقة  والحلقات القادمة يأخذنا الزميل ماجدي البسيونى فى جولة يلخص فيها ثماني سنوات استهدف فيها الإرهابيون الحضارة السورية بكل أنحاء الجغرافية السورية لينتهى بنا إلي لقاء مع وزير السياحة السورى بشر ياذجى الذي حل بمصر منذ أسبوعين تقريبًا وعلى هامش الفعاليات للاجتماع الـ44 للجنة الشرق الأوسط التابعة لمنظمة السياحة العالمية المنعقد في مصر… منحه محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة مفتاح مدينة شرم الشيخ وذلك خلال تكريم كبار الضيوف والمشاركين.

يحمل بشر ياذجي عبئا ثقيلا من ضرورة إعادة آثار سورية المدمرة إلي ما كانت عليه قبل الحرب علي سورية بجانب التطوير السياحى ومواكبته بالتطور العالمي لهذا راح يطالب بتفعيل جميع الاتفاقيات التى سبق وعقدها مع مصر وتوقفت إبان حكم الإخوان بل وعقد اتفاقا سياحيا مشتركا لتبادل الخبرات وكذا فتح الحدود مابين البلدين

بهدف السياحة مع الحذر …

 

 

قبل أكثر من ست سنوات لم أكن أستوعب معنى ما أرسلت لي السيدة سورية فاضل كنج التي أعتبرها أما لى عن استحقاق عندما ردت علي رسالتي بـ: هل تحب الإقامة بالجبل أم بالقرب من البحر… قبلها لم أذهب ولم أتجول بأنحاء سورية ولم أكن على دراية بتضاريسها.. كنا في عام  2012 ولم يمر سوي أقل من عامين علي الحرب علي سورية التي استوعبتها منذ اللحظة الأولي سياسيا ولا أنكر أنها غيرت لى مفاهيم فيما حدث بمصر مما سمي بثورة 25 يناير 2011 .. فكان مقالي الأول بالجريدة التي أرأس تحريرها “العربي” ـ إلا سورية يا أبناء الأفاعي ـ لم أكن قبلها زرت سورية بعمري سوى مرتين لم أبارح فيهما مقر إقامتي بدمشق العاصمة وسويعات قليلة بدمشق القديمة.

 

كان لابد حسبما أشار لى الأصدقاء التحدث مع المهندس بشر يازجى وزير السياحة السورية بهدف استئذانه لتوفير قاعة بفندق شهبا حلب لتكريم رموز الانتصار بعد أسابيع من تحرير حلب من الإرهابيين نهاية 2016 ،فكانت الموافقة فى الحال مع التأكيد علي “نحن لا نتأخر في تقديم ما يطلبه أي وطني عروبي …” فمنذ هذا التاريخ وحتى اللحظة ظل التواصل معه ليس لأنه وفر لنا القاعة ولكن لما تسمعه وأنت تتجول بكل بقعة علي الأراضي السورية من حلب وصولا للسويداء.

بشر رياض اليازجى مواليد حلب عام 1972 حاصل على إجازة الهندسة المعلوماتية من جامعة حلب عام 1995 والده هو المحامى القومي الشهير رياض يازجى، كان بشر”المستقل” من أصغر أعضاء مجلس الشعب عن مدينة حلب عام  2012 فهو من مواليد أول يناير 1972 ، يومها وهو علي أبواب المجلس قال   “لمجلة أخبار السياحه “: وجودنا تحت قبة المجلس ليس إلا لنكون أوفياء للوطن والمواطن، فالوطن أعطانا الكثير ولا بد من ردَ الدَين بالعمل الصادق الشفاف.

 

ثمانية سنوات مرت عشت سورية وسكنت بكل كياني سورية بكل تضاريسها وبكل تاريخها وبشرفائها الثابتين، بجيشها العربي الأول كما أطلق عليه الزعيم جمال عبد الناصر ولا يزال حتى اللحظة.. سيقول البعض:لا تخلط مابين السياحة والسياسة.. سأقول وبكل يقين بعد غوصي في أعماق أسباب الحرب ليس علي سورية وحدها بل بالنظر إلي أهداف المشروع الصهيوني الأمريكي والدائرون بفلكهم: أن من بين أهم أسباب ما لقبوه بـ “الربيع العربي يكمن في القضاء علي الحضارة والتاريخ العربي وتشويه المعتقد ..فنظرة سريعة لأهم ما تم تدميره والنيل به هو الآثار ليس في سورية وحدها بل في العراق وفي اليمن وحتى بمصر بتصريحات الإرهابيين أدوات ” ربيعهم” بوجوب القضاء علي آثار الأقصر وهدم الأهرامات كونها علي حد قولهم مقابر يجب تسويتها بالأرض، الغريب في الأمر أن القائمين علي حماية الآثار العالمية” اليونسكو” كما فعلوا في أفغانستان عندما ذهب وفدا دوليا حوي “فقهاء” يتقدمهم يوسف القرضاوي الذي عاد وأفتي لنفس الجماعات الإرهابية بتدمير سورية ومصر واليمن مؤيدا لجرائم ” الناتو” في ليبيا مؤكدا أن الرسول محمد “صلع” لو موجودا اليوم كان سيلجأ للناتو.!

يذهب البعض إلي أن الصهيونية تريد الثأر رغم أنها لا تمت لليهودية دين الله بسبب الخروج سواء من العراق أو من مصر ولهذا فعلوا في تمثال “نيوخذ نصر” بالعراق أو مطالبتهم بحق اليهود في الأهرامات…

 

 

فماذا في آثار سورية .. سواء بالتخريب المتعمد أو بالنهب المنظم علي يد نفس المجرمين الذين تدربوا للدرجة التي طلب منهم سرقة آثار نادرة بعينها..ماذا حدث بتدمر وماذا تعنيه تدمر..ماذا حدث بجرمانا وبداخل أقدم الكنائس علي الأرض..ماذا حدث بالقرب من مرقد السيدة رقية عليها السلام ولماذا استهدفوا دمشق القديمة ..وما الذي يعني لهم مرقد السيدة زينب الكبري عليها السلام .. وماذا حدث بحلب القديمة التي تعني الآثار الضاربة بعمق التاريخ الإنساني علي كوكب الأرض بما فيها تسمية “حلب” العائد لأبوا الأنبياء سيدنا إبراهيم وحلبه للناقة لإطعام أهله ـ كما ذهب البعض ـ ولماذا تم تدمير المسجد الأموي الكبير وإسقاط مئذنته وسرقة محتوياته بما فيه

“المنبر” الذي لا مثيل له سوى منبر المسجد الأقصى فصانع المنبرين نجارا حلبيا ورشته علي بعد أمتار من المسجد نفسه الذي قبلها أعلن رجب طيب أردوغان بأنه سيصلي بعد أسبوعين بالمسجد نفسه، فلما فشل كان قرار الهدم ـ أكد بعض من التقيت بهم وجود عناصر صهيونية تقودهم سيدة ـ ما لذي حدث بجبل سمعان وكل الأراضي المقدسة بشمال سورية بما فيها أقدم كنائس الأرض بشمال سورية الأرض التي جاءت منها نفرتيتي جميلة الجميلات إلي مصر وزواجها من اخناتون لتكون ملكة الملكات

كنائس ومساجد ومدن ضاربة بعمق فجر التاريخ الإنساني، مدن متكاملة شاهدة علي مختلف العصور أعمدة وقلاع بأنحاء سورية.. تتميّز هذه الآثار ببناء معماري جميل،توالت الكثير من الحضارات كالصليبيّة، والأيوبيّة، والمملوكيّة، والأسبارتيه، والعثمانية..تُعرف الجمهوريّة العربيّة السّوريّة، بأنّها بوّابة التاريخ، ومركز الحضارات القديمة، حيث تعاقبت عليها حضارات عديدة منذ فجر التاريخ، تاركةً آثاراً وفيرة، تكاد لا تكفي مجلّدات لتدوين أسمائها، فقلّما يُشاهد موقع في هذه الدولة لا يوجد فيه آثارٍ تاريخيّة عظيمة، ولا توجد مدينة سوريّة إلا وفيها من المتاحف العظيمة التي تحوي كنوز البلد وآثاره، ناهيك عن السرقات التي حصلت للآثار السوريّة كما للآثار المصرية خلال الفترة التي سميت بالربيع العربي خداعا سواء المعروضة في أكبر متاحف العالم أو التي لازالت خافية حتي الآن بداخل أهم أسواق سرقة الآثار لدى الكيان الصهيوني الذي انشغل بها أكثر من أي مكان آخر.

 

تعتبر مدينة دمشق القديمة التي تمتاز بأبنيتها وأوابدها التي تعود لعدة عصور وأماكنها المقدسة من جوامع و كنائس والتي تعد رمز للديانات، وبشوارعها وطرقاتها التي مشى عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم والقديسين والملوك والقادة والعلماء والعظماء من صناع التاريخ، من أهم المواقع الأثرية السورية التي سُجّلت في عام 1979 م على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو, وكان قد تمّ إدراج “مدينة دمشق القديمة” على قائمة “مواقع التراث العالمي المهدّدة بخطر التدمير” في عام 2013.

وتقف إلى جانب دمشق القديمة العديد من المواقع الأثرية السورية المصنّفة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو منها حلب القديمة وبصرى القديمة، والمدن المنسية وهي عبارة عن مئات القرى الأثرية التي تعود لآلاف السنين في محافظتي حلب وإدلب، صنَّفتها اليونسكو كموقع للتراث العالمي في 2011، وقلعتي الحصن وصلاح الدين اللتان تعودان إلى عصر الحروب الصليبية في غرب سوريا، وصنَّفتهما اليونسكو في 2006، وآثار تدمر وهي آثار رومانية ويونانية قديمة، تم تصنيفها عام 1980.

أن تصل إلي دمشق فحتما ستذهب إلي قلعة دمشق بغرب العاصمة، هذه القلعة يحيطها 3 بوابات، ويوجد فيها 12 برجاً، ومحاطة بخندق يصل عرضه 20 متراً، وقد قام اتسز بن أوق أمير السلاجقة بتشيد هذه القلعة عام 1076 ميلاديّة، ثم سيطر عليها أبي بكر الأيوبي وهو شقيق صلاح الدين الأيوبي، وقام باتخاذها مركزاً للخلافة، واتخذها الأيوبيين مكاناً يقيمون فيه عند مجيئهم إلى دمشق وكان ذلك خلال فترة امتدت من 1260 وحتى 1516 ميلاديّة، وقام الإنكشاريين باتخاذها مقرّاً لهم أثناء فترة حكم العهد العثمانيّ، وبعدها تم إنشاء سوق الحميديّة فوق الخندق.

حتما ستسأل :كيف الوصول للجامع الأموي الذي يؤمه الشيخ رحمي كل جمعة ، ستلاحظ أن الشيخ يتحدث عن كل ما تتعرض له سورية وستلاحظ أن إحدى أذنيه غير متواجدة فمنذ عدة سنوات تم اختطافه علي يد الإرهابيين فقتلوا إبنه أمام عينه وقطعوا أذنه اليمنى..يوجد الجامع الأموي بوسط المدينة القديمة في دمشق، كان هذا الجامع في بادية الأمر سوقاً حولة الرومانيين إلى معبد في القرن الأول الميلادي ثم إلى كنسية، وبعد دخول المسلمين إلى دمشق تمّ قسم الكنسية إلى قسمين بالنصف أحدهما كان مسجداً والآخر كنيسةً، وفي سنة 86 هجريّة حول الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك الكنيسة إلى مسجد، وتم إعادة بنائه بالكامل بالإضافة وضع الفسيفساء ككساء له، وقد استغرق 10 سنوات في بنائه، ويمتلك حالياً 3 مآذن كبيرة، وأربع بوابات، وقبة كبيرة، ويعد حالياً رابع أشهر جامع في التاريخ الإسلامي بعد الحرم، والمدينة، والمسجد الأقصى.

وحتما لن تسمع عن أقدم الكنائس الدمشقية ولا تصر علي الذهاب إليه  “بيت القديس حنانيا الرسول” الذي يقع في حارة حنانيا ما بين باب توما وباب شرقي بالقرب من شارع مدحت باشا، المقام عبارة عن حجرة تحت الأرض يُنزل إليها بأكثر من سلم حجري، تعتبر كنيسة حنانيا الأقدم في دمشق بعد الكتدرائية المريمية ومن أقدم الكنائس في العالم تعود للحقبة الرومانية، وتقع تحت الأرض في زقاق أحد الأحياء المسيحية التاريخية العريقة في حي باب توما العريق أحد أحياء دمشق القديمة، وتعود إلى أكثر من 2000 عام.

ولن يفوتك الذهاب لكنيسة بيت الدرة التي تعتبر أول كنيسة تم تشيدها، وتعرف باسم دورا أوروبوس وذلك لاسم المنطقة الموجودة فيها دورا الصالحيّة، وقد وجد بين أرجائها على أقدم رسمة تصويريّة للمسيح، وتوجد حالياً هذه اللوجة في جامعة يالي في نيويورك وتم العثور أيضاً على كتاب تاتانيوس السوري الذي يعتبر أحد المذاهب السبع لنسكيّة المسيحية المكتوب باللغة اليونانيّة.

وكنتيجة لتعاقب الحضارات في سوريا، فإنّ معظم هذه الأقوام القديمة بنت عدداً من المعابد الخاصّة بآلهتم، إذ يوجد معبد جوبيتر الدمشقي الموجود في المدينة القديمة بدمشق، لا زالت حتّى اليوم بعض الأعمدة الموجودة منه، ومعبد المتاعية الموجود في القرية التي تحمل اسم المعبد الموجودة في مدينة درعا نفسه.

ممالك ومدن وقرى

كثيرةٌ هي المدن التي ما زالت أوابدها رابضة في سوريا تحكي قصّة الماضي والحضارة والتاريخ، ولعلّ أشهر تلك الممالك هي مملكة تدمر والتي خلّدت ملكتها زنوبيا اسمها، وتقع في مدينة تدمر في وسط البلاد، وهي مدينة متكاملة في آثارها من أقواس وأعمدة وشوارع ومنحوتات ومدرّجها العظيم، وهنالك مملكة كانا التي تقع في الجهة الشرقيّة من سوريا على نهري الخابور والفرات، وأيضاً مملكة بخياني الآراميّة، والتي أُبيدت بالكامل، اكتشفت في تل حلف، واشتهرت بعاصمتها غوزانا، أيضاً هنالك مملكة أوغاريت الموجودة في رأس شمرا بالقرب من محافظة اللاذقيّة، وقد اكتشفت فيها الأبجديّة الأولى هناك، وهنالك مدينة إيمار الأثريّة، والتي تعود للعصر البرونزي، تقع في الجهة الغربيّة من مدينة الرقّة على نهر الفرات، وهنالك قرية البرة الموجودة في منطقة أريحا في مدينة إدلب، تعود إلى العهد الروماني، وهي غنيّة بآثارها الحجريّة المبهرة، وهنالك العديد من الممالك والمدن كمدينة البيعة توتل الموجودة في الرقّة، ومملكة يمحاض في حلب، وحلف المدن الهيلينيّة المعروف باسم التترابولس السوري والذي ألّفه سلوقس الأول، ومدينة الرصافة الموجودة في البادية السوريّة في الرقة، ومدينة الرفنية الأثرية الرومانية، والمدن المنسية الأثريّة الموجودة بين حلب وإدلب، إضافة إلى مدينة بريكة الموجودة في جبل العرب في محافظة السويداء، ومدينة بصرى الموجودة في درعا والتي تُعتبر مدينة أثريّة متكاملة تحوي مدرّجاً شهيراً.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى