وكالة ناسا مادة خصبة لرسامي الكاريكاتير
كتب د. عبد الرحيم ريحان
فى ضوء ما نشره اليوم السابع عن زعم وكالة ناسا العثور على جسم يشبه تمثال أبو الهول المصرى، على كوكب المريخ،
حيث صورت مقطع فيديو لتكوينات صخرية على المريخ فسرتها بأنها تمثال أبو الهول طوله 200 قدم، نؤكد أن هذه حلقة فى سلسلة مسلسل غربى تذاع علينا حلقاته من فترة لأخرى بهدف تشويه صورة الحضارة المصرية بادّعاء نسبها لكائنات فضائية، ويرصد نماذج من هذه الخرافات ويرد عليها ويوضح أن ما نشرته وكالة ناسا يجب أن نتلقاه على أنه آخر نكتة ونترك لرسامى الكاريكاتير التعبير عنه فهى مادة خصبة لهم
وقد أذاعت القناة الإسرائيلية فى أبريل الماضى إدعاءات كالمتعاد عن بناء الأهرامات بواسطة كائنات فضائية، وذلك بعد فشلهم فى إثبات أى علاقة لهم ببناء الأهرامات وقدموا أدلة واهية منها أن الهرم يحوى ملايين الأحجار وزن الحجر 400كيلو جرام وهذا يعنى أن الحجر يحتاج لعشرة أشخاص كما بنى الهرم بدقة هندسية بارعة فى فترة لم يكن فيها حاسب آلى
كتابات سابقة
وهذه الخرافات ليست وليدة الساعة بل هناك كتابات سابقة ومنها ما ذكره كتاب آخرون يشككون فى بناء المصريين للأهرامات، ومنهم كتاب بريطانى يدعى أن حضارة أطلانتس، الأقدم على المصريين بـعشرة آلاف سنة كما يدّعى، هي من شيدت الأهرامات.
وزعم جيرى كانون ومالكوم هوتون، المؤرخان البريطانيان، لصحيفة إكسبريس البريطانية أن كتابهما حول عجائب الدنيا المتبقية من العالم القديم يشير إلى أن تمثال أبوالهول تم نحته من الصخور الطبيعية بالمنطقة قبل أن توجد الرمال، وأنه سبق حضارة المصريين، حيث يبلغ من العمر 12500 عام، ودللا على عدم بناء الفراعنة للأهرامات بأنه من المستحيل على أي حضارة بناء هرم مثل هذا بافتقاد آلات متطورة مدعين أن خطًا مباشرًا يربط الأهرامات بالقارة المغمورة أطلانتس
ويوضح الدكتور ريحان أن هذا ما تعودنا عليه من وقت لآخر وبقدر ما هى تعبر عن حقد على أعظم حضارة فى تاريخ البشرية وهى الحضارة المصرية القديمة، فهى دعاية طيبة لحضارتنا العظيمة يجب استغلالها فى الترويج السياحى ونشكر هؤلاء على الدعاية المجانية لنا من وقت لآخر
بناء الهرم تأمين ضد البطالة
وبخصوص الشك فى بناء المصريين للأهرامات وأن اليهود أو كائنات فضائية قامت بالبناء، نشير إلى أن الملك خوفو هو أول من أمّن العمال ضد البطالة في التاريخ واتسم عصره بأنه أزهى عصور الدولة القديمة، وقد استفاد من أوقات البطالة البعيدة عن موسم الحصاد والرى والزراعة، وهى مواسم العمل في مصر القديمة، ليقوم العمال بأعمال قومية عظيمة وأعمال إنتاجية ساهمت في الازدهار الاقتصادى في كل مناحى الحياة، وذلك طبقا لما جاء في كتاب “لغز الهرم الأكبر” للدكتور سيد كريم
وأن بناء الهرم كان مشروعًا قوميًا، وأنه وغيره من بيوت العبادة في مصر القديمة نفذت طبقا للقواعد التي أرساها إيمحوتب معبود الطب والهندسة وأول من استعمل الحجر في البناء ووضع نظرياته الإنشائية،
وكان العمال يتسابقون طواعية في العمل على قطع الأحجار من المحاجر، ونقلها والاشتراك في أعمال البناء، وقبل البدء في بناء الهرم قامت الحكومة ببناء مدينة للعمال والفنيين وسوقا للتموين ومخبزًا ومخازن للغلال
مدينة عمال الهرم
وتعتبر مدينة عمال بناء الهرم أول مدينة عمالية في التاريخ تبنى بطريقة الإسكان الجاهز أو سابق التجهيز، حيث تم توحيد نماذج تصميم المساكن لمختلف طبقات العمال والفنيين بتوحيد الأبعاد القياسية والأبواب والشبابيك والأسقف ليسهل تركيبها وفكها. وبعد انتهاء بناء الهرم، أهديت هذه الوحدات للعمال لتركيبها لهم في قراهم وهو ما وصفه مؤرخو عصر الأهرام بنهضة تعمير القرى
الطرق الصاعدة
ونرصد نظريات علماء الآثار والمهندسين التي جاءت في كتاب أسرار الهرم الأكبر لمحمد العزب موسى، حيث أن بناء الأهرامات تم عن طريق الجسور أو الطرق الصاعدة. ومن خلال علماء الآثار سومرز كلارك وأنجلباك في كتابهما فن البناء في مصر القديمة، وإدوارز في كتابه أهرام مصر، الذين أكدوا أثريًا على صحة ما ذكره المؤرخ الإغريقى ديودور الصقلى، الذي زار مصر 60 – 57ق.م. بأن الهرم بنى بالطرق الصاعدة، حيث كانوا يبنون طريقًا متدرج الارتفاع تجر عليه الأحجار ويتصاعد مع ارتفاع الهرم حتى يصل ارتفاعه في النهاية إلى مستوى قمة الهرم نفسها. ويلزم في نفس الوقت أن يمتد من حيث الطول وبعد انتهاء بناء الهرم يزيلون هذا الطريق
ومن الأدلة الأثرية التى تؤكد طريقة البناء بالطرق الصاعدة هو الهرم الناقص للملك سخم – سخت أحد خلفاء زوسر الذي اكتشفه العالم الأثرى زكريا غنيم عام 1953 وهذا الهرم قد أوقف العمل به قبل أن يتم لذلك لم يتم إزالة الطريق الصاعد الذي كان يستخدمه عمال البناء في نقل الأحجار كما عثر على بقايا هذه المنحدرات عند هرم أمنمحات في اللشت وهرم ميدوم
كما ذكر عالم الآثار المصرى أحمد فخرى أن الطريق الذي يصعد فوقه زوار هرم خوفو في الناحية الشمالية للهضبة ليس إلا جسرًا مكونُا من الرديم المتخلف عن بناء الهرم وكان يستخدمه العمال لجلب الأحجار ومواد البناء الأخرى. ويوجد حتى الآن بقايا طريق صاعد آخر على مسافة طويلة من الجهة الجنوبية وقد أقيمت عليه بعض منازل القسم الغربى من قرية نزلة السمان
طرق رفع الأحجار
ونستعرض لنظرية المهندس الأمريكى أولاف تيليفسين في بحث منشور بمجلة التاريخ الطبيعى الأمريكية بأن الآلة التي استخدمها قدماء المصريين في رفع الأحجار تتكون من مركز ثقل وذراعين أحدهما طوله 16 قدم والآخر ثلاثة أقدام ويتم ربط الحجر في الذراع الثقيل بينما يتدلى من الذراع الطويل ما يشبه كفة الميزان ويضع العمال في هذه الكفة أثقالا تكفى لترجيحها على كفة الحجر. وبهذه الطريقة يمكن رفع الأحجار الضخمة إلى أعلى بأقل جهد بشرى ممكن وأقل عدد من العمال وكان هناك عددًا محدودًا من هذه الآلات الخشبية التي يمكن نقلها من مكان لآخر.
وقد أكد عالم الآثار إدوارز على أن قدماء المصريين كانوا يبنون جسرًا رئيسيًا واحدًا بعرض واجهة واحدة من الهرم، وهى الواجهة الشرقية في هرم خوفو وينقل على هذا الجسر الأحجار الثقيلة. أما الجوانب الثلاثة الأخرى فكانت تغطى بمنزلقات وجسور أكثر ضيقا وانحداراً وكانت الجسور الفرعية لنقل العمال والمؤن ومواد البناء الخفيفة
بناء الأجزاء الداخلية للهرم.
وبخصوص طريقة بناء الأجزاء الداخلية في الهرم كالغرف والسراديب، فقد بنيت بالكامل قبل بناء الضخور الخشنة المحيطة بها، فعند وصول الهرم إلى الحد الذي يلزم فيه بناء سرداب أو غرفة أو ردهة فإنهم ينتهون من هذا الجزء أولا، ويستخدمون في بنائه أحجار جيدة مصقولة سواء من الحجر الجيرى أو الجرانيتى، وبعدها يرتفعون بجسم الهرم حول هذا الجزء الداخلى، ويقيمون فوقه السقف إذا كان مسقوفاً أو يتركون فيه الفتحات اللازمة لمواصلة البناء إذا كان ممراً أو دهليزاً يراد اتصاله بجزء آخر يعلوه،
وهذه الطريقة هي التي سمحت بوضع كتل الأحجار الضخمة والتماثيل والتوابيت داخل الغرف، لأن ضخامتها لا تسمح بمرورها من السراديب والدهاليز بعد البناء، مثل الناووس الجرانيتى داخل غرفة الملك والسدادات الجرانيتية الثلاث التي تغلق بداية الدهليز الصاعد والحقائق الأثرية والهندسية السابقة تدحض النظرية المعلن عنها تماما
الحضارة المصرية عمرها عشرة آلاف عام.
وتعتبر الحضارة المصرية القديمة هي أول حضارة على ظهر البشرية نشأت مع ظهور إنسان الحضارة منذ عشرة آلاف عام، وهو الإنسان الذي عرف التشريع ونظام المعاملة وسخر الحيوان وسخر الطبيعة لمصالحه المشتركة، وقد عاش هذا الإنسان في وادى النيل منذ عشرة آلاف عام.
وهذا الإنسان الحضارى استخدم الأدوات الحجرية وعرف الزراعة وأنتج المحاصيل، ولم يكن يعرف الكتابة وكانت نقوشه على الحجر أقرب للطلاسم السحرية وأشكال الزينة وكانت هذه الحضارة مقدمة لازمة لنشأة الحياة الاجتماعية في أطوار الثقافة والحضارة،
وقد عاش هذا الإنسان في عصور ما قبل التاريخ في مصر ثم شرقًا إلى سوريا فالعراق فالهند فالصين فجنوب آسيا فاستراليا فأمريكا. واكتشف المصرى القديم الزراعة على ضفاف النيل، ثم اكتشاف المعادن، واستغل المناجم،
وقد سجل المصرى القديم معالم حضارته العظيمة كنقوش ضخرية على جدران المعابد والمقابر للتعبير عن الجمال، فأنطق الصخر في شكل منحوتات خالدة، وجمع الفنان المصرى بين تمثال رمسيس الثانى وزوجته المحبوبة نفرتارى في منظر فريد حيث تجلس معه في محراب الخلود في واجهة معبدأبوسمبل
حقيقة المدينة السرية.
ونوضح أن أبوالهول لا يخفي مدينة سرية بنيت بواسطة حضارة مفقودة أو أن أبوالهول الذي يقع على السطح الرملي المواجه للهرم الأكبر في الجيزة ربما يكون بوابة مغارة من الأنفاق والممرات التي تقود لمدينة تحت الأرض والتي فقدت.