السيد الدمرداش يكتب: أبن بطوطه في مصر
في القرن الثامن عشر الهجري، والرابع عشر ميلادي، زار ابن بطوطه مصر، وركب النيل من دمنهور متجهاً إلى القاهرة، فقال يصف عظيم ما رأي : ” من هذه المدينة ركبت النيل مصعداً الي مصر، ما بين مدائن وقرى منتظمة، المتصل بعضها ببعض، ولا يفتقر راكب النيل الي إستصحاب الزاد، لأنه مهما أراد النزول بالشاطئ، نزل للوضوء والصلاة وشراء الزاد وغير ذلك، والأسواق متصلة من مدينة الإسكندرية الي مصر.
ومن مصر إلي مدينة أسوان فى الصعيد، ثم وصلت إلي مدينة مصر أم البلاد وقرارة فرعون ذي الأوتاد، ذات الأقاليم العريضة والبلاد الأريضة، المتناهية في كثرة العمارة المتناهية بالحسن والنضارة ، ومجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر ، وبها ما شئت من عالم”.
هو محمد عبد الله الكلبي الاندلسي ولد في مدينة غرناطة عام ١٢٩٤ لأسرة يمنية تنتمي لقبيلة بني كلب العربية، قدمت اسرته الي غرناطة في نهاية القرن الثاني الهجري واستطاعت أن تحتل مكانة بارزة حيث كانت لأحد أجداده مكانة كبيرة فى دولة المرابطين كما تولي جده منصب رئيس القضاء.
زار مدينة الإسكندرية أثناء رحلتة لمصر المحروسة وانبهر بكل مظاهر الحضارة والرقي بها كما وصفها في كتاباته بأوصاف مبهرة تدل على مكانة الإسكندرية وتقدمها في ذلك العصر.
المتأمل لزيارات الرحالة والمفكرين والمثقفين العرب بكافة معتقداتهم وطوائفهم ، يستطيع أن يخلق تواصلاً حقيقياً بين الماضي والحاضر والمستقبل، يستطيع أن يخلق نمطاً سياحياً ثقافياً واجتماعياً وسياسياً بعيداً عن السياحة الأثرية، المتأمل يستطيع أن يفرق بين السياحة الأثرية والتاريخية لأن التاريخ لا ينتهي عند مراحل حكم مصر القديمة ، التاريخ في مصر متعدد ومتنوع الثقافات والحضارات القديمة والحديثة بكل مفرداتها، وهنا يأتي دور المثقفين المصريين ووزارة الثقافه في إبراز الحقب التاريخية التي سجلت زيارات وافكار ومشاعر وانطباع رموز الثقافة العربية في مصر.
أقترح أن تدرس وزارة الثقافة خلق ٱليات لعرض تاريخ الرحالة والمفكرين والمثقفين والرواد العرب الي مصر وكذلك قصص رموز الديانات السماوية ورجالها وحكايات هؤلاء في مصر، هذا الطرح يجعل هناك حالة من التواصل مع الثقافة المصرية لا ينقطع وبالتالي يعزز من العلاقات المصرية العربية ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً.
لابد أن تلعب المراكز الثقافية دوراً في تنمية الوعي المجتمعي بكافة عناصره الأساسية التي تعمل على بث روح الانتماء الوطني في ظل غياب المفاهيم الصحيحة حول قضايا الوطن، وأن تقدم نماذج من تلك القضايا المتعلقة بالثقافة الشعبية ودورها في بناء الوعي.