[ الصفحة الأولى ]كتّاب وآراء

السيد الدمرداش يكتب: حديث “الإفك” في السياحة

يبدو أن صناعة السياحة في مصر، صناعة حساسة، لا تحتمل النقد ، وإن كان بناء، ورجالها ذو حجة واسعة، ولهم سعة في الهمة ،لا يحبذون نقدهم من باب الإصلاح، بعضهم جاء الي الحياة خبيراً، هكذا ولد، مراجعته إثم، لا تنضب أفكاره.

في كتاب المطالعة وجد نفسه بطلاً، وفي كتب الأسفار كان فقيهاً، إن مس النقد مصالحه تصبح الكلمات نقيضة ، وإن جاوزته الأحداث ، يصبح التاريخ عواراً، مفاهيمه عصية علي الفقهاء، لم يقرأ كتاباً، فالقراءة تعني التعلم ، وما هو بحاجة الى ذلك، المفهومية هو مصدرها.

الشك لا يرقي في فقه الي اليقين، واليقين في ثقافته نفق من نور، لا تنضب رؤياه فالتوريث شعاراً تحكمه قوانين الغابة، طالما يملك صبيان تستطيع شراء الذمم، وتغليب المصلحة الخاصة علي العامة كما ذكر ” البُحتري” يسفه من كتابات القوم، ثقافتهم تتعارض مع علم السمسرة والتكويش، وأحاديثهم منقوصة ولا سند لها طالما خلافها جاء ضد مصالحه .

فقه الضرورات تبيح المحظورات لا يردعه بل يستند الي أركانه طالما المحتوى هو رصيده من المكاسب والأرباح والتوسعات، فقه الإفك كان ومازال يخضع بالقول ، في شريعة الغاب تموت النوايا والأفكار الصادقة العظيمة وتحيا ” البكاشة والنعنشه ” غياب الوعي وإدراك المفهوم جزء من وعيه وثقافته، طالما الجهل يسيطر وتصبح خزائنه عامرة، فهو حديث واسع المعني والمغزى، ويترك للشيطان تفاصيل يغزو بها العقل ويغذي بها الروح وتذهب القيم المهنية الي الجحيم طالما تسبب مخاطر مهنية غير محسوبة.

العلامة جلال الدين السيوطي حسم الأمر عندما يتحدث السفهاء تبقي الجاهلية رمزاً للعامة ونوراً ، في شريعة المصالح لا قيم ولا تنجذب الأرواح إن غاب النص المنسوخ.

أحيانا يأخذني الحنين الي مولانا ” البُحتري ” أمام مؤلفاته أعاود إمتصاص الغضب ، وفي كتب المؤرخين تجد مفرًا من الواقع ، وأمام الدهماء تقف على ناصية الواقع المُزري، فأنت تمثل لهم عبء تجاوزه قد تكون نهايته الجحيم، لا حديث يطغى سوى حديث الإفك، الكل متهم حتي تتحد اللغة ، في كتب المؤرخين تجد الإجابه بين السطور ” كارثية ” الميراث مؤصل تأصيلاً، الصراعات، المؤامرات ، كان دانتي ” قسا ” وخرج مرجوماً مقتولاً عندما ثار، وعندما عمل بعقله وكانت قراءاته تتعارض مع تلك المراسيم ذات الهيبة المنقوصة، في عصره كان الجهل والظلام نورا لهم ولم يكن هو سوى مارق.

عصر التكييف العقلي والذهني والمهني والاجتماعي هذه لغة يجيدون نشرها، التغييب إستناره طالما يحقق أهدافا، التنوير جريمة طالما يخلق سؤالا وإستفهاما، لا أعرف لماذا أكتب تلك الكلمات ، ولا أعرف لمن أكتبها، ربما ترتاح الصدور أحياناً وربما تشط العقول أحيانا آخرى.

يقينا أن الروح تصفو عندما تعبر عن مكنوناتها وتظل تسمو طالما تملك أدوات التعبير ، أعتزل جلال الدين السيوطي الحياة والناس في سن الأربعون عاما وكان إنتاجه الفكري والثقافي والادبي يفوق تفاعله في الحياه، وعاشت ثقافته نورا لنا، وكلماته نبراساً لنا ومات جسده علي نيل روضة المنيل، بعد أن ترك لنا ما يقرب من 600مؤلف، إعتزال أحاديث الافك نوراً وبرهاناً، والحفاظ على شرف الكلمة ميثاقا، الكلمة نوراً وما الرجل سوى كلمة ، وما شرف الرجل الا كلمة ، الكلمة فرقان بين نبي وبغي ، الكلمة خلاصنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى