[ الصفحة الأولى ]مال وأعمال

أسباب ارتفاع أسعار السكر في مصر.. تحديات عالمية وتجار مستغلون

تشهد مصر تحديا جديدا وهو الارتفاع الملحوظ في أسعار السكر، مما يثير قلق المواطنين ويعمق الصعوبات التي تواجهها الأسر في تلبية احتياجاتها الأساسية، ويعود هذا الارتفاع إلى عدة أسباب، تتراوح بين التحديات العالمية وجشع كبار التجار، مما يتطلب اتخاذ إجراءات حازمة للتصدي لهذه المشكلة.

في السياق العالمي، يعاني سوق السكر من ارتفاع أسعار السلع الأولية التي يعتمد عليها في إنتاجه، مثل قصب السكر والبنجر. هذا الارتفاع يعزى بشكل رئيسي إلى التغيرات المناخية وتقلبات الطقس التي تؤثر على إنتاج هذه المحاصيل في العديد من الدول المنتجة.

ونستعرض معا أسباب أزمة السكر من خلال عدد من الخبراء، والحلول المطروحة لهذه الأزمة.

بداية.. قال حسين أبو صدام نقيب الفلاحين، إن الأزمة لا تتعلق بالأزمة العالمية لأن مصر تنتج ٩١٪؜ من استهلاكها المحلي، بالإضافة إلى أن استهلاك الفرد من السكر في مصر كبير يصل إلى 34 كيلوغراماً في العام، وهذه الإحصائية تشمل المنتجات المصنعة التي تحتاج للسكر, لذا فاحتياجات البيوت للسكر لا يمكن أن تشكل هذه الأزمة لأنه حتى إذا لم تقم الحكومة المصرية بزيادة إنتاجها من السكر فيمكن أن تغطي احتياجات البيوت العادية وعندها من سيتأثر هو مصانع العصائر والحلوى، معتبرا أن الأزمة تتلخص في الرقابة على الأسعار في الأسواق والرقابة على التجار.

وأكد أبو صدام، أن مصر تُعتبر منتجًا رئيسيًا للسكر في المنطقة العربية وأفريقيا. تعتمد مصر بشكل رئيسي على زراعة قصب السكر لإنتاج السكر. وفقًا لتقارير وزارة الزراعة، فإن مساحة الأراضي المخصصة لزراعة قصب السكر في مصر تتراوح عادة بين 380 ألفا و420 ألف فدان (ما يعادل 153,780 – 169,970 هكتار) سنويًا.

وأضاف أبو صدام، أن ارتفاع أسعار السكر عالمياً أسهم في زيادة الضغط على الطلب المحلي، موضحاً أن نسبة 60 ٪؜من الأسر المصرية تحصل على السكر عبر “البطاقات التموينية” و40 بالمئة من القطاع الخاص. ويصل سعر بيع كيلو السكر المدعم “على البطاقات التموينية” 12.6 جنيهاً، بينما تكلفته الحقيقية بالنسبة للدولة تصل إلى 25 جنيهاً.

وأشار أبو صدام، إلي أن هناك أيضًا ظاهرة التهريب للخارج وتسريب كميات كبيرة من السكر المدعم إلى السوق السوداء. مصر تنتج سنويًا حوالي 2 مليون و800 ألف طن من السكر، في حين يبلغ الاستهلاك السنوي حوالي 3 ملايين و200 ألف طن، ممازدادة العجز بين الإنتاج والاستهلاك بمقدار 400 ألف طن فقط، ويؤدي هذا العجز إلى نقص المعروض في السوق وتفاقم الأزمة.

وفي سياق متصل، قال الدكتور أشرف كمال أستاذ الاقتصاد الزراعي بوزارة الزراعة، إن السوق المصرية يواجه تحديات داخلية تتعلق بالاستغلال التجاري وسوء إدارة التوزيع. يتم استغلال هذه الأزمة التي يعاني منها الناس من قبل كبار التجار الذين يسعون لتحقيق أرباح ضخمة على حساب الأسعار المتفاوتة، ويزداد الإقبال على شراء السكر بشكل كبير في ظل هذا الارتفاع، مما يعزز من الطلب ويتيح للتجار فرصة لزيادة الأرباح.

وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعي، أن مصر تعد أحد البلدان القليلة في المنطقة التي تحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج السكر، حيث تمتلك القدرة على تلبية جزء كبير من احتياجاتها المحلية من السكر، ومع ذلك، فإن الطلب المتزايد على السكر يجعلها في بعض الأحيان تعتمد على واردات إضافية لسد الفجوة بين الإنتاج المحلي والاستهلاك.

وأشار الدكتور أشرف كمال، إلي أنه لمواجهة هذه الأزمة، يجب اتخاذ إجراءات حازمة من قِبَل الحكومة المصرية. يجب أن تعمل الحكومة على توفير تسعيرة جبرية للسكر لضبط الأسعار ومنع استغلال التجار. ينبغي أيضًا تكثيف الحملات الرقابية لمكافحة عمليات التهريب والتلاعب بالأسعار. يجب أن تعمل الحكومة على تحسين إدارة توزيع السكر وضمان توفره بشكل كافٍ في الأماكن المناسبة وبالتوازي مع الطلب.

وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعي، أنه بالاعتماد على هذه الإجراءات، يمكن للحكومة تخفيف ضغط ارتفاع أسعار السكر وتحسين توافره في السوق. يتطلب ذلك تعاونًا قويًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني للتصدي لهذه الأزمة وضمان توفير سلعة أساسية مهمة مثل السكر بأسعار معقولة للمواطنين، مضيفا، أنه يجب أن تكون مكافحة ارتفاع أسعار السكر أولوية قصوى للحكوم، ويجب أن تعمل الحكومة على تنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الإنتاج المحلي وتحسين إدارة التوزيع، بالإضافة إلى تشديد الرقابة وتنفيذ القوانين لمكافحة التلاعب بالأسعار، ومن خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن تحقيق استقرار أسعار السكر وتخفيف الأعباء على المواطنين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى