تاريخ وحضارة

ماذا تعرف عن مدينة بيت الحكمة التاريخية في الجزائر ؟

محمد صالح بنحامد

خلال جولتنا الاستطلاعية في الشرق الجزائري نتوقف اليوم في مدينة تاريخية عريقة ضمن محور السياحة الدينية والمزارات الاسلامية في إطار تغطيات الإعلام السياحي .

تعتبر “قجال” بلدية مهمة، بل ومن أهم بلديات ولاية سطيف، فهي أكبر بلدية من حيث المساحة، في الولاية، ويوجد بها زاوية علمية يرجع تاريخ تأسيسها إلى القرون الهجرية الأولى، تقع في الجنوب الشرقي لولاية سطيف، ذات موقع إستراتيجي هام جدا، تحدها 7 بلديات: سطيف، مزلوق، قلال، بئر حدادة، عين لحجر، وبازر صخرة (بازر سكرة)، وأولاد صابر.

وكانت تسمى هذه المدينة عبر مراحل تأسيسها الطويل ڤـجال ، أو إيڤـجان أو دار الهجرة ، وبيت الحكمة ، أو بلاد سيدي مسعود ، تلك هي الأسماء التاريخية التي أطلقت على منطقة ڤـجال.

قجال هي بلدية جزائرية تابعة إقليمياً وإدارياً لـدائرة قجال الكائنة في ولاية سطيف والتي تقع شمال شرق الجزائر، يبعد مقرها عن عاصمة الولاية مدينة سطيف بحوالي 12 كلم، وعن الجزائر العاصمة بـ 300 كلم.

ويبلغ تعداد سكانها قرابة 33,685 نسمة وفقاً لإحصاء سنة 2008م مساحة الأراضي الموجهة للحبوب بها تقدر بـ 7.300 هكتار أي ما يمثل نسبة 4,27 بالمئة من المساحة الكلية الموجهة للحبوب بولاية سطيف.

مناخيا ، تتميز منطقة قجال بكثافة الغطاء النباتي، وتنوع أصنافه ، ويعكس هذا الغطاء النباتي الظروف المناخية وخصائص التربة السائدة في المنطقة ، التي تشكل العناصر الأساسية في رسم الصورة النباتية حيث ينتشر في المنطقة أصناف النادرة من النباتات والأشجار.

إن منطقة ڤجال بزاويتها العتيدة، هي إحدى المعالم التاريخية لمنطقة سطيف، إن لم نقل في كامل القطر الجزائري، والدليل على ذلك أن أقدم وثيقة تعود لزاوية بن حمادوش بقجال لها أكثر من تسعة قرون، بالتاريخ الهجري، هذه الوثيقة تحدد القرن الخامس الهجري كتاريخ لتخصيص السيد محمد الكبير (أحدأحفاد سيدي مسعود) بأراضي محبوسة عليه، من قبل سلاطين المحروسة الجزائر، وتذكر أنه خصص زاويته ببعض الأراضي.

أما الوثيقة الثانية وهي أيضا من وثائق الزاوية، فمؤرخة في أواسط ذي القعدة، عام ثمانية وثمانين وثمانمائة هجرية (888 هـ/ 1483م).

وتوجد وثيقة ثالثة يعود تاريخها إلى شهر شوال سنة (931هـ/1524 م)، أما الوثيقة الرابعة التي تعود للزاوية فهي أوضح من الوثائق السابقة ومؤرخة في (1230 هـ / 1815 م) وتحدد الأراضي الفلاحية الموقوفة على أصحاب الزاوية. ونظرا لهذا التاريخ الممتد في أغوار الزمن، وفي محطات التاريخ، فإن منطقة ڤجال بزاويتها العتيقة، وكل المنطقة المحيطة بها، تستحق أن يهتم بتاريخها، المؤرخ المتخصص، يقرأ وثائقها، ويبحث عن آثارها، ويجمع قصص النساء، وروايات الأجداد والشيوخ وحكايات الجدات، وأمثالهم السائرة وأهازيجهم وأشعارهم في الأفراح والأتراح، والمناسبات المختلفة، ويتفحص عادات الناس فيها، ليعيد قراءة تاريخ هذه المنطقة، وبعث روح الحياة الكامنة في أعماق نفوس أهلها، التي تكن لڤجال كل الحب والتقدير والتقديس.
ولعل ذلك يكشف التاريخ الحقيقي لنشأة مقبرة ڤجال وشخصية سيدي مسعود، وسر اغتيال أحفاده (سبع رقود)، كما يمكن كشف سر القول المأثور:«ڤجال ما يخلى والعلم ما يخطيه» (قجال لا يهجر والعلم لايتركه).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى